المغرب تحت أنظار العالم: ثورة في البنى التحتية تسبق مونديال 2030

تتجه أنظار العالم إلى المغرب الذي بدأ مبكرا الاستعداد لاستضافة مونديال 2030، بينما اكتسب المزيد من الثقة الدولية على ضوء نجاحه في تنظيم فعاليات دولية كبيرة كان آخرها استضافة اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين في مراكش بعد فترة من فاجعة زلزال الحوز وهي الكارثة التي أدارتها السلطات المغربية باقتدار ولم تمنعها من تنظيم أكبر فعالية مالية دولية.

وسلط فوز المغرب شراكة مع اسبانيا والبرتغال بتنظيم كأس العالم 2030 الضوء على استعدادات المملكة لهذا الحدث وأصبح محل اهتمام كبرى الصحف الدولية وأكثرها المختصة في الرياضة.

وكانت الملحمة الكروية التي سطرها منتخب أسود الأطلس في مونديال قطر 2022، قد أثارت اهتمام الرأي العام الرياضي في العالم وكذلك اهتمام المستثمرين بالوجهة المغربية بعد سيل من التقارير الإعلامية الدولية عن التحولات التي قادها العاهل المغربي الملك محمد السادس والتي شملت جميع المجالات الاجتماعية والاقتصادية والرياضة وأحدثت نقلة نوعية في البنى التحتية.

وسُلطت الأضواء أيضا على بيئة الاستقرار السياسي والأمني وعلى مقاربة الملك محمد السادس الاقتصادية والاجتماعية وعلى الدبلوماسية الهادئة التي قادت المملكة لتعزيز علاقاتها الخارجية مع دول العالم وأرست ووسعت قواعد الشراكات مع الفاعلين الدوليين.

ثورة في البنية التحتية والمنشآت الرياضية

ويعتبر تعزيز وتطوير البنية التحتية أساسا لصناعة النجاح لذلك يخطط المغرب لثورة في هذا القطاع يعزز من خلالها الانجازات السابقة للحدث الكروي، من خلال العمل على تطوير الناقل الجوي الوطني وتعزيز قدراته وأسطوله والبنى التحتية ذات الصلة والمنشآت الرياضية التي من المقرر أن تستضيف عددا من مباريات المونديال.

ودخل المغرب في سباق ضد الساعة تحضيرا لأكبر فعاليتين كرويتين عالميتين هما كأس أمم أفريقيا 2025 وكأس العالم 2030 بعد أن فاز بشرف تنظيمهما، الأول خاص على أراضيه والثاني شراكة مع اسبانيا والبرتغال مع لعب بعض المباريات في أميركا اللاتينية.

والحدث يبدو كبيرا والرهان على النجاح التنظيمي يبدو أكبر، لكن المغرب اعتاد على التعاطي مع فعاليات دولية كبيرة باقتدار أمنيا ولوجستيا وتنظيميا واكتسب خبرة وثقة عالمية عالية.

وتتحرك السلطات المغربية على أكثر من جبهة تفاعلا وانسجاما مع التوجيهات الملكية ومع رؤية استشرافية وتخطيط محكم أرسى دعائمها العاهل المغربي الملك محمد السادس ضمن تحولات ضخمة تشهدها المملكة على أكثر من صعيد بما فيها قطاع الرياضة.

وتؤكد كل التوقعات أن استضافة المغرب لأمم افريقيا 2025 ومونديال 2030 ستحدث نقلة نوعية من شأنها أن تعزز رصيد المملكة كأحد أهم الوجهات الآمنة للاستثمار والسياحة وبما يؤسس مبكرا لأطر عمل واثق ووازن وإجراءات عملية ملائمة تشريعيا وأمنيا ولوجستيا.

وتدرك السلطات المغربية أن تعزيز وتطوير البنية التحتية بشكل يتلاءم مع الحدثين هو مفتاح النجاح لذلك تعمل على أكثر من محور لتحقيق الأهداف استنادا للرؤية الملكية التي رسمت الخطوط العريضة وعناوين المرحلة الحالية والقادمة.

وتشير أحدث تصريحات للمدير العام للخطوط الملكية المغربية إلى أن العمل بدأ بالفعل على هذا المحور من خلال إطلاق عروض لاقتناء 200 طائرة لتحويل الشركة إلى ناقل جوي عالمي يحتل المركز الأول في إفريقيا.

ويتطلب بلوغ هذا الهدف توسيع وتهيئة عدة مطارات في المملكة للتجاوب السريع مع متطلبات مونديال 2030 تحديدا، فأمام الجهات المعنية نحو خمس سنوات لتحقيق هذا الانجاز الذي سيمثل تحولا نوعيا في سياق تحولات اقتصادية ضخمة.

ويرى البعض أن الأمر يتطلب إمكانيات مهولة وتمويلات ضخمة قد تثقل كاهل الدولة لكن معظم الآراء تجمع على أن المغرب كسب عدة رهانات في السابق في مشاريع كان ينظر إليها على أنها حلم صعب التحقيق، مشيرين إلى أن الطموح مشروع لبلوغ أعلى المراتب وأن المكاسب والعائدات الاقتصادية والإيرادات المالية ستكون كبيرة.

واستند هؤلاء إلى أن المملكة كسبت الرهان الرياضي بعد سنوات من إطلاق أكاديمية الملك محمد السادس لكرة القدم وأن العمل توج بملحمة كروية سطرها أسود الأطلس في مونديال 2022 بالدوحة أعقبته ملحمة أخرى سطرتها لبوءات الأطلس في مونديال السيدات الأخير وأن التحديات التي كانت قائمة لم تكسر إرادة صناعة النجاح وبلوغ الأهداف.

ويجري التركيز الآن على توسعة عدة مطارات يتقدمها مطار الدار البيضاء الذي من المتوقع أن يصبح أكبر مطار في افريقيا، بينما تتضمن خطة التطوير بلوغ عدد مقاعد الناقل الجوي بعد تعزيز الأسطول بعشرات الطائرات الجديدة، 38 مليون مقعد صعودا من 13 مليون حاليا.

وبحسب ما أوردته تقارير محلية نقلا عن جهات مسؤولة، يجري العمل أيضا على رفع عدد المسافرين على متن طائرات الخطوط الملكية المغربية من 7.5 ملايين مسافر إلى أكثر من 31 مليون ، بينما يوقع أن يرتفع عدد الوجهات من 99 إلى 143 وجهة، وفق الخطة.

بالإضافة إلى ذلك ، فإن مشاريع توسعة عدة مطارات انطلقت على رأسها مطار الدار البيضاء ، الذي سيصبح أكبر مطار في إفريقيا.

وتشمل الأشغال المبرمجة أيضا توسعة مطاري تطوان والرباط ببناء محطتين جديدتين. وبينما ستفتح المحطة الجديدة في مطار تطوان في العام 2026 لتضاعف سعة المطار خمس مرات، سيتم افتتاح المحطة الجوية الجديدة لمطار الرباط في العام 2024 وستكون سعتها نحو 4 ملايين مسافر.

وستضاعف شركة الطيران المغربية طواقمها من الموظفين بنحو ثلاث مرات ليصل إلى 10 الاف موظف.

أشغال التوسعة ستشمل كذلك توسعة مطار أكادير من خلال بناء محطة جوية جديدة تصل سعتها إلى مليونين و700 ألف مسافر (2.7 مليون مسافر) سنويا لترتفع معه اجمالي سعة المطار إلى 4.4 ملايين مسافر.

وضمن الجهود التي لا تهدأ في سباق ضد الساعة، يخطط المغرب كذلك لبناء محطة جوية جديدة في مطار الدار البيضاء بسعة 13 مليون مسافر سنويا، وبذلك سترتفع سعة المطار إلى 30 مليون مسافر سنويا ارتفاعا من 28 مليون مسافر حاليا، ما يؤهله للتحول إلى أكبر مطار في إفريقيا.

كما سيتم بناء محطة جوية في مطار طنجة وأخرى في مطار مراكش ضمن أشغال التوسعة الشاملة، لتصح طاقة الاستيعاب الإجمالية لعدد من المطارات المغربية بحلول موعد مونديال 2030 نحو 60 مليون مسافر.

وتشير هذه الخطة إلى تحول ضخم في البنية التحتية للمطارات المغربية وللناقل الجوي الوطني وهو ما يعطي دفعة قوية لبرامج التنمية في المملكة.

وإضافة إلى ذلك حرك فوز المغرب واسبانيا والبرتغال بتنظيم مونديال 2030 مشروع الربط القاري عبر نفق بحري بين الدار البيضاء ومدريد بما يشمل خط لسكك الحديد قبل فترة من انطلاق كاس العالم لكرة القدم.

وسيكون هذا المشروع أحد المشاريع الضخمة في العالم ويتيح في المدى المنظور لكل من المغرب واسبانيا عائدات ضخمة.

وإلى جانب الثورة المتوقعة في البنية التحتية للنقل، يعمل المغرب على تطوير المنشآت الرياضية وتعزيزها بملعب جديد هو ملعب بنسليمان قرب الدار البيضاء والذي من المتوقع أن يكون من أكبر وأهم المنشآت والطرازات الرياضية في العالم.

وبالنسبة لبقية الملاعب التي من المقرر أن تستضيف عدة مباريات، لن تكون هناك أشغال بناء كبيرة بل تهيئة وتوسعة وفقا للمعايير الدولية، فيما سيتم بالنسبة لملعب الرباط استقدام الأجزاء والمدرجات والسقف وغيرها جاهزة وتركيبها وهي تقنية متطورة أصبحت معظم دول العالم تعتمد عليها في مثل هذه الأحداث الكروية مثلما فعلت قطر خلال استضافتها فعاليات مونديال 2022.

وكان فوزي لقجع رئيس لجنة مونديال 2030 قد أوضح مؤخرا أنه سيجري إعادة تهيئة لعدة ملاعب قبل نهائيات كأس العالم إضافة إلى بناء ملعب جديد كبير في مدينة الدار البيضاء، مضيفا أن الملاعب المرشحة لاستضافة المباريات لن تقل طاقتها الاستيعابية عن 55 ألف متفرج بينما ستبلغ الطاقة الاستيعابية لملعب بنسليمان أكثر من 110 آلاف متفرج.

صحيفة ماركا الاسبانية سلطت في عددها الأخير الضوء على الملعب الجديد في مدينة بنسليمان باعتباره أكبر الملاعب والانجازات ويعتبر صرحا رياضيا عالميا بطاقة استيعاب كبيرة، بينما لم يتضح بعد ما إذا كان سيستضيف مباراة النهائي، لكن الصحيفة الاسبانية أشارت إلى أنه يثير مخاوف الأسبان الذين يراهنون على أن تكون مباراة النهائي في ملعب سانتياغو بيرنابيو بمدريد.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: