الأمن الغذائي ورقة إسبانيا لتجديد اتفاقية الصيد البحري بين أوروبا والمغرب

تعمل إسبانيا التي تولت الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي مؤخرا على تقريب وجهات النظر السياسية لبعض الدول الأوروبية تجاه اتفاقية الصيد البحري مع المغرب، مؤكدة على أن السيادة الغذائية من أهم أولوياتها.

مدريد – تسعى إسبانيا لتجديد اتفاقية الصيد البحري مع المغرب من خلال الضغط بورقة الأمن الغذائي في مستهل رئاستها للاتحاد الأوروبي، وذلك قبل أسبوعين من حلول تاريخ نهاية الاتفاقية دون أن تبدأ أي مفاوضات رسمية حولها.

وينتهي بروتوكول اتفاقية الصيد البحري بين الاتحاد الأوروبي والمغرب في 17 يوليو الجاري، حيث ستكون أكثر من 120 سفينة أوروبية ملزمة بمغادرة السواحل المغربية والتوقف عن الصيد.

وشكل دور المغرب في مجال الأمن الغذائي على المستوى الإقليمي محور محادثات جمعت السبت بروما على هامش الدورة الثالثة والأربعين لمؤتمر منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) بين وزير الزراعة والصيد البحري المغربي محمد صديقي ونظيره الإسباني لويس بلاناس.

وقال بلاناس الذي تولت بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي ابتداء من السبت، إن “السيادة الغذائية هي إحدى أولويات الرئاسة الإسبانية لمجلس الاتحاد الأوروبي”.

 

هشام معتضد: ثروات الأقاليم الصحراوية لها ارتباط وثيق بالأمن الغذائي
هشام معتضد: ثروات الأقاليم الصحراوية لها ارتباط وثيق بالأمن الغذائي

 

وأفاد وزير الزراعة المغربي بأن “هذا الاجتماع شكل مناسبة للانكباب على التعاون الزراعي التقني والاقتصادي بين الرباط ومدريد”.

وأشار في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء إلى “أهمية الاتفاقية الصحية المغربية – الإسبانية التي تضمن ديناميكية سريعة للمبادلات التجارية في القطاع بين البلدين، وبالطبع بين أفريقيا وأوروبا”، مؤكدا على “أهمية التعاون الثلاثي لمواجهة التحديات في الحوض المتوسطي”.

والشراكة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب في مجال الصيد البحري قائمة منذ أكثر من 30 سنة من خلال سلسلة من الاتفاقات الثنائية والبروتوكولات التنفيذية المبرمة منذ 1988. وتم توقيع آخر اتفاقية سنة 2019 لفترة تمتد إلى يوليو الحالي.

وخلال الاجتماع الذي جرى بحضور الممثل الدائم للمملكة لدى المنظمات الأممية بروما يوسف بلا، جدد صديقي تأكيده للوزير الإسباني على التزام المغرب إزاء القضايا المتعلقة بالأمن الغذائي على المستويين الوطني والإقليمي، والذي يعد قضية ملحة يوليها المغرب أهمية قصوى.

وقدم المغرب رؤيته في مسألة الأمن الغذائي والإدارة المندمجة للموارد المائية ضمن سلسلة من الموائد المستديرة رفيعة المستوى، كما قدم توصياته بشأن قضايا الأغذية والزراعة العالمية وينظر في القضايا المتعلقة بسياسة الحوكمة العالمية.

وفي وقت سابق أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي ناصر بوريطة أن “الأمن الغذائي، علاوة على كونه مشروعا وطنيا مهيكلا، هو التزام أساسي للمغرب على المستويين الدولي والإقليمي”، مشددا على أن استدامة الأنظمة الغذائية هي أيضا مجال يحظى بالاهتمام في السياسة المغربية للتعاون بين بلدان الجنوب والتعاون ثلاثي الأطراف.

ونظرا إلى أهمية ملف اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي وارتباطها بالأمن الغذائي الإقليمي والدولي، رجح متابعون للعلاقات المغربية – الإسبانية والأوروبية أن هذا الملف سيكون ضمن النقاش بين دول الاتحاد الأوروبي والإسبان لأهميته لإقناع الاتحاد بتجديد اتفاقية الصيد البحري مع المغرب، خاصة أن هناك ضغوطا على الحكومة لاستغلال موقعها في رئاسة الاتحاد للقيام بما يلزم لحل المشكلة، لأن إسبانيا هي الخاسر الأكبر في حال لم يتم تجديد الاتفاق.

وأكد هشام معتضد الباحث في العلاقات الدولية أن “مصالح مدريد تدفعها إلى توظيف جميع الأوراق منها الأمن الغذائي لتجديد اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي، مشيرا إلى أن ثروات الأقاليم الصحراوية منها الفوسفات لها ارتباط وثيق بالأمن الغذائي الإقليمي والدولي”.

وأضاف في تصريح لـه أن “إسبانيا ستعمل من موقعها الحالي على تقريب المواقف السياسية لبعض الدول الأوروبية تجاه قضية الصحراء المغربية”.

وتشترط الرباط لتوقيع أي اتفاقية مع الاتحاد الأوروبي أن تشمل الأقاليم الصحراوية التي يعتبرها المغرب جزءا لا يتجزأ من أراضيه وسواحله، وبالتالي فإنه مُرجح بقوة عدم تجديد الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، إلا إذا تم الاتفاق بصيغة تحقق رغبة الرباط.

الرباط تشترط لتوقيع أي اتفاقية مع الاتحاد الأوروبي أن تشمل الأقاليم الصحراوية التي يعتبرها المغرب جزءا لا يتجزأ من أراضيه وسواحله

وذكر الإعلام الإسباني أن المهنيين في الصيد البحري في جزر الكناري بدأوا يضغطون أكثر، خاصة في منطقة لانزاروتي، مطالبين بضرورة تجديد الاتفاق مع المغرب لتفادي توقف نشاطهم الذي يعتمد على صيد سمك التونة في السواحل الأطلسية التابعة للمملكة المغربية.

وزارت آنا أوراماس النائبة الإقليمية لحزب تحالف جزر الكناري منطقة لانزاروتي، ووجهت انتقادات إلى وزير الزراعة والصيد البحري الإسباني، حيث اعتبرت أن الوزارة الوصية أهملت الفاعلين في قطاع الصيد البحري بجزر الكناري، وأن مستقبلهم أصبح غامضا في ظل عدم وضوح الرؤية بشأن اتفاقية الصيد البحري بين الاتحاد الأوروبي والمغرب.

وكان بلاناس أجرى اجتماعا مع الأطراف الأوروبية في بروكسل من أجل مناقشة الإجراءات التي سيتم اتخاذها بشأن الاتفاق مع المغرب، وبالخصوص كيفية التعامل مع التداعيات السلبية على قطاع الصيد البحري للبلدان المعنية في حالة عدم تجديد الاتفاق الذي يقول مراقبون إنه “وارد جدا”.

ويرفض المغرب أي تفاوض حول سيادته على أقاليمه الجنوبية ومياهه الإقليمية، كما يحرص على استمرار الشراكة الإستراتيجية مع إسبانيا والاتحاد الأوروبي على أسس متينة، كما يعمل على تعزيز الأمن الغذائي القاري، وذلك بمشاركة مجموعة من الدول الأفريقية في بناء إستراتيجيات زراعية متقدمة لتقوية السيادة الغذائية وتعزيز القدرة على المنافسة في الزراعة الدولية والانفتاح على أسواق جديدة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: