التحفيزات الحكومية تفتح أبواب انتعاش سوق العقارات المغربي

رجح محللون أن يتجه سوق العقارات المغربي صوب الانتعاش بشكل أكبر خلال الفترة المقبلة بفضل التحفيزات الحكومية التي تم الإعلان عنها مؤخرا لتملك المساكن، الأمر الذي سيحرك أعمال شركات التطوير التي عانت من الركود بسبب التكاليف الباهظة.

يخطط المغرب لتقديم دعم مالي خلال العام المقبل لصالح الأسر من الطبقتين المتوسطة وذات الدخل المنخفض التي ترغب في شراء مسكن، ما يجعل سوق العقارات يتجه إلى التعافي بعدما مر بفترة على وقع الترقب.

وأكدت وزارة الإسكان أن الدعم البالغ قيمته 9.5 مليار درهم (925 مليون دولار) سيمتد للفترة 2024 حتى 2028، لتعويض النظام المعمول به سابقا بمنح إعفاءات ضريبية للمطورين العقاريين، حيث كان المبدأ يقوم على دعم العرض عوض الطلب.

وأوضحت أن البرنامج سيمكن من تسهيل استفادة الطبقات الاجتماعية ذات الدخل المنخفض والطبقة المتوسطة من الحصول على سكن، وتقليص العجز السكني.

وانكبت وزارة الإسكان منذ أشهر على مراجعة الآليات الشاملة للتعاقد الخاص بالسكن الاجتماعي وسكن الطبقة الوسطى، والتي تهدف إلى دعم القدرة الشرائية للمستفيدين، عبر حلول مبتكرة تقوم على طرق تمويل جديدة تفضي إلى الحصول على عقار ميسر وملائم.

 

عادل بوحاجة: نترقب طلبا كبيرا وهو ما سيجعل 2024 سنة تشييد وبيع

وقال عادل بوحاجة، نائب رئيس الفيدرالية الوطنية للمطورين العقاريين، لبلومبرغ الشرق إن “البرنامج يستهدف الطبقتين المتوسطة وذات الدخل المنخفض التي تمثل 70 في المئة من إجمالي السكان، ما سينتج عنه طلب كبير وبالتالي خلق انتعاشة في القطاع”.

وتشير تقديرات الحكومة إلى أن الدعم المالي سيشمل نحو 100 ألف مستفيد بداية من يناير المقبل، حيث سيتم تقديم منح مالية قدرها 100 ألف درهم (9700 دولار) لمشتري المساكن التي يقل سعر كل منها عن 300 ألف درهم.

وينخفض الدعم النقدي الممنوح إلى 70 ألف درهم (6800 دولار) للمسكن الذي يتراوح سعره بين 300 و700 ألف درهم مع احتساب الرسوم.

وأطلق المغرب عددا من البرامج السكنية مثل مدن بدون صفيح، وبرامج تعاقدية للسكن الاجتماعي وغيرها من أجل الحصول على سكن لائق.

ومن بين برامج السكن المنخفض عرض بقيمة 140 ألف درهم (14.8 ألف دولار) لشراء بين 40 و55 مترا والموجه للأسر القاطنة في الأحياء العشوائية والمنازل الآيلة للسقوط والأسر ذات الدخل المحدود، حيث أنجز ما مجموعه 28.5 ألف وحدة سكنية.

وهناك برنامج السكن الاجتماعي بتكلفة تبلغ 250 ألف درهم (26.5 ألف دولار)، للشقق ذات المساحة بين 48 مترا وحتى 55 مترا، موجهة للفئة التي ليس لديها سكن، حيث تم إنجاز تحت هذا الباب أكثر من 496.6 ألف وحدة سكنية.

ويشير بوحاجة إلى أن الدعم المالي المباشر كان مطلب المطورين العقاريين منذ سنوات، وهو ما سيوجد منافسة وجودة أكبر في السوق، وفي جميع المدن حيث تتفاوت أسعار العقارات، لذلك نترقب طلبا كبيرا وهو ما سيجعل عام 2024 سنة تشييد وبيع.

وفتحت الحكومة الباب للاستفادة من هذا البرنامج للمغاربة المقيمين والمغتربين الذين لا يملكون مسكنا في المغرب، ولم يسبق لهم الاستفادة من مساعدة خاصة بالسكن.

واشترط مشروع ميزانية 2024 على الراغبين بالحصول على الدعم أن تُخصص الوحدة موضع الشراء كمسكن رئيسي للمواطن لمدة خمس سنوات.

وكان رئيس الحكومة عزيز أخنوش قد اعتبر خلال كلمة أمام البرلمان في نوفمبر الماضي أنّ الإعفاءات الضريبية الممنوحة للقطاع العقاري “يصعب تقييم أثرها الاقتصادي والاجتماعي، لذلك جرى اعتماد صيغة الدعم المالي المباشر للأسر”.

 

ووفق البيانات الحكومية، بلغت قيمة الدعم النقدي المباشر العام الماضي 6.5 مليار درهم (نحو 600 مليون دولار).

ويعاني القطاع العقاري منذ أكثر من ثماني سنوات من صعوبات تفاقمت أكثر منذ عام 2020 بسبب تداعيات الجائحة، وما تلاها من تضخم أثّر على القدرة الشرائية للأسر، وفق تقرير أصدرته فالوريس سيكيوريتيز للتحليلات المالية والاقتصادية في المغرب.

ويمثّل قطاع العقارات ما يناهز 5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في البلاد، واستفاد لفترة طويلة من دينامية بدأت عام 2005 مع تطور المدن الكبرى.

وكانت القروض المصرفية الجارية الممنوحة للمطورين العقاريين قد بلغت أعلى مستوى عند 70.5 مليار درهم (6.8 مليار دولار) في 2012، لكنه انخفض إلى حوالي 5 مليارات دولار في أغسطس الماضي، وفقا لمعطيات بنك المغرب المركزي.

وبحسب تقرير سيكيوريتيز الصادر الأسبوع الماضي، يرجع هذا الانخفاض إلى مواجهة المطورين العقاريين لصعوبات في الحصول على التمويل من القطاع المصرفي في السنوات الماضية، مع توقف برامج الإعفاء الضريبي من الدولة.

لكن خبراء الشركة توقعوا في تقريرهم أن “يكون عام 2024 نقطة تحول للقطاع إذا نجح برنامج الدعم الجديد في رفع الطلب على المساكن من قبل الأسر من الطبقة المتوسطة”.

 

إدريس الفينة: البرنامج الجديد مبني على فلسفة تقوم على دعم الطلب

ولسنوات طويلة كان المغرب يوقّع اتفاقيات مع المطورين العقاريين لإنجاز مساكن بشروط محددة من حيث المساحة والجودة مقابل الاستفادة من إعفاءات ضريبية.

وأفاد الخبير الاقتصادي المغربي إدريس الفينة في تصريح لبلومبرغ الشرق بأن “البرنامج الجديد مبني على فلسفة جديدة كليا تقوم على دعم الطلب عوض دعم العرض الذي كان معتمدا في السابق”.

وتعوّل الحكومة على البرنامج الجديد لتقليص العجز السكني، حيث يُتوقع أن يرتفع معدل تشييد الوحدات السكنية بنسبة 10 في المئة العام المقبل من 116 ألف وحدة كمتوسط في السنوات الماضية.

ويرى الفينة أن البرنامج الجديد “سيخلق تنافسا كبيرا بين المطورين العقاريين لتوفير المساكن بأفضل جودة وسعر”.

وأضاف “ليس هناك دفتر شروط، الطلب هو الذي سيوجه العرض، وهو ما سيجعل الاستفادة أيضا تشمل أكبر عدد ممكن من المدن وحتى المناطق الريفية”.

وعانت شركات البناء التي تعمل على إنجاز مشاريع حكومية من أزمة سيولة تهدد استمرارها، بسبب تداعيات ارتفاع أسعار المواد الأولية، الأمر الذي دفعها إلى طلب تمديد آجال تنفيذ المشروعات لمدة نصف عام.

وسبق أن أكد محمد محبوب، رئيس الاتحاد الوطني للبناء والأشغال العمومية، الذي يمثل 7 آلاف شركة خاصة تعمل في قطاع البناء في إطار الصفقات العمومية، أن “القطاع لا يزال يعاني من تداعيات الوباء والحرب في شرق أوروبا ما دفع شركات إلى الإفلاس”.

ويوفر قطاع البناء والأشغال العمومية بالبلاد نحو 1.2 مليون فرصة عمل، ووصل متوسط قيمة المشاريع، التي أُنجزت في السنوات بين 2018 و2021، إلى نحو 5.7 مليار دولار.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: