الإعمار ومدوّنة الأسرة أولويتا الدخول البرلماني الجديد في المغرب

ماموني

أكد عدد من النواب والمستشارين البرلمانيين أن خطاب العاهل المغربي الملك محمد السادس الذي وجهه لأعضاء مجلسي البرلمان بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثالثة من الولاية التشريعية الحالية، حدد البرامج الاجتماعية ذات الأولوية وأبرزها مدونة الأسرة وإعادة إعمار المناطق المتضررة من الزلزال.

أجمعت فرق برلمانية من الأغلبية والمعارضة في مجلس النواب المغربي على أن خطاب العاهل المغربي الملك محمد السادس هو خارطة طريق واضحة المعالم لمواجهة التحديات من خلال التعبئة الشاملة من أجل تجاوز التحديات القائمة وعلى رأسها أزمة الزلزال وما نجم عنه من تداعيات وآثار اقتصادية واجتماعية كبيرة، فضلا عن ملف إصلاح مدونة الأسرة الذي يقع ضمن مسؤولياتها في تعميق منظومة القيم الوطنية.

وشدد الملك محمد السادس في خطابه على ضرورة مواصلة تقديم المساعدة للأسر المنكوبة جراء زلزال الحوز، والإسراع بتأهيل وإعادة بناء المناطق المتضررة، وتوفير الخدمات الأساسية، مؤكدا أنه “إذا كان الزلزال يخلف الدمار، فإن إرادتنا هي البناء وإعادة الإعمار، كما سنشرع، بعون الله وتوفيقه، مع نهاية هذه السنة في تفعيل برنامج الدعم الاجتماعي المباشر”.

 

محمد بودن: الخطاب الملكي وضع الملف الاجتماعي كأولوية في المغرب

أما بخصوص مراجعة مدونة الأسرة، فقال العاهل المغربي إن “الأسرة هي الخلية الأساسية للمجتمع، حسب الدستور، لذلك نحرص على توفير أسباب تماسكها، فالمجتمع لن يكون صالحا إلا بصلاحها توازنها، وإذا تفككت الأسرة يفقد المجتمع البوصلة”.

وأشاد النواب بمضمون خطاب افتتاح البرلمان الذي يشكل خارطة طريق واضحة المعالم للحكومة من أجل تنزيل البرامج على المستويات الاقتصادية والاجتماعية.

وأكد رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب أحمد التويزي أن “توجيهات الملك محمد السادس بمناسبة افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان كانت واضحة ودعتنا كنواب للأمة إلى إدخال تعديلاتنا على مدونة الأسرة وعدد من القوانين الكبيرة التي ستتم مناقشتها خلال هذه الدورة”، مشدداً على ضرورة الاستعداد الكامل لمواجهة الإكراهات التي تنتظر الحزب وقيادته.

وقال عبدالله بووانو رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية إن “أولوية الإعمار سيتتبعها البرلمان انطلاقا من الآليات الدستورية المتاحة ومدى استهدافه للمتضررين”.

وأضاف في تصريح لـه أن “الخطاب الملكي انطلاق من الدين الإسلامي المتسامح والمستند على إمارة المؤمنين والمذهب السني المالكي في تحديد المعالم الأساسية التي يجب في إطارها تعديل مدونة الأسرة باعتبارها مشروعا مجتمعيا يهم أربعين مليون مغربي وليس فئة معينة أو حزبا واحدا”.

ويقول محمد بودن رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية “مع الدخول البرلماني يستلزم على البرلمان التعاطي مع الخطاب الملكي، بكونه إعلانا عن مرحلة جديدة من الإعمار والتمكين كأولوية، كما يمثل خارطة طريق لميثاق اجتماعي ومؤسساتي يعكس الإصرار على مواجهة التحديات من خلال القرارات المتخذة في عدة ميادين تنفيذيا وتشريعيا”.

النواب أشادوا بمضمون خطاب افتتاح البرلمان الذي يشكل خارطة طريق واضحة المعالم للحكومة من أجل تنزيل البرامج على المستويات الاقتصادية والاجتماعية

وأكد  أن “الخطاب الملكي وضع الملف الاجتماعي كأولوية في إطار القيم المشتركة التي تجعل من الأسرة اللبنة الأساسية داخل المجتمع المغربي في إطار الزخم الذي خلقته الرسالة الملكية الموجهة لرئيس الحكومة بخصوص إعادة النظر في مدونة الأسرة”.

وأوضح بودن أن “تفعيل الدعم الاجتماعي المباشر وفق جدولة زمنية مدققة سيحدث فرقا في حياة المواطنين والأطفال في وضعية صعبة وسيمكن من الرفع من القدرة المعيشية وتحسين مؤشرات التنمية والحد من الفقر والهشاشة فضلا عن تجسيده لقيم التضامن بشكل يعكس بناء منظومة أمان اجتماعي للمواطنين تقوم على قواعد الكرامة والإنصاف والاستحقاق والاستهداف النوعي”.

وأمام الظرفية الخاصة التي يشهدها المغرب جراء كارثة الزلزال والملفات المطروحة منها مدونة الأسرة، باتت المؤسسة التشريعية أمام فرصة تنفيذ مضامين الخطاب الملكي.

ويرى مراقبون أن المؤسسة التشريعية تجد نفسها في قلب التعبئة الشاملة لمختلف السلطات نظرا إلى حجم التداعيات الناجمة عن الزلزال الذي ضرب إقليم الحوز مخلفا خسائر بشرية ومادية كبيرة، تنفيذا للتوجيهات الملكية من خلال المواكبة والمساهمة في التنزيل الفعال والسريع لبرنامج إعادة البناء والتأهيل العام للمناطق المتضررة وغيره من البرامج.

المؤسسة التشريعية تجد نفسها في قلب التعبئة الشاملة لمختلف السلطات نظرا إلى حجم التداعيات الناجمة عن زلزال الحوز

وأكد البرلماني مولاي هشام المهاجري أن “البرلمان مطالب بالانخراط في جهود استكمال تنزيل الحماية الاجتماعية ومواكبة إخراج الدعم المباشر لفائدة الأسر الفقيرة، واعتماد المقترحات والتعديلات اللازمة لذلك من خلال مشروع قانون المالية المقبل الذي يتعين أن يتضمن مختلف التوجيهات الملكية الواردة في خطاب افتتاح البرلمان”.

أما يوسف شيري البرلماني عن حزب التجمع الوطني للأحرار، فقد شدد على “تسريع إنجاز عدد من البرامج المفتوحة وعلى رأسها إعادة إعمار المناطق المتضررة من الزلزال وتقديم كافة الإمكانات اللازمة لدعم السكان المتضررين تجسيدا لقيم التضامن، مع ضرورة تقديم آراء جديرة بملف مراجعة مدونة الأسرة عبر اعتماد تعديلات جديدة”.

وتتضمن أجندة دورة أكتوبر مشروع قانون المالية الذي من المرجح أن يخضع للتحيين في ضوء الأعباء التمويلية التي ستتحملها الموازنة العامة جراء كارثة الزلزال، إلى جانب برامج إصلاح منظومة العدالة، وإخراج ما تبقى من نصوص حاسمة في إرساء أسس الدولة الاجتماعية التي ما فتئت الأغلبية الحكومية تؤكد أنها خيار يعبر عن إرادة سياسية راسخة لديها.

ووعيا منه بالطابع الاستعجالي لبرنامج إعادة البناء والتأهيل، تم قبل افتتاح الدورة البرلمانية الحالية عقد اجتماع مشترك للجنتي المالية بمجلسي النواب والمستشارين قدم خلاله الوزير المكلف بالميزانية فوزي لقجع عرضا حول هذا البرنامج، مستعرضا التدابير والإجراءات التي اتخذتها الحكومة لمواجهة آثار الزلزال الذي ضرب مؤخرا عددا من مناطق المملكة.

كما صادقت لجنتا المالية بمجلسي البرلمان في اجتماعين منفصلين على مشروع مسوم لإحداث وكالة تنمية الأطلس الكبير، والذي يهدف إلى إحداث مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي يُعهد إليها بالإشراف على تنفيذ برنامج إعادة البناء والتأهيل العام للمناطق المتضررة من زلزال الحوز وتدبير مشاريعه.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: