الرباط تستثني سفيري باريس وواشنطن من تقديم الاعتماد وتتحفظ على الأمم المتحدة بسبب الصحراء

استثنى العاهل المغربي الملك محمد السادس كلا من سفيري فرنسا والولايات المتحدة من الاستقبال الخاص بتقديم الاعتماد الرسمي كسفراء، وهي خطوة تثير التساؤل والانتباه، هل هو احتجاج على موقف البلدين من نزاع الصحراء الغربية، وهل الاحتجاج يمتد إلى الأمم المتحدة؟

في هذا الصدد، تسلم الملك محمد السادس الاثنين من الأسبوع الجاري أوراق اعتماد 14 سفيرا ينتمون إلى دول منها الدنمارك وقطر والسودان وروسيا. ويتواجد هؤلاء السفراء في المغرب منذ شهور طويلة. ويبقى المثير في الاستقبال هو استثناء سفيري بلدين مهمين للعلاقات الخارجية المغربية ويتعلق الأمر بالسفير الفرنسي والسفير الأمريكي، وكانا قد وصلا إلى المغرب خلال الشهور الماضية مثل السفراء الذين جرى استقبالهم في القصر الملكي.

ويأتي استبعاد استقبال السفير الفرنسي كريستوفر لوكرتيي انعكاسا للأزمة الشائكة بين المغرب وفرنسا، لا سيما وأن المغرب قد سحب سفيره من باريس منذ شهور ولم يعين بعد أي دبلوماسي لشغل المنصب. وبهذا، يكون المغرب قد أعرب عن رفضه لسياسة باريس في ملف نزاع الصحراء الغربية، حيث يتهم الرئاسة الفرنسية بعرقلة مساعي الاتحاد الأوروبي لدعم مقترح الحكم الذاتي، لا سيما بعدما رحبت عواصم مثل برلين ومدريد بهذا المقترح.

ويحدث هذا في وقت جرى فيه الاعتقاد بحصول نوع من الانفراج بعدما شارك المغرب عبر الوزير المنتدب في الدفاع لوديي إلى جانب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأسبوع الماضي في مراسيم الذكرى الثمانين لتحرير جزيرة كورسيكا، والتي شارك فيها جنود مغاربة. وإذا كان المغرب ينسب الأزمة مع باريس إلى نزاع الصحراء، تتحدث فرنسا عن عملية تجسس مغربية على الرئيس ماكرون بواسطة البرنامج الإسرائيلي بيغاسوس.

ويبقى المثير للانتباه هو عدم تقديم السفير الأمريكي بونيت تالوار أوراق اعتماده للملك محمد السادس رفقة باقي السفراء، وتجهل الأسباب. ويمكن ربط عدم استدعاء السفير الأمريكي بتوجه دبلوماسية الرباط المتمثل في إرسال رسالة إلى الدول الحليفة بضرورة اتخاذ موقف واضح من نزاع الصحراء. وكانت دبلوماسية واشنطن قد اتخذت خلال الشهور الأخيرة مواقف أقلقت المغرب نسبيا، وارتفعت أصوات من داخل الإدارة المغربية تعرب عن هذا القلق من ضبابية الموقف الأمريكي من الصحراء.

ومن أبرز هذه المواقف، البيان الذي كانت قد أصدرته وزارة الخارجية الأمريكية في أعقاب مباحثات بين أنتوني بلينكن ونظيره المغربي ناصر بوريطة، حيث جاء في البيان المنشور وقتها “أكد الوزير بلينكن دعم الولايات المتحدة الكامل للمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة ستافان دي ميستورا فيما يكثف عملية الأمم المتحدة بشأن الصحراء الغربية بغية التوصل إلى حل سياسي دائم وكريم لشعب الصحراء الغربية والمنطقة”.

وكان البيان منعطفا نسبيا مقارنة مع البيانات السابقة، إذ تجنب الإشارة إلى السيادة المغربية على الصحراء في تجاوز مبهم لموقف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الذي اعترف بهذه السيادة خلال ديسمبر 2020  كنتيجة لاتفاقيات أبراهام. في الوقت ذاته، يشدد على مساعي المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة دون تنصيص على الحكم الذاتي. وأخيرا، يشدد على الصحراويين كشعب.

ودائما في إطار العلاقات الدبلوماسية للمغرب، كان لافتا للمراقبين تعمد المغرب أن يكون آخر متدخل في أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة الأخيرة بعد جمهورية فانوتو، ولم يتوجه أي مسؤول مثل الملك أو شقيقه الأمير رشيد الذي ينوب عنه أو رئيس الحكومة عزيز أخنوش بل حتى وزير الخارجية بوريطة، بل تولى السفير المغربي لدى الأمم المتحدة عمر هلال إلقاء الخطاب المغربي، في سابقة دبلوماسية.

ويعتبر هذا متناقضا مع حرص المغرب أن يكون دائما ضمن الدول الأوائل في تقديم الخطاب في أشغال الجمعية العامة علاوة على انخراطه في الكثير من المبادرات الأممية. ويتم تفسير الإجراء المغربي مجددا بتحفظ المغرب على التوجه الجديد للمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في نزاع الصحراء، ستيفان دي ميستورا باحتمال تهميش مقترح الحكم الذاتي.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: