دعوة لتدخل المنتظم الدولي لوقف تهريب المساعدات الدولية بمخيمات تندوف

انطلقت مرحلة جديدة في مخيمات تندوف أصبح أبطالها سكان المخيم الذين عاشوا نصف قرن وهم ينتظرون رحمة المجتمع الدولي ويعوّلون عليه أملا في أن ينهي معاناتهم التي يعيشونها على التراب الجزائري.

وامتدّت سنوات الحصار والظلم والقتل والتجويع، وطال الفساد المساعدات التي كانت مخصصة لهؤلاء السكان دون أي تدخل دولي يُذكر. وبُعثت آلاف الرسائل والشكاوى واندلعت المظاهرات والاحتجاجات دون نتيجة.

ولم تتمكن المحاولات من وقف دعم المنظمات الإنسانية لبوليساريو، أو دفعها على الأقل إلى تحمل مسؤولية توزيع المساعدات بدلا من ترك الأمر مرهونا بأيدي قيادة الجبهة.

 

محمد الطيار: الانتفاضات المتنامية داخل المخيمات تستدعي تدخلا دوليا
محمد الطيار: الانتفاضات المتنامية داخل المخيمات تستدعي تدخلا دوليا

 

ولذلك قرر الصحراويون اتخاذ شكل جديد من النضال في معركتهم لانتزاع حقوقهم بأيديهم. ونظموا أنفسهم في مجموعات تهدف إلى فضح ممارسات بوليساريو.

وعملت مجموعات منذ فترة على منع تبادل السلطة بين مسؤولي بوليساريو إثر المؤتمر الأخير، في حين منعت مجموعات أخرى تنظيم أنشطة واحتفالات في عدد من الولايات وخلال الأحداث الرسمية لجبهة بوليساريو.

وتحركت مجموعة كبيرة من الشباب الذين قرروا البحث والتحقيق في طرق تهريب الوقود من المخيمات. ونجحت العملية بعد فترة طويلة من التعقب والمراقبة في إيقاف شاحنة تعود ملكيتها إلى قيادي بارز يدعى سالم البصير، وهو الذراع اليمنى لزعيم بوليساريو إبراهيم غالي. وقرر الشباب تصوير الشاحنة لكشف أساليب التهريب والسرقة في المخيمات.

جاءت هذه الخطوة بعد أيام من حريق أشعله مجهولون في محطة لبيع الوقود. وكان تدمير تسجيلات الكاميرات من دلائل الفوضى الأمنية والصراع بين تجار المحروقات وشبكات التهريب التي تنشط بعلم النظام الجزائري الذي يزود مخيمات تندوف بالوقود.

وتُتهم الجزائر بالتستّر على تهريب الوقود إلى المناطق المجاورة، فيما يبدو دعما غير مباشر لقيادة بوليساريو.

وربط محمد سالم عبدالفتاح، رئيس المركز الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، وتيرة الاحتجاجات وحالة الغضب المتنامية داخل مخيمات تندوف بضعف وتفكك وترهل تنظيم جبهة بوليساريو، وهو التفكك الذي يعود إلى الصراعات المحتدمة بين القياديّين والتي تتمحور أساسا حول السيطرة على الصناديق السوداء ومصادر التمويل من خلال الأنشطة غير القانونية.

وأضاف سالم عبدالفتاح  أن “الصراع منصب على المواقع القيادية المرتبطة بإدارة المساعدات ومخازن السلاح والمحروقات، وأيضا على المواقع الأمنية المرتبطة بالتنسيق الأمني مع الجيش الجزائري أو مراقبة مداخل ومخارج المخيمات”، مشيرا إلى أن هذه كلها مواقع قيادية حساسة تتقاطع مع مصادر التمويل المتعلقة بالأنشطة غير القانونية، وهو ما ينعكس على قدرة الجبهة على التعبئة والتأطير وضبط الوضع الأمني والاجتماعي داخل المخيمات.

 

سالم عبدالفتاح: الصراع منصب على المواقع القيادية المرتبطة بإدارة المساعدات ومخازن السلاح والمحروقات
سالم عبدالفتاح: الصراع منصب على المواقع القيادية المرتبطة بإدارة المساعدات ومخازن السلاح والمحروقات

 

واعتبر المختص في ملف الصحراء أن الترهل التنظيمي ظهر جليا في مؤتمر بوليساريو الأخير، حيث طفت على السطح خلافات عميقة وصدامات بين العناصر القيادية، التي باتت تلجأ إلى توظيف العصبيات القبلية والاحتماء خلف مجموعات الجريمة المنظمة ذات الطابع القبلي.

ولهذا يعدّ النضال الشعبي في المخيمات خطوة ضرورية ستكون ذات تأثير مهم على مصير الصحراويين في مخيمات تندوف، وتحتاج الدعم الدولي، بالإضافة إلى تغطية حقوقية وإعلامية تلقي الضوء على هذا النضال والوعي الجماعي.

وأكد سالم عبدالفتاح أنه بالرغم من أن هذه التحركات من شباب المخيمات مهمة وتلفت نظر الكل إلى الواقع الحقوقي والمعيشي المزري، إلا أن المجتمع الدولي يبدو عاجزا عن التدخل رغم النداءات المتتالية الصادرة عن مختلف الهيئات الأممية والمنادية بوجوب وصول المساعدات الإنسانية إلى مستحقيها، كان آخرها قرار مجلس الأمن 2654، فضلا عن القرارات الأخرى التي تدعو إلى إحصاء سكان مخيمات تندوف.

وغالبا ما تصطدم دعوات المنظمات المعنية بأوضاع اللاجئين بتنصل الجزائر من مسؤولياتها الملقاة على عاتقها إزاء من يفترض أنهم لاجئون داخل التراب الإقليمي في إطار التفويض غير القانوني لسلطاتها على المخيمات لصالح جماعة بوليساريو.

من جهته قال محمد الطيار، الباحث في الدراسات الإستراتيجية والأمنية، إن “الانتفاضات المتنامية داخل المخيمات تستدعي تدخلا دوليا لوضع حد لمعاناة سكان المخيمات”، داعيا الجمعيات الإنسانية والمنظمات الحقوقية الدولية المستقلة إلى تسليط الضوء على واقع ما يحدث في منطقة ضمن الولاية القضائية للجزائر.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: