مخاوف من إطالة أمد المرحلة الانتقالية في تسيير قطاع الصحافة في المغرب

ماموني

بدأت اللجنة المؤقتة لتسيير المجلس الوطني للصحافة في المغرب أعمالها، على وقع هواجس لدى الهياكل والمنظمات المعنية، التي تطالب بضرورة وضع حد لهذا الوضع الانتقالي وفسح المجال للمهنيين لانتخاب أعضاء المجلس، مبدية تحفظات على تبريرات الحكومة.

يخشى المعنيون بقطاع الإعلام في المغرب من إطالة أمد المرحلة الانتقالية في تسيير القطاع، محذرين من أن هكذا خطوة من شأنها أن تكرس حالة الانقسام والتشرذم داخل القطاع الذي يواجه صعوبات.

وأقرت الحكومة المغربية، في منتصف أبريل الماضي، مشروع قانون يقضي بإحداث لجنة مؤقتة لتسيير المجلس الوطني للصحافة لمدة عامين، وذلك من أجل تجاوز مأزق انتهاء مدة تمديد انتداب أعضاء المجلس لستة أشهر، التي أقرها مرسوم قانون صادقت عليه الحكومة في التاسع والعشرين من سبتمبر الماضي.

وجرى الانتهاء من تشكيل اللجنة المؤقتة، وجرى انعقاد الاجتماع الأول لأعضائها المعينين الجمعة الماضي.

ودعت الفيدرالية المغربية لناشري الصحف الأحد إلى “ضرورة تفادي جعل المرحلة الانتقالية الحالية دائمة وأداة أخرى لتعميق تشرذم الجسم الصحفي المغربي”.

وقالت الفيدرالية في بيان إن امتناعها عن مباركة الصيغة التي تم اعتمادها لتدبير شؤون الصحافة، ليس “اعتبارا للأشخاص أو لأي حسابات ذاتية أخرى، ولكن رفضا منها لتجاوز القوانين”.

 

الفيدرالية المغربية لناشري الصحف تطالب بتفادي جعل المرحلة الانتقالية الحالية دائمة

وأعربت الفيدرالية عن أملها في أن “يتحقق الوعي لدى كل الأطراف المهنية بأهمية السعي إلى توافق منتج وعقلاني للعمل من أجل تجاوز الاختلالات والأزمات التي تعاني منها مهنتنا”.

وسبق وأن أبدى ناشرو الصحف تشبثهم بمواقفهم السابقة بخصوص الصيغة القانونية التي اعتمدتها الحكومة في ما يتعلق بالمجلس الوطني للصحافة، مؤكدين تمسكهم بضرورة السعي، في أقرب وقت، إلى إنهاء مرحلة المؤقت، ومنح المهنيات والمهنيين فرصة انتخاب أعضاء مؤسسة التنظيم الذاتي وفقا للقانون، وانسجاما مع روح الدستور كما يؤكده الفصل 28.

ووفق مشروع القانون الذي أقرته الحكومة، ستشكل لجنة مؤقتة لتسيير المجلس الوطني للصحافة لمدة عامين، يترأسها الرئيس المنتهية ولايته يونس مجاهد، وتتكون عضويتها من نائب رئيس المجلس الوطني للصحافة المنتهية ولايته بصفته نائبا لرئيس اللجنة، ورئيس لجنة أخلاقيات المهنة والقضايا التأديبية، ورئيس لجنة بطاقة الصحافة المهنية، وثلاثة أعضاء يعينهم رئيس الحكومة “من بين الأشخاص المشهود لهم بالكفاءة والخبرة في مجال الصحافة”، وأيضا قاض ينتدبه الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وممثل عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان.

وصادقت لجنة التعليم والثقافة والاتصال في مجلس النواب المغربي، في يونيو الماضي، بالأغلبية على مشروع قانون استحداث لجنة مؤقتة لتسيير قطاع الصحافة والنشر، والذي أثار جدلا واسعا بين الصحافيين والمعارضين، إذ اعتبروه تراجعا على مستوى الحريات وقرارا غير ديمقراطي.

وتجاوز المجلس الوطني للصحافة حالة فراغ كادت تنذر بفشل تجربة التنظيم الذاتي لقطاع الصحافة في المغرب، بعد انتهاء مدة تمديد انتداب أعضاء المجلس لستة أشهر في الرابع من أبريل الماضي، والتي أقرها مرسوم قانون صادقت عليه الحكومة في التاسع والعشرين من سبتمبر.

أظهر التمديد خلافات داخل المجلس الوطني للصحافة بين التنظيمات المهنية للصحافيين وتنظيمات الناشرين

وأكد ناشرو الصحف المغربية على حرصهم على “تتبع مختلف أعمال اللجنة المؤقتة بكل موضوعية ونزاهة وتعاون مع الدفاع عن مصالح وحقوق أعضاء الفيدرالية وكل المقاولات الصحفية الوطنية والجهوية، بما ينسجم مع القانون، ومع الحقائق الموضوعية للواقع المهني”، لافتين إلى أن الإطار التنظيمي الذي يمثلونه “سبق أن عبر، منذ البداية، عن رفضه للصيغة الحكومية التي آل إليها مسار المجلس الوطني للصحافة، وأكد أنه ليس معنيا بأي ترتيب مؤقت لمستقبل المجلس خارج إرادة المهنيات والمهنيين”.

وتتفق الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، والجامعة الوطنية للصحافة والإعلام والاتصال، في بيان مشترك، على أن “المهنة تعاني اليوم من أزمات، بعضها يكاد يكون وجوديا، كما أن مسألة التنظيم الذاتي هي الجزء من الانشغالات وليس الكل، وبالتالي تحتم التحديات المطروحة اليوم الانكباب بسرعة على التفكير الجماعي في الحلول والمداخل المناسبة لمعالجة أزمات القطاع بلا مزايدات أو خلط أوراق”.

وكانت الحكومة المغربية أقرت في مرحلة أولى تمديد مدة انتداب أعضاء المجلس لستة أشهر، وذلك بهدف ضمان السير العادي في أداء المجلس للمهام المنوطة به بموجب مدونة الصحافة والنشر والنصوص المتخذة لتطبيقها، لاسيما ما يتعلق بمنح بطاقة الصحافة المهنية، بالإضافة إلى باقي المهام ذات الصلة بصيانة المبادئ، بما فيها التقيد بميثاق أخلاقيات المهنة والأنظمة المتعلقة بمزاولتها.

المجلس الوطني للصحافة تجاوز حالة فراغ كادت تنذر بفشل تجربة التنظيم الذاتي لقطاع الصحافة في المغرب

وبرّرت الحكومة قرار التمديد بالحرص على عدم بقاء المجلس في وضعية فراغ قانوني، إلا أن هذه الخطوة كشفت عن عدم تنصيص القانون المحدث للمجلس على مقتضيات احترازية تُفعَّل في حال عدم إجراء انتخاب أعضائه في أوانه.

كما أظهر التمديد حدة الخلافات بين مكونات المجلس ممثلة في التنظيمات المهنية للصحافيين وتنظيمات الناشرين، وهي الخلافات التي تسببت في عدم تنظيم الانتخابات.

وذكرت الفيدرالية المغربية لناشري الصحف بأنها “تضع نفسها رهن إشارة كل ذوي النيات الصادقة للعمل الجماعي والمشترك، وتمد يدها لكل المكونات المهنية الحقيقية والجادة، من أجل حوار حقيقي، ومن أجل الانتصار للمستقبل وبناء رؤى مهنية وطنية للنهوض بمهنتنا وتطوير ظروف العاملين فيها”.

واعتبر عضو فريق حزب الاستقلال بالبرلمان (مشارك في الحكومة في المغرب) العياشي الفرفار أن الحكومة لديها مسؤولية تنظيم قطاع كبير، وكان لزاما عليها التدخل، وأن تقوم بالإجراء الضروري.

ويُعتبر المجلس الوطني للصحافة الذي تشكل في العام 2018 هيئة يعهد إليها بالحرص على صيانة المبادئ التي يقوم عليها شرف المهنة، وعلى التقيد بميثاق أخلاقيات المهنة والقوانين والأنظمة المتعلقة بمزاولتها، والسهر بوجه خاص على ضمان وحماية حق المواطن في إعلام متعدد وحر وصادق ومسؤول ومهني.

ويتألف المجلس من 21 عضوا موزعين على النحو التالي: 7 أعضاء ينتخبهم الصحافيون المهنيون من بينهم مع مراعاة تمثيلية مختلف أصناف الصحافة والإعلام، و7 ينتخبهم ناشرو الصحف من بينهم، و7 أعضاء هم: ممثل عن المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وممثل عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وممثل عن المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، وممثل عن جمعية هيئات المحامين في المغرب، وممثل عن اتحاد كتاب المغرب، وناشر سابق تعينه هيئة الناشرين الأكثر تمثيلية، وصحافي شرفي تعينه نقابة الصحافيين الأكثر تمثيلية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: