لقيجي فوق القانون

بوشعيب البازي

باختصار شديد، لم توضع القوانين في أي دولة وأي مكان عبثاً، بل وجدت لهدف واضح ومباشر، ألا وهو تنظيم العلاقات والمعاملات بين البشر.

منذ بداية الخليقة والحياة بين الناس تنظمها القوانين، وإن كانت بدأت بصورة بدائية لتضبط عملية المقايضة في البيع والشراء، وكذلك منع اعتداء البشر على بعضهم البعض والتعدي على ممتلكاتهم أو حرياتهم، كتنظيم الحياة والعلاقات في التجمعات البشرية، إلا أنه من الاستحالة ألا تجد قوانين تتبع في أي زمن من الأزمان.

وفي زمننا الحالي وصلت القوانين في مسيرتها التاريخية إلى مراحل متقدمة من التطوير والتعديل والتنقيح، وكل هذا في سبيل تنظيم العلاقات على مختلف الأصعدة، وضمان الحقوق، وتجد أكثر الدول تطوراً وترسيخاً للديمقراطية لا تهاون فيها في تطبيق القانون.

لكن للأسف عادل الميلودي يدعي كونه من دعاة الديمقراطية ورافعاً لواء الحريات، لكنه أمام التزامه بالقوانين تجده «متجاوزاً» ويريد أن يتصرف وكأنه «فوق القانون»، اتهم بالتهديد بقتل رجال الشرطة بولاية أمن القنيطرة بعد القبض على زوجته ، كان آنذاك خارج الوطن مما جعل رجال الامن يراسلون النيابة العامة بمحكمة القنيطرة التي أصدرت مذكرة بحث و توقيف في حق عادل الميلودي ، و رغم ذلك تمادى في خرجاته عبر اليوتوب يهدد و يتوعد بعض المسؤولين الامنيين ، لكن و رغم كل هذه الاتهامات الثقيلة و الثابتة في حقه دخل الى المغرب حرا طليقا ليركن سيارته امام ولاية امن القنيطرة للاستماع له ليطوي ملفه نهائيا في هذه القضية التي خلقت ضجة بين المغاربة .

الشيء الذي لم يستسيغه لا المواطنين و لا رجال الامن الذين تواصلوا مع اخبارنا الجالية لفضح المستور و التأكيد على التلاعب بهذه القضية التي شغلت الرأي العام المغربي لنوجه اسئلتنا للمسؤولين مباشرة عن كيفية تطبيق القانون على اصحاب النفوذ و المشهورين و اصحاب المال ، هل هم سواسية مع باقي افراد الشعب امام القانون ؟ أم هناك قوانين تطبق على طبقات شعبية و أخرى تبقى فوق القانون ؟
فالتطاول على القانون وخرقه ليست عملية بطولية، أو صورة من صور النضال، بل القانون وضع ليضمن حقك وحقي وحق غيري، ولينظم العلاقات بين الناس، وليمنع الانفلات في المجتمعات وتحولها لما أشبه بقانون الغاب الذي يأكل القوي فيه الضعيف أو الكبير الصغير.

وجود القوانين أمر ثابت لا يجب التهاون فيه، لأن التهاون يعني إلقاء اللوم على الدولة أو الجهة المشرعة، كونها عجزت عن حماية حقوق «جميع البشر»، ولو وجدت وتم التشديد ووجوب الالتزام بها، فإن المعيار هنا يرتبط بعملية الالتزام بها.

هذا الالتزام هو الكاشف لمستوى وعي الفرد، إن كان بالفعل مؤمناً بحقه في العيش في مجتمع آمن ومثالي فيه تشريعاته وقوانينه التي تكفل للناس كامل حقوقها، وتكفل له تحقيق العدالة في المعاملات مع البشر والبشر وأيضاً الدولة والبشر. أي مجتمع فيه قوانين ثابتة عادلة وتطبق على الجميع، هو مجتمع لدولة ناجحة في إرساء مبادئ العدالة والديمقراطية وحكم القانون النزيه، وهنا لكم في دول ضاعت فيها بوصلة القانون مثالاً في كيفية ضياع أمن الناس وحقوقهم، بل وحتى بلدانهم.

وعندما يكون هناك أحد يعتبر نفسه فوق القانون أيا يكن ومهما كان صفته  فنحن أمام ثورة ظلم أو ليل طويل وفي الحالتين مشكلة لا حل لها ومستقبل كراهية ودولة ديكتاتورية لا تحترم مواطنيها ولا دستورها ولا حتى ذاتها

إن احترام القانون الوضعي الذي سنه كبار رجال القانون ما هو إلا احترام لواضعيه ولمن فرضه وسنه عليهم .

الجميع يجب أن يكونوا سواسية أمام مواد القانون

والقانون هو فوق الجميع ولا أحد فوق القانون قاعدة مكتوبة في كتب الجامعات وفي الدساتير علينا تنفيذها

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: