مراكش : مدينة النصب و الإحتيال على السياح بإمتياز

نادية الواجب

إذا كانت مدن سياحية كثيرة تعاني من التحايل ومن أساليب النصب التي يكون السائح ضحية لها، سواء تعلق الأمر بروما أو بأثينا أو بقرطبة وجزر الباهاماس، فإن مدينة مراكش لن تخرج عن ذلك الإطار، إذ أن عدة تدوينات وأشرطة فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي تفضح ما يتعرض له السائح من سوء معاملة، وتصرفات مسيئة لقطاع يراهن عليه المغرب.

ساحة جامع الفنا والأحياء والأسواق المجاورة لها تشكل فضاء مركزيا تنتشر به هذه السلوكات المسيئة للقطاع السياحي، التي تعكسها شكايات تتوصل بها الدائرة الأمنية الخامسة بشكل شبه يومي، موضوعها تعرض السياح للنصب والاحتيال من طرف مروضي الأفاعي، أو سائقي الطاكسيات، أو نساء النقش بالحناء أو الوشم، أو أصحاب “حنطات” الأكل، أو المرشدين غير المرخص لهم.

الحيل والنصب أنواع

تهدد العاصمة السياحة بالمملكة المغربية المصنفة ضمن الوجهات السياحية على الصعيد العالمي تصرفات من طرف بعض الأطراف كمروضي الأفاعي والطاكسيات وبائعي البهارات و حراس السيارات، وحتى على مستوى الإشارات التي تحدد المآثر السياحية والأسواق”.

هذا و شوه بعض سائقي الطاكسيات الصغيرة والكبيرة قطاع السياحية، حيث بدأت تظهر بين الفينة والأخرى مقاطع فيديو توثق لخرقهم للقانون والأخلاق”، حيث “نقل السائح من المنطقة السياحية أكدال إلى ساحة جامع الفنا يتطلب مائة درهما دون استخدام العداد، وإذا طلب السائح استعمال مكيف الهواء، فعليه دفع ثمن إضافي”، بحسب تعبيره.

ومن الحيل التي تستعمل حاليا بعد وضع عدة متاريس بساحة جامع الفنا، “ادعاء بعض سائقي سيارات الأجرة من الصنف الثاني أن المنطقة غير آمنة ليحول السائح وجهته نحو أسواق أخرى”.

تسود طرق النصب والاحتيال  أيضا لدى بعض تجار البهارات، الذين ينسقون مع ثلة من المرشدين غير القانونيين، وتكون النتيجة غرامات معدودات من التوابل بـ 2000 أو 3000 درهم يتم اقتسامها فيما بينهم”.

ولم تستنى علامات التشوير التي وضعت لمساعدة السائح على تحديد ومعرفة الأسواق والمآثر التاريخية والأحياء داخل المدينة العتيقة، والتي تجعل الزائر يقطع مسافة طويلة ليصل إلى مراده: “مثلا، من أراد الوصول إلى قصر البديع من ساحة جامع الفنا عليه المرور من رياض الزيتون القديم والجديد وقصر الباهية، عوض طريق عرصة المعاش”.

و يبرر المسؤولين  هذا الأمر بكون السائح عليه أن يقطع هذا المسار لأنه يضم محلات تجارية كثيرة وأسواق عدة”، مشيرين إلى أن “هؤلاء لا يخطر ببالهم أن هذا السائح يعتمد تقنية (gps maps) لمعرفة الأماكن والمسافة الفاصلة بينها”.

للرحلات نصب واحتيال

لا يبرح النصب والاحتيال مكانا إلا وفرخا فيه، فالرحلات السياحية العشوائية هي الأخرى فضاء تنتشر فيه هذه التصرفات التي تسيء لصورة السياحة، ما يعني أن السائح معرض لكل أشكال الاحتيال، من سيارة النقل إلى الوجبات الغذائية”، بتعبيره.

وتطرح علامة استفهام كبيرة عن اليد الخفية التي تدعم  “الفوضى” والمستفيد منها: “هناك من يردد مصطلحا أضحى متداولا بين المهنيين وهو الملزومة، أي العمولة التي يؤديها المستفيد من استغلال الملك العام لبيع الجوالات غير المرخصة”.

بعض مطاعم الهواء الطلق التي يبلغ ثمن كرائها 3000 درهم لليوم تشكل خطرا على الزبون الأجنبي، الذي سيتعرض للاستنزاف المادي لتعويض ثمن الكراء، وثلة من “نقاشات الحناء” لهن نصيبهن فيما يسيء للساحة والسياحة.

“لا يمر يوم دون أن توضع فيه شكاية بخصوص التلاعب في الأثمان”.

وأصبح الغش يعم كل القطاعات، ففي الصناعة التقليدية، مثلا، تعرض بعض البازارات زرابي ترش بمواد كيماوية لتظهر في حلة قديمة تحيل على زمن غابر من أجل جذب السائح”، مضيفا: “حتى حمامات التدليك ومحلات بيع زيت أركان والعسل لا يخلو بعضها من غش ملحوظ للعيان، في غياب شبه تام للمسؤولين”.

ناهيك عن بائعي عصير الفواكه بساحة جامع الفنا المخلوط بالماء و قنينات الماء المعدني المغشوشة و غيرها من عمليات النصب التي لا تجدها الا في مدينة مراكش و التي أصبحت تسيء للمراكشيين الغيورين على مدينتهم.

ومن المظاهر السلبية التي أضحت تهدد السياحة بمدينة مراكش، العنف المادي واللفظي الذي يتعرض له السائح، فبعض التجار ومساعديهم يشتمون كل من رفض التبضع من محلاتهم. أما داخل الأزقة الضيقة للمدينة القديمة، فإن سلب المال والهواتف وكل ما غلى ثمنه وخف وزنه أضحى عادة لا ناهي عنها، وفق إفادة كل من التقت بهم هسبريس من تجار ومرشدين سياحيين وفاعلين جمعويين.

وتساءل العديد من المهنيين بقطاع السياحة ما إذا كان السكوت عن هذه المظاهر سيساهم في الحفاظ على ما يشكل مصدر عيش لآلاف القاطنين بالمدينة الحمرا، ويضخ مبالغ مالية ضخمة في ميزانية الدولة، مشيرين إلى أن السائح الأجنبي وجد نفسه مضطرا إلى الاستعانة بالتقنيات التكنولوجية لفضح طرق النصب والاحتيال التي يتعرض لها، ويعمد بعد ذلك إلى نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي.

تدوينات زوار المدينة

تصفح حسابات عدة على مواقع التواصل الاجتماعي، أو مواقع متخصصة في السياحة، يوقفك عند عدة ملاحظات يسجلها السائح الأجنبي حول طرق النصب والاحتيال، كتعريفات مروضي الأفاعي التي تتجاوز 200 درهم، وأسعار الوجبات الغذائية (3000 درهم)، ومنتوجات الصناعة التقليدية التي تبلغ أثمانها عنان السماء، ما يشكل اعتداء على صورة المغرب وساحة جامع الفنا، أيقونة مراكش، من طرف فئة من الفاسدين والجشعين، ويتطلب تدخلا قويا من طرف السلطة الإقليمية.

وبعد أن طفح الكيل وفاحت رائحة التصرفات السابق ذكرها، وانتشرت مقاطع فيديو هنا وهناك من طرف زوار مراكش من الأجانب وأضحت حديث المهنيين في جلساتهم وعلى مستوى وسائل التواصل بينهم.

وأجمع المهنيون والفاعلون الجمعويون والسلطة المحلية والأمنية على ضرورة إحداث إدارة خاصة بساحة جامع الفنا والأسواق المجاورة لها، تمنح سلطة واسعة لاتخاذ القرارات المناسبة بخصوص هذه المنطقة التي أصبحت اليوم تنتمي إلى التراث الإنساني.

 

و رغم كل التدخلات الأمنية تبقى مدينة مراكش من أكثر المدن إحتيالا على السياح المغاربة و الاجانب و تلاعبا بالمصالح العليا للبلاد من حيث استقبال السياح .

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: