مصر أمام معضلة فتح الحدود أمام سكان غزة المهددين بالتهجير

تشير التقارير إلى تكثيف إسرائيل استعداداتها لعملية اجتياح بريّ لغزة، حيث تصطف المدرعات الإسرائيلية على نقاط حدودية مع القطاع المحاصَر تأهُّباً للانقضاض عليه. وفي حال أقدمت القيادة الإسرائيلية على اتخاذ قرار هذا الاجتياح البريّ فلن يكون أمام سكان غزة من المدنيين سوى الفرار باتجاه الحدود المصرية ومعبر رفح.

وضعت الحرب بين حركة حماس وإسرائيل مصر أمام معضلة فتح حدودها أمام سكان غزة باعتبارها المنفذ الوحيد لهم إلى العالم الخارجي الذي لا يخضع لسيطرة إسرائيل، وما يمثله ذلك من مخاطرة في حال عدم سماح الدولة العبرية لهم بالعودة.

وصباح الجمعة، طلب الجيش الإسرائيلي من سكان مدينة غزة إخلاء المنطقة والتوجه إلى جنوب القطاع (متاخم للحدود المصرية)، ما قوبل باستنكار محلي ودولي واسع ووُصف بـ“التهجير القسري الثاني للفلسطينيين”.

ولا يعد المنفى أمرا يسيرا خصوصا وأن أكثر من 80 في المئة من سكان القطاع المحاصر البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة، تعرضوا للطرد من بلداتهم القريبة من الجيب الفلسطيني عند قيام إسرائيل في عام 1948.

وأعلنت مصر الجمعة رفض دعوات إسرائيل لسكان غزة إلى المغادرة جنوبا، محذرة من “تبعات خطيرة”.

وفي السابع من أكتوبر أطلقت حركة حماس عملية “طوفان الأقصى” التي توغّل خلالها مقاتلوها في مناطق إسرائيلية ودخلوا مواقع عسكرية وتجمعات سكنية وقتلوا أشخاصا وأسروا آخرين.

وقتل ما لا يقل عن 1300 شخص في إسرائيل منذ بدء هجوم حماس السبت الماضي، وبينهم 258 جنديا، وفق آخر حصيلة للجيش الإسرائيلي.

دعوة إسرائيل للمدنيين في غزة للمغادرة إلى جنوب القطاع تهدف إلى تصدير المعضلة إلى الجانب المصري

وأما في قطاع غزة المحاصر، فقتل 1799 شخصا بينهم 583 طفلا جراء القصف الإسرائيلي المكثف ردا على العملية، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس. وقطعت إسرائيل إمدادات الغذاء والماء والكهرباء عن القطاع.

وعلى الرغم من سقوط هذا العدد من الضحايا، يبدو أن معظم الفلسطينيين يرفضون المغادرة.

وقال الأب الفلسطيني المكلوم جمال المصري لوكالة فرانس برس الخميس “كنا نائمين. فجأة، أصبح الحي بأكمله تحت قصف الاحتلال. دمّر منزلي ومنزل أخي وأهلي وعدد من الجيران… دُمّرت بالكامل”. وأضاف “سنبقى صامدين ولن نخرج من غزة. هذا قدرنا”.

وإلى ذلك كتب السياسي الفلسطيني المقيم في الخليج محمد دحلان عبر حساباته على منصات التواصل الاجتماعي الجمعة أن “المؤامرة الحقيقية الكبرى تحت دخان الحرب تتكشف لحظة بلحظة، هدف الاحتلال النهائي هو التهجير القسري لشعبنا عن أرضه بقوة السلاح والتجويع والقتل الدموي”.

وأضاف “شعبنا لن يسمح بذلك وسوف يطيح بهذه المؤامرة ويوجه للمحتل صفعة كبرى جديدة”.

وتعرّض معبر رفح الحدودي بين مصر وغزة لثلاث غارات جوية على الجانب الفلسطيني خلال 24 ساعة، اثنتان منها الثلاثاء، ما أسفر عن غلقه مؤقتا من قبل السلطات المصرية.

ترحيل الأزمة

 

محمد دحلان: هدف الاحتلال هو التهجير القسري وشعبنا لن يسمح بذلك

ويعتقد محللون أن دعوة إسرائيل للمدنيين في قطاع غزة للمغادرة إلى الحدود المصرية تهدف إلى تغيير العلاقة المصرية المتحفظة مع التطورات الأخيرة في قطاع غزة والعمل على تصدير المعضلة إلى الجانب المصري.

ودعت إسرائيل الجمعة سكان مدينة غزة إلى إخلائها والنزوح جنوبا، في قرار أكدت الأمم المتحدة أنه يطال 1.1 مليون شخص وحذرت من تبعاته “المدمّرة”، الأمر الذي رفضته حماس.

وخلال احتفال عسكري الخميس شدّد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في خطاب على أن يبقى أهالي غزة “صامدين ومتواجدين على أرضهم”.

ودعا السيسي الطرفين للعودة فورا إلى المسار التفاوضي وضبط النفس، مؤكدا أن الأمن القومي لبلاده هو “مسؤوليته الأساسية”.

وفي الأردن، البلد الذي يستضيف مليوني لاجئ فلسطيني مسجلين لدى الأمم المتحدة، حذر العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني خلال لقاء مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن من “أيّ محاولة لتهجير الفلسطينيين من جميع الأراضي الفلسطينية أو التسبب في نزوحهم”، مشددا على “عدم ترحيل الأزمة إلى دول الجوار ومفاقمة قضية اللاجئين”.

وخلال الأيام الماضية تركزت الجهود المصرية والأردنية على جمع المساعدات الإغاثية، إقليما ودوليا، لسكان القطاع في محاولة لتخفيف معاناتهم، إذ خصصت القاهرة مطار العريش بسيناء شمال شرق البلاد لاستقبال شحنات المساعدات التي أرسلت عمّان الكميات الأولى منها.

من جهته رأى الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط أن مطالبة إسرائيل لسكان شمال قطاع غزة بالانتقال إلى جنوبه يعد “جريمة حرب جديدة”.

وأكد أبوالغيط، بحسب ما نشرت الجامعة العربية الجمعة على منصة إكس، في خطاب إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على أن “اتفاقية جنيف الرابعة تحظر على القوة القائمة بالاحتلال مباشرة النقل القسري للسكان”.

موت القضية

Thumbnail

وبالحديث عن تهجير لسكان قطاع غزة، تتجه الأنظار إلى شبه جزيرة سيناء في مصر، وحيث يواجه الجيش المصري منذ العام 2013 مجموعات من الجهاديين المتطرفين برز نشاطهم بعد الاطاحة بالرئيس الإسلامي الراحل محمد مرسي خصوصا في شمال ووسط سيناء.

وباشرت مصر في نهاية 2014 بإنشاء منطقة عازلة في شمال سيناء على تخوم القطاع الفلسطيني من أجل تدمير المئات من الأنفاق التي حفرت من غزة وتقول القاهرة إن الفلسطينيين كانوا يستخدمونها لنقل أسلحة إلى حركات جهادية في سيناء.

ونفى إعلاميون مصريون أن تسمح مصر بتوطين سكان قطاع غزة في سيناء، وعبر التلفزيون المصري الرسمي قال الإعلامي يوسف الحسيني “لا إفراط ولا تفريط”، مشيرا إلى ما يتم تداوله عن الدفع بالفلسطينيين إلى شبه الجزيرة المصرية.

واتُهم مرسي وجماعة الإخوان المسلمين المحظورة في مصر منذ نهاية 2013 بالسعي إلى “التفاوض مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس على ذلك”.

والجمعة نقلت وكالة “وفا” الفلسطينية الرسمية للأنباء أن عباس شدد لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال لقاء جمعهما في عمّان “على ضرورة وقف العدوان الإسرائيلي على أبناء شعبنا بشكل فوري، وحمايتهم، والرفض الكامل لتهجير أبناء شعبنا من قطاع غزة، لأن ذلك سيكون بمثابة نكبة ثانية لشعبنا”.

ووجّه الأزهر في مصر في بيان الخميس “تحيته لصمود أبناء فلسطين العزيزة، وتقديره لتشبثهم بأرضهم الغالية، وتمسكهم بالبقاء فوق ترابها، مهما كان الثمن والتضحيات”.

وتابع مخاطبا الفلسطينيين “خيرٌ لكم أن تموتوا على أرضكم فرسانًا وأبطالًا وشهداءَ.. واعلموا أن في ترك أراضيكم موتًا لقضيتكم وقضيتنا وزوالها إلى الأبد”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: