المغرب يعمل على تجاوز آثار الزلزال باستئناف التدريس ونشاط الأسواق

ماموني

تكثف السلطات المغربية، بعد مرور أسبوع على الزلزال الذي ضرب إقليم الحوز والمناطق المجاورة له، جهودها للتخلص من الانعكاسات السلبية للكارثة الطبيعية، عبر استئناف أنشطة اجتماعية واقتصادية، من شأنها أن تعيد نسق الحياة للمتضررين وتعكس مدى قدرة المؤسسات على تجاوز هذا الظرف الطارئ.

بدأت الحياة في إقليم الحوز والمناطق المتضررة من الزلزال في المغرب، تستعيد نسقها تدرجيا، وسط استعدادات حثيثة لتوفير فضاءات لتدريس الأطفال، واستئناف نشاط الأسواق الأسبوعية التي شهدت توافد عدد كبير من السكان المحليين وآخرين قدموا من قرى مجاورة للتسوق واقتناء ما يلزم من المواد الأساسية.

وتعمل كل المؤسسات على تنفيذ تعليمات العاهل المغربي الملك محمد السادس الموجهة إلى الحكومة خلال اجتماع عمل خصص لتفعيل برنامج طارئ لإيواء المتضررين من “زلزال الحوز”، وتنفيذ التدابير المتعلقة بإعادة التأهيل والبناء في المناطق المتضررة من هذه الكارثة الطبيعية ذات الآثار غير المسبوقة.

وشهد سوق السبت بأسني، حركية كبيرة، ما يؤشر على أن المنطقة مهيأة لاستعادة النشاط التجاري بشكل تدريجي نظرا لأن الزلزال خلق فجوة إنسانية واجتماعية كبيرة تحتاج إلى وقت لتجاوزها بشكل تام، حيث ستعمل الأسواق الأسبوعية في هذه المنطقة على التخفيف من التداعيات الاجتماعية والاقتصادية والنفسية الناجمة عن الزلزال، كما تلعب دورا حيويا بالنسبة للسكان وتمثل مناسبة للبيع والشراء وموعدا للتلاقي بين القرويين، كما أنها تشكل مورد رزق لفئة كبيرة من التجار والمزارعين.

وقال رشيد لزرق، رئيس مركز شمال أفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية، إن “المغرب يعمل على تجاوز آثار الزلزال بإعادة الروح للمدارس والأسواق الأسبوعية، وهو دليل على أن مؤسسات الدولة حققت تحديا لامتصاص الصدمة والمرور للتعامل مع تداعياتها من خلال تنفيذ البرنامج الطارئ الذي أطلقه الملك محمد السادس لإعادة الإعمار بكل أشكاله، كون المغرب من الدول القلائل في المنطقة التي لديها إستراتيجية وطنية لمكافحة الكوارث، وهو نهج استباقي في طريقة تدبير الحالات الاستثنائية عند ظهورها”.

 

رشيد لزرق: مؤسسات الدولة كسبت رهان التعامل مع تداعيات الزلزال
رشيد لزرق: مؤسسات الدولة كسبت رهان التعامل مع تداعيات الزلزال

 

وأضاف أن “المؤسسات المغربية بكل قطاعاتها العسكرية والمدنية، استطاعت دمج سياسة عاجلة واستباقية مع رؤية تنموية متوسطة المدى من خلال مشاريع إعادة التأهيل والمجهودات عبر زيادة قدرة مواجهة تداعيات الزلزال الاجتماعية والنفسية والاقتصادية، خصوصا وأن توقيت الزلزال جاء في وقت حساس يتزامن مع دخول فصل الشتاء، حيث إن هناك حاجة إلى ضمان كل الحاجيات المرتبطة بهذا الفصل، منها المأوى سواء للسكن أو لتدريس الأطفال، في انتظار بناء مساكن المواطنين المتضررين”.

ويرى رشيد لزرق أن “عودة التلاميذ إلى المدرسة في هذا الظرف وأيضا المحاولات الأولى لاستعادة الأسواق الأسبوعية حيويتها بشكل تدريجي وبعد عشرة أيام على الفاجعة، هو تحد لعودة الحياة والتعامل بواقعية مع آثار الزلزال بإدماج تقديم المساعدات مع الانتقال إلى ممارسة تقنية تتمثل في بناء مدارس ميدانية وتهيئة الأسواق بالمواد التي تحتاج إليها، رغم صعوبة الوصول السريع لفرق الإنقاذ إلى القرى النائية لأنها تقع في مناطق جبلية صعبة جغرافيا”.

وشرعت القوات المسلحة الملكية منذ الجمعة الماضي في نصب خيام للتمدرس في المناطق المتضررة، تم تجهيزها بالطاولات عقب انهيار المدارس إثر الزلزال الذي ضرب قبل أسبوع عدة مناطق بالمغرب وخلف الآلاف من الوفيات والمصابين، وبالموازاة مع هذه المبادرة، تم أيضا على مستوى إقليم الحوز نصب 150 خيمة مجهزة بجميع التجهيزات التربوية الضرورية، وبالألواح الشمسية.

وتعهدت رابطة التعليم الخاص بالمغرب بتوفير مقاعد بيداغوجية مجانا للتلاميذ “يتامى الزلزال” الذين سيتم منحهم صفة مكفولي الأمة، بأوامر ملكية، وذلك بتنسيق مع السلطات المعنية لتحديد الحاجيات والعدد بما يتلاءم مع إمكانات مؤسسات القطاع الخاص المتطوعة. ومنح الملك محمد السادس أيتام “زلزال الحوز” صفة “مكفولي الأمة”، داعيا إلى إحصائهم والتكفل الفوري بهم وحمايتهم من جميع المخاطر.

وينص القانون المتعلق بمكفولي الأمة على أن تتمتع هذه الفئة بعدة امتيازات، منها “الاستفادة من الرعاية المعنوية والمساعدة المادية إلى حين بلوغهم سن الرشد أو الانقطاع عن دراستهم، بالإضافة إلى تكفل الدولة بمجموع أو بعض المصاريف المتعلقة بالنفقة والصحة والتمرس المهني والدراسة الضرورية لنموهم العادي وفق شروط معينة”.

وتم الأحد، نقل تلاميذ المؤسسات التعليمية التي تضررت بشكل كبير من الزلزال على مستوى جماعة ويرغان (إقليم الحوز)، إلى مدارس بمراكش (تحتوي على مراكز للإيواء والدراسة)، بهدف تمكين المستفيدين من متابعة دراستهم في ظروف جيدة، إذ سيؤطر هؤلاء التلاميذ أساتذة وإداريون، إلى جانب متخصصين في المساعدة الاجتماعية والمواكبة النفسية.

وبحسب المديرية الإقليمية للتربية الوطنية بالحوز، يبلغ مجموع هذه المبادرة على الصعيد الإقليمي حوالي 6000 تلميذ مسجلين في 6 مؤسسات تعليمية تقع في الجماعات الأكثر تضررا من الزلزال، وهي ثلاث نيعقوب، إيغيل، ويرغان، أنوغال، أزغور، حيث جرت هذه المبادرة تحت إشراف مسؤولين بالمديرية الإقليمية للتربية الوطنية والسلطات المحلية والدرك الملكي والقوات المساعدة، بحضور آباء وأمهات وأقارب التلاميذ.

وتواصل السلطات المحلية والقوات المسلحة الملكية والدرك الملكي، وجميع المصالح المعنية مضاعفة جهودها لتقديم جميع المساعدات الضرورية للسكان للتغلب على تداعيات الزلزال، في الوقت الذي بدأت صدمة ما بعد الزلزال تتلاشى وتدب الحياة تدريجيا بشكل عملي إلى جميع المناطق المتضررة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: