السلطات المغربية لن تتساهل مع ناهبي المساعدات ومستغلي ضحايا الزلزال

ماموني

أثارت المشاهد السلبية لأشخاص ظهروا في مقاطع مصورة على وسائل التواصل الاجتماعي وهم ينتهكون حرمة ضحايا الزلزال جدلا كبيرا في الأوساط المغربية، وهو ما دفع السلطات الأمنية لاتخاذ إجراءات صارمة وسط تأكيد على إنفاذ القانون ضدّ المتجاوزين.

أكدت السلطات الأمنية المغربية أنها لن تتساهل مع جملة الخروقات والتجاوزات التي رافقت عملية التضامن الواسعة مع المتضررين من زلزال الحوز المدمر، متعهّدة بالتفاعل الجدي والفوري مع مختلف البلاغات.

يأتي ذلك بعد الجدل الكبير الذي رافق المشاهد المشينة لأشخاص ظهروا في مقاطع مصورة على وسائل التواصل الاجتماعي وهم ينتهكون حرمة ضحايا الزلزال، إلى حد أن بعضهم دعا إلى التشجيع على القدوم إلى المنطقة والزواج بالفتيات القاصرات.

وكانت رئاسة النيابة العامة أصدرت تعليمات إلى النيابات العامة لدى مختلف محاكم المملكة من أجل التفاعل الجدي والفوري مع البلاغات المسجلة بخصوص استيلاء بعض الأشخاص على مواد استهلاكية وسلع تموينية مقدمة في إطار المبادرات التطوعية والعمليات التضامنية مع ضحايا الزلزال.

ولم يتأخر التفاعل مع تعليمات رئاسة النيابة العامة، حيث فتحت فرقة الشرطة القضائية بمدينة تمارة الخميس تحقيقا قضائيا، تحت إشراف النيابة العامة المختصة، للتحقق من الأفعال الإجرامية المنسوبة إلى ثلاثة أشخاص (سائق شاحنة ومساعده ومالك محل للبقالة) يشتبه بتورطهم في خيانة الأمانة، والاستيلاء على مواد غذائية واستهلاكية تم تجميعها في إطار المبادرات التضامنية لدعم ضحايا الزلزال.

 

محمد الغلوسي: التفاعل السريع للسلطات رسالة حازمة لكل المتجاوزين
محمد الغلوسي: التفاعل السريع للسلطات رسالة حازمة لكل المتجاوزين

 

ومكنت الأبحاث والتحريات المنجزة في هذه القضية من تحديد هويتي سائق الشاحنة ومساعده، وتوقيفهما بمنطقة المرس بضواحي تمارة، كما تم ضبط صاحب المحل التجاري وحجز السلع والبضائع المذكورة.

وتمكّنت عناصر المصلحة الولائية للشرطة القضائية بمدينة سطات مساء الخميس من توقيف سائق مركبة نفعية يشتبه في تورطه في محاولة للاستيلاء على كمية من المواد الاستهلاكية المقدمة في إطار الدعم التضامني لضحايا الزلزال.

وأكد محمد الغلوسي رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام إن “هذا التفاعل السريع للسلطات مع هذا الفعل رسالة حازمة لكل من يفكر في القيام بأفعال مماثلة”، مضيفا أن “هناك أقلية تحاول في كل مرحلة نمرّ فيها بأزمة سواء كورونا أو زلزال الحوز، استغلال هذه الأزمات لخدمة مصالح شخصية والتلاعب بقيم المغاربة في التضامن والتآزر، وهم يستحقون تطبيق أقصى العقوبات عليهم”.

وأضاف ، “نثمّن كل الخطوات والقرارات التي تتخذها السلطات بما فيها السلطة القضائية، ومن شأنها أن تضرب بيد من حديد على من يثبت في حقه التلاعب واستغلال الأزمة للإثراء غير المشروع، والتشويش على حملة التضامن الواسعة التي يقوم بها المغاربة”، لافتا إلى أن “هذه القرارات التي اتخذتها السلطات تخدم الجهود الجبارة التي تبذلها الدولة اليوم من أجل إنقاذ العالقين تحت الأنقاض وإسعاف الجرحى والمتضررين”.

وذكر مصدر أمني أن مصالح الأمن المغربي كانت قد تفاعلت بسرعة وجدية كبيرة مع بلاغ تقدم به سائق سيارة أجرة، أوضح فيه أن المشتبه فيه عرض عليه اقتناء مواد استهلاكية بثمن تفضيلي، وهو ما جعله يشك في مصدر السلع المعروضة للبيع وطبيعتها.

السلطات الأمنية المغربية تؤكد أنها لن تتساهل مع جملة الخروقات والتجاوزات التي رافقت عملية التضامن الواسعة مع المتضررين من زلزال الحوز المدمر

وأضاف المصدر ذاته أن الأبحاث والتحريات المنجزة مكنت من توقيف المشتبه فيه، وحجز السلع التي كانت مسلمة له من إحدى الجمعيات المدنية بالرباط على أساس نقلها على متن مركبته النفعية بمقابل مادي، نحو المناطق التي ضربها الزلزال.

وكشف نشطاء في المجتمع المدني، ممن يساهمون في نقل مساعدات نحو المناطق المتضررة من زلزال الحوز لدعم الضحايا، عن تعرضهم لعمليات احتيال من طرف من أسموهم باللصوص والمحتالين، محذرين بذلك من “سماسرة” يسعون جاهدين لاستغلال الأزمة، والسطو على التبرعات تحت ذريعة “تقديم يد العون”.

وحذرت جمعية تجار ومهنيي درب عمر، (أكبر حي تجاري) بمدينة الدار البيضاء “السماسرة” وتجار الأزمات المسؤولين من ارتفاع أسعار بعض المنتوجات الأساسية التي تشهد إقبالا واسعا من طرف المغاربة لفائدة المتضررين من الزلزال، والذين يقتنون عددا من الأغطية والخيام، ويعاودون بيعها بأثمان باهظة مستغلين هذه الظرفية الصعبة وحملة التضامن الواسعة التي أعرب عنها المغاربة.

وقال ناشطون حقوقيون ومحامون إن تفاعل السلطات والنيابة العامة مع منشورات المواطنين وضبط المشتبه بهم القيام بأفعال يجرمها القانون يعتبر رادعا لمن يتجرأ على  القيام بمثل هذه السلوكات والمخالفات، مطالبين بضرورة التنسيق مع السلطات فيما يخص حضور المتطوعين أو توزيع المساعدات.

نشطاء مدنيون ممن يساهمون في نقل مساعدات نحو المناطق المتضررة من زلزال الحوز يحذرون من “سماسرة” يسعون لاستغلال الأزمة والسطو على التبرعات تحت ذريعة “تقديم يد العون”

وتشن السلطات المغربية حملات أمنية للتصدي لمروجي المحتويات التي تشجع على تزويج القاصرات، وتقديم الحالات التي يتم ضبطها إلى الجهات المختصة، إذ لا تزال الأبحاث التقنية والميدانية متواصلة لضبط كل من ثبت تورطه في نشر محتويات مماثلة تحرض على ارتكاب جنايات وجنح ضد الأشخاص والممتلكات، كما تم وضع رقم أخضر للتبليغ عن الضحايا المحتملين للاتجار بالبشر.

وأوقفت عناصر المصلحة الجهوية للشرطة القضائية بمدينة الرشيدية طالبا بأحد المعاهد الجامعية، يبلغ من العمر 20 سنة، للاشتباه بتورطه في نشر محتوى تحريضي يهدد فيه بارتكاب أفعال جنسية.

وجاء الاعتقال بناء على رصد مصالح اليقظة المعلوماتية التابعة للأمن الوطني محتوى تحريضيا منشورا على مواقع التواصل الاجتماعي يزعم فيه صاحبه أنه سيتوجه إلى إحدى المناطق المنكوبة بالزلزال بغرض ارتكاب اعتداءات جنسية على قاصرات، وهو ما استدعى فتح تحقيق قضائي أسفر عن تشخيص هوية المشتبه به وتوقيفه.

وأحدث نادي المحامين في المغرب خلية لرصد وتتبع المخالفات المتعلقة بضحايا الزلزال أطلقوا عليها “حماية”، بشراكة مع مؤسسة “عطاء”، تتلقى فيها الشهادات وتبليغات المواطنين المتعلقة بمحاولات “الاحتيال والتلاعب بالمساعدات وشبهة الاستغلال الجنسي للأطفال القصّر”.

وأكد نادي المحامين في المغرب تلقي ما يزيد عن 200 رسالة، أغلبها يتعلق بشبهات الاعتداءات الجنسية على القصّر المنشورة في وسائل التواصل الاجتماعي، وأن المبادرة بصدد إعداد تقرير حول هذه المخالفات ستقدمه إلى النيابة العامة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: