الخلافات تنسف تنسيق المعارضة داخل البرلمان المغربي

ماموني

أربك انسحاب حزب الاتحاد الاشتراكي من تنسيق المعارضة المغربية بسبب انتقادات الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الإله بنكيران لقيادة الحزب اليساري الأحزاب المكونة للمعارضة، فأصبحت هذه الأحزاب مقبلة على العمل بشكل أحادي.

ويرى قادة كل من حزب الحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية والعدالة والتنمية أن عدم التنسيق بين الأحزاب المكونة للمعارضة سيكون في صالح أحزاب الأغلبية الحكومية.

وتباينت آراء المجموعات النيابية المعارضة، بين من أكد على استمرار التنسيق بشكل خفيف خلال السنة التشريعية المرتقب أن تُفتتح في الثاني من شهر أكتوبر المقبل، وبين ما قال إن التنسيق انتهى وسيتم العمل على تقديم التعديلات بشكل مفرّق.

 

رشيد حموني: التنسيق بين أحزاب المعارضة لم تعد له جدوى

وأكد رشيد حموني رئيس تكتل حزب التقدم والاشتراكية بمجلس النواب أنه “منذ السنة الثانية من عمل البرلمان أصبح التنسيق بين أحزاب المعارضة الثلاثة (الحركة الشعبية، والتقدم والاشتراكية، والعدالة والتنمية)، في تراجع حيث أنه تم في بعض المواقف التي لا علاقة لها بالأيديولوجيا أو المرجعية (مثل مشروع قانون الصحافة والنشر وقانون الشركات) الاتفاق بين الأحزاب سواء داخل البرلمان وحتى على مستوى قيادة تلك الأحزاب، وكان قرارا سياسيا بالتصويت ضد القانون وإذا به  لم يكن هناك التزام بهذا التصويت داخل اللجان والجلسة العامة”.

وأوضح حموني، أنه “تبين من هذا السلوك أن هذا التنسيق هش لأن المواقف التي نتفق عليها يتم التعامل بعكسها، ورغم أننا لم نتخذ القرار داخل المكتب السياسي إلا أنني أرى بصفتي رئيس المجموعة النيابية داخل البرلمان أن هذا التنسيق لم تعد له جدوى وأن كل فريق يشتغل بشكل منفرد، وربما في بعض المشاريع القوانين نلتقي إلا أن التنسيق غير موجود، والآن لم يعد القيام بتعديلات مشتركة أو تصويت موحد لمراقبة العمل الحكومي”.

وتابع حموني “إننا مقبلون على بعض القوانين التي تبرز فيها الاختلافات بين المرجعيات والأيديولوجيات بين العدالة والتنمية والاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية، وعلى رأسها القانون الجنائي ومدونة الأسرة”.

وفي الوقت الذي اختار فيه كل من الحزب الاشتراكي الموحد وحزب فيدرالية اليسار العمل بشكل منفرد من موقع المعارضة، أكد عدد من البرلمانيين من المعارضة أن فشل التنسيق بين الأحزاب الأربعة ناتج عن غياب التزام فعلي في الدفاع عن عدد من القضايا، موضحين أن هناك قوانين معروضة على التصويت ذات أبعاد أيديولوجية ستعمل على ابتعاد كل حزب عن خيارات الآخر.

وقال هشام عميري أستاذ العلوم السياسية إن “ظهور الصراع بين أحزاب المعارضة يأتي في ظل التعديل الحكومي المرتقب، وهو عرف يكون في منتصف ولاية الحكومة، لذلك فإن هناك بعض الأحزاب التي تحاول البحث لها عن مكان داخل التعديل الحكومي المرتقب، مما أدى إلى ظهور هذه التصدعات، أما من حيث تأثير الصراع فنجد أن غياب التنسيق بين أحزاب المعارضة سيكون في صالح الحكومة أكثر”.

وأردف بالقول “غياب التنسيق بين أحزاب المعارضة سيؤدي إلى تمرير العديد من النصوص التشريعية التي قد تمس أحزاب المعارضة بالدرجة الأولى، خاصة النصوص التي تمس حقوقها”.

كما يشير عميري إلى أن “العمل بشكل منفرد ليس في صالح المعارضة، وذلك لكون النصوص التشريعية تتطلب نسبة من الأصوات، كما أن الأمر ينطبق حتى على الوسائل الرقابية، خاصة فيما يخص طلب أعضاء مجلس النواب عرض الحصيلة المرحلية للحكومة أمام أعضاء المجلس من طرف رئيسها، أو من خلال طلب فتح لجان لتقصي الحقائق، وهي إمكانية غير متاحة بشكل منفرد وإنما تتطلب وجود تنسيق بين أحزاب المعارضة”، لافتا إلى أن “غياب هذا التنسيق لن يؤدي إلى إحراج الحكومة، بل إن هذه الأحزاب ستكون محرجة للأحزاب الموجودة معها في المعارضة أكثر مما تحرج وتراقب التحالف الحكومي”.

في الوقت الذي اختار فيه كل من الحزب الاشتراكي الموحد وحزب فيدرالية اليسار العمل بشكل منفرد فشل التنسيق بين الأحزاب الأربعة ناتج عن غياب التزام فعلي في الدفاع عن عدد من القضايا

بدوره أكد إدريس السنتيسي رئيس المجموعة النيابية للحركة الشعبية في تصريحات صحفية على أن  مجموعات المعارضة مستمرة في المشاورات والتعاون، وهذا التعاون سيظل حتى مع فرق الأغلبية، وسندعم أيّ مقترح تتقدم به وسنصوت عليه إن كان يفيد، ولن نقف ضد ما فيه مصلحة المملكة، لكن سنواجه الحكومة التي لم تتجاوب مع المبادرات التشريعية للنواب البرلمانيين.

وعلى الرغم من انفراط تنسيق المعارضة بالبرلمان، فإن هناك بعض التقارب بين حزب “التقدم والاشتراكية” و”الحركة الشعبية”، في الجهود المشتركة وبلورة مبادرات خلال المرحلة المقبلة ضد الحكومة، حيث وجّه الحزبان اتهامات للحكومة بتهميش المؤسسة البرلمانية، وتوجد عدة مقترحات من القوانين وضعتها الفرق البرلمانية من الأغلبية والمعارضة، لكن تم رفض التجاوب معها ودراستها باللجان البرلمانية المختصة.

ولا يعتقد حموني أن “عدم التنسيق سيؤثر سلبا على عمل المعارضة داخل البرلمان لأن التنسيق عدديا لا يخوّل لنا القيام ببعض المبادرات التي تتطلب عددا معينا الذي هو الخمس أو الثلث خصوصا في لجان تقصي الحقائق أو الإحالة على المحكمة الدستورية”.

وأكد أنه حتى مع التنسيق الذي كان سابقا لم يكن متاحا استعمال هذه الآلية الدستورية، وأن الاشتغال بشكل منفرد سيمكن المعارضة من أن تكون أقوى وستبرز المجموعات المعارضة بشكل أكبر عكس ما كان في السابق من تنازلات في إطار التوافق، ولسنا مجبرين على التنسيق لأننا لسنا أغلبية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: