سفيرة جديدة للمغرب بفرنسا بخلفية صحافية تنتظرها مهمة دبلوماسية صعبة

ماموني

يؤشر تعيين المغرب لسفيرة جديدة له لدى باريس، بعد نحو عشرة أشهر من الفراغ الدبلوماسي، حسب المراقبين، على تحسين الروابط الدبلوماسية بين البلدين وتجاوز مرحلة الجمود والتوتّر، كما قد يعزز موقف باريس في الالتحاق بركب الدول المعترفة بسيادة المغرب على صحرائه وفي مقدمتها إسبانيا.

عيّن العاهل المغربي الملك محمد السادس، الخميس، سميرة سيطايل سفيرة جديدة للمملكة في باريس، بعدما ظل هذا المنصب شاغرا لأشهر في سياق جفاء دبلوماسي بين الدولتين.

ويأتي تعيين سيطايل في سياق أزمة بين البلدين لا تزال مستمرة، باعتبارها تحمل موقفا صارما من أي تجاوزات للإعلام الفرنسي المدعوم والمعبر عن رأي الحكومة في عدد من القضايا الخلافية مع المغرب. وسيطايل صحافية سابقة شغلت لعدة أعوام منصب مديرة الأخبار في القناة التلفزية العمومية الثانية “دوزيم”، ولم يسبق لها أن تولت مهام دبلوماسية.

ففي ما يتعلق بقضية الوحدة الترابية وتأخر باريس في السير على نهج الدول الكبرى في الاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه، قالت سيطايل في لقاء مع إحدى وسائل الإعلام الفرنسية الشهر الماضي، “اليوم، قرر المغرب فرز أصدقائه وأعدائه من خلال موقفهم من قضية الصحراء المغربية والتي قال الملك محمد السادس بأنها المنظار الذي يقيس به علاقاته الخارجية”.

 

محمد الطيار: التعيين الجديد مؤشر على إعادة الدفء إلى العلاقات
محمد الطيار: التعيين الجديد مؤشر على إعادة الدفء إلى العلاقات

 

ويبدو أن السفيرة الجديدة تملك خلفية شاملة للملفات المحددة التي ستباشر في معالجتها مع المسؤولين الفرنسيين، حيث أوضحت أن “المغرب قرر عدم قبول الخطابات المزدوجة من شركائه”، مذكرة بأنه “وفي سنة 2007، كانت فرنسا من أوائل الدول التي صادقت على خطة الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية، ولكن منذ ذلك الحين لم يتقدم الموقف الفرنسي خطوة واحدة، على عكس إسبانيا، التي تعترف الآن بسيادة المغرب الكاملة على صحرائه”.

وأكد محمد الطيار، الباحث في الدراسات الإستراتيجية والأمنية، أن “التعيين له دلالات خاصة، حيث يأتي بعد استقبال العاهل المغربي للسفير الفرنسي قبل أيام لتقديم أوراق اعتماده رسميا، وهو ما يعطي إشارات واضحة على تغيير مرتقب في العلاقات بين الدولتين التي تمر بمرحلة أزمة غير عادية، وكذلك مؤشرا على إعادة الدفء إلى العلاقات بعد مسار من الشد والجذب، الذي ظهر جليا في تعامل فرنسا مع زلزال الحوز وردود الدبلوماسية المغربية”.

وأوضح في تصريح له أن “التعيين يعزز المعطيات التي تؤكد قرب إعلان فرنسا عن موقف من قضية الصحراء المغربية تخرج به من المنطقة الرمادية وتلتحق به، بالولايات المتحدة الأميركية وإسبانيا وإسرائيل وغيرها من الدول التي حسمت موقفها الرسمي من سيادة المغرب الكاملة على أقاليمه الجنوبية”.

ولفت إلى أن “ملء شغور منصب سفير المغرب بفرنسا من طرف سميرة سيطايل هو إجابة دبلوماسية على الحملات الإعلامية الفرنسية على المغرب ومحاولة استهداف مؤسساته الأمنية وغيرها، في محاولة منها لابتزازه من جهة وتجاوز مطلب الخروج بموقف واضح مساند لسيادة المغرب على صحرائه من جهة أخرى”، مضيفا أن “هذا مرتبط بطبيعة العلاقات بين الدولتين، التي يشكل فيها الإعلام الفرنسي المرتبط باليسار والذي يخدم أجندة الجزائر بشكل واضح دورا مهما في العلاقة بين الدولتين، فالإعلام الفرنسي يشكل يد الدولة العميقة ومترجم بشكل سافر توجهاتها الخارجية، وقد عمل بشكل كبير على المس بسمعة مؤسسات الدولة المغربية، لذلك تعيين سفيرة بخلفية إعلامية يعد رسالة واضحة للوبي الإعلامي الفرنسي الذي لا يزال يسيطر عليه اليسار والذي يعتبر الجزائر امتدادا لفرنسا”.

وراكمت سميرة سيطايل تجربة في مجال الاتصال السمعي البصري تمتد لاثنتين وثلاثين سنة، وهي خريجة جامعة باريس ديديرو (باريس7) في تخصص اللغة والحضارة الأميركية، والمدرسة العليا للإخراج السمعي البصري، أهلتها لتشغل منصب مديرة الأخبار (2001 – 2008)، ثم المديرة العامة المساعدة المكلفة بالأخبار بالقناة التلفزية الثانية إلى غاية استقالتها في العام 2020.

من العار أن يتضامن العالم كله مع المغرب، باستثناء بلد “صديق” استغل هذه الأزمة للهجوم علينا وحاول مصادرة رأي المغاربة المعنيين بالأمر

وبرز اسم السفيرة الجديدة ونالت إشادة واسعة بعد مرورها في برنامج فرنسي سياسي على قناة “بي.أف.أم.تي.في”، أيام فاجعة الزلزال التي ضربت المغرب في الثامن من سبتمبر الماضي، حيث ردت سيطايل بقوة وبلغة يفهمها المشاهد الفرنسي، على المغالطات التي نشرتها وسائل الإعلام الفرنسية، مؤكدة أنه “من الخطير القول إن المغرب رفض المساعدة من دولة ما”، معتبرة ذلك بمثابة دعوة إلى نشر الفتنة بين المغاربة.

وعلى مستوى التعاطي الإعلامي الفرنسي مع قضايا المملكة فمهمة سيطايل في الدفاع عن قضايا المغرب ستكون من داخل فرنسا، خصوصا تأكيدها أنه في خضم المأساة، غامرت “فرانس 24″، وهي وسيلة إعلام تديرها وزارة الخارجية الفرنسية، باستدعاء معارضين وهميين للنظام المغربي يسهبون في خطابات تتم إعادة صياغتها وتفصيلها على مقاس هذا النوع من المناسبات مثل زلزال الحوز.

وأشارت سميرة سيطايل إلى أن جزءا من وسائل الإعلام الفرنسية قد تلقى توجيهات بأن يتبنى نفس الخطاب ونشر مقالات تتعلق بالصمت المفترض للعاهل المغربي والتكهنات حول محنة المتضررين من الزلزال، قائلة “نحن في وضع أفضل من الصحافة الفرنسية لمعرفة مشاكلنا، ونحن نعرفها جيدا”.

وشددت المتحدثة على أنه من العار أن يتضامن العالم كله مع المغرب، باستثناء بلد “صديق” استغل هذه الأزمة للهجوم علينا وحاول مصادرة رأي المغاربة المعنيين بالأمر، في وقت كانت جثث الضحايا لا تزال ساخنة، مشيرة إلى أنه “يجب أن تسود الدبلوماسية الإنسانية في مثل هذه الأزمات، وليس الصراعات السياسية”.

ومن موقعها السابق ساهمت سيطايل في النهوض بالصحافة السمعية البصرية بالمغرب وفي بلدان أفريقية، حيث قامت بعدد من المهمات، خاصة في مجال التكوين لدى مجموعة من المنظمات غير الحكومية أو العمومية، كما أنجزت عددا من الأشرطة الوثائقية والروبورتاجات الكبرى، التي مكنت من نقل نظرة أكثر دقة حول الجالية المغربية المقيمة بالخارج

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: