البنك الدولي يحث المغرب على تعزيز الاستثمار النظيف

ماموني

حث البنك الدولي المغرب على زيادة الاستثمارات في الطاقة المتجددة خلال السنوات المقبلة لتعزيز مواكبة التحول الأخضر لإعطاء إستراتيجيته المتعلقة بتنويع مزيج الطاقة لتوفير الكهرباء زخما أكبر بما يسهم في تقليص فاتورة الطاقة ومواجهة الطلب المتنامي.

تتزايد قناعة المؤسسات الدولية المانحة بأن الدول منخفضة الدخل بما فيها المغرب تحتاج إلى تكثيف جهودها نحو تحقيق الأمن في مجال الطاقة وخاصة الكهرباء عبر زيادة مساهمة المشاريع المستدامة، في ظل تسارع نمو الطلب وارتفاع مستوى معيشة السكان.

وقدر البنك الدولي النفقات الرأسمالية الإضافية اللازمة لدفع عملية التحول في استخدام الطاقة في المغرب بنحو 2.6 مليار دولار سنويا حتى نهاية هذا العقد، مشيرا إلى أنها ستزيد إلى 17.4 مليار دولار سنويا حتى عام 2050.

ويرى خبراء البنك في أحدث تقاريره بعنوان “تمويل أنشطة التحول نحو استخدام الطاقة النظيفة في قطاع الكهرباء” أن هذه المسألة تتطلب من البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل على غرار المغرب توسعا أكبر في البنية التحتية للشبكة.

وأشاروا في التقرير إلى أن المسار يستلزم كذلك زيادة في استخدام مصادر الطاقة البديلة مع تحقيق كفاءة استخدامها لمواكبة تنامي الطلب على الكهرباء في بلد يضم حوالي 37 مليون نسمة.

 

لحسن حداد: الإسراع في استخدام الطاقة النظيفة في معظم القطاعات
لحسن حداد: الإسراع في استخدام الطاقة النظيفة في معظم القطاعات

 

وشدّدوا على أنه سيتعين مضاعفة معدل تركيب أنظمة الطاقة الكهروضوئية الشمسية أو زيادة هذا المعدل بنحو ثلاثة أمثال خلال العقد القادم في المغرب والعديد من الدول الأخرى، مقارنة بمسارات التنمية الحالية.

ولدى الرباط برنامج للاستثمار في الطاقة النظيفة لتوسيع البنية التحتية للكهرباء وتحقيق كفاءة استخدام الطاقة المستدامة عقب الخفض التدريجي المسجل في استخدام الفحم في محطات التوليد لتأمين الإمدادات.

كما تعمل السلطات على تحويل المصانع إلى كيانات صديقة للبيئة لترسيخ حلول الطاقة النظيفة والمضي قدما في إزالة الكربون.

وأجرت الحكومة إصلاحات في مجال الطاقة بناء على أولوياتها لتعزيز تنويع مزيج الطاقة، ودعم تنمية الصناعة، وكذلك الاندماج في الأسواق الإقليمية والدولية وتشجيع تنمية الموارد المحلية.

ويستهدف البلد تعزيز الاستثمار في بناء مزارع شمسية ورياح خاصة بالأقاليم الجنوبية التي تشكل جزءا من المخطط الشامل الهادف إلى الاعتماد على الطاقة المتجددة بنسبة 52 في المئة وتقليص فاتورة الطاقة.

ويستورد المغرب كل احتياجاته من الطاقة تقريبا، ويغطي إنتاجه من الغاز أقل من 20 في المئة من الطلب المحلي، وخاصة لتشغيل مولدات الكهرباء.

ولذلك يعمل على تنويع مزيج الطاقة بالتركيز على مشاريع الطاقة البديلة لإنتاج الكهرباء مع تنمية عدد من حقول النفط والغاز لتغطية الطلب المتزايد على الطاقة.

وكان المعهد العربي لرؤساء المؤسسات قد ذكر في تقرير مؤخرا أن الاعتماد على الطاقة المستدامة قضية رئيسية للمغرب بسبب محدودية الموارد المحلية.

وأكد المعهد أن البلد يعتمد بشكل كبير على واردات الطاقة لتلبية احتياجاته، خاصة في ما يتعلق بتوليد الكهرباء والنقل والصناعة، وهو ما يشكل عبئا على اقتصاده، ويتعين عليه تحمل فاتورة الطاقة بالعملات الأجنبية، ما يزيد من الضغط على ميزان المدفوعات.

ووفق بيانات نشرها مكتب الصرف الحكومي في فبراير الماضي، فإن فاتورة الطاقة في 2022 نمت بمقدار 102 في المئة لتبلغ أكثر من 153.3 مليار درهم (15.3 مليار دولار).

ولأن المغرب كغيره من البلدان النامية، مثل مصر والأردن وتركيا وبنغلاديش وفيتنام، يسعى لمواجهة تحديات الأمن في مجال الطاقة، فإن الأمر سيتطلب بحسب البنك الدولي نموا في معدل تركيب أنظمة السعة الخاصة بطاقة الرياح.

ويقول البنك إن السعة يفترض أن تزيد بنسبة 30 إلى 500 في المئة في ظل سيناريوهات الحد من الانبعاث الكربونية مع التأكيد على أهمية كفاءة استخدام الطاقة لخفض المتطلبات الرأسمالية في مرحلة التحول وكسب الوقت.

وأشار إلى أنه حتى يتسنى تمويل التحول بشكل عادل وينسجم مع هدف ضمان حصول الجميع على خدمات الطاقة الحديثة وميسورة الكلفة والمستدامة بحلول 2030، بما يواكب اتفاق باريس بشأن المناخ، سيتعين على البلدان النامية تعبئة المزيد من رأس المال.

وتحتاج البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل إلى زيادة حجم استثمارات قطاع الكهرباء بمقدار أربعة أضعاف من 240 مليار دولار سنويا في المتوسط خلال الفترة بين 2016 و2020 إلى تريليون دولار في 2030.

ومن المتوقع أن يزداد هذا الحجم الضروري من التمويلات الخضراء غير المسبوق مع زيادة وتيرة الحد من الانبعاثات الكربونية.

 

سعيد مولين: من المهم الاستثمار أكثر في مكافحة التغيرات المناخية
سعيد مولين: من المهم الاستثمار أكثر في مكافحة التغيرات المناخية

 

ويتمتع المغرب بمزايا كثيرة لتحقيق الانتقال في مجال الطاقة، لاسيما المشاريع الشمسية والرياح والكهرومائية وكذلك في إنتاج الهيدروجين الأخضر، تجعله يتموقع كمنصة متميزة ورائدة للإنتاج والتصدير على المستوى الإقليمي واستقطاب الاستثمارات الأجنبية.

وأكد تقرير مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد أن خارطة العالم الخاصة بصناعة الهيدروجين الأخضر كمصدر للطاقة بدأت تتشكل مدفوعة بحالة مواتية بسبب أزمة الطاقة الناتجة عن الصراع بين أوكرانيا وروسيا، من ناحية، وللالتزامات التي تعهدت بها أكثر من 140 دولة للحد من انبعاثات الكربون الخاصة بها، من ناحية أخرى.

وقال النائب عن حزب الاستقلال المشارك في الحكومة لحسن حداد إن على بلاده الاستعداد لضمان حضورها في السوق الأوروبية والوفاء بالتزاماتها عبر تقليص استعمال الكربون في الصناعة والتحول إلى استخدام الطاقة النظيفة في معظم القطاعات.

وأشار في ندوة بمجلس المستشارين مؤخرا حول “العلاقات المغربية – الأوروبية: آفاق جديدة في مواجهة التحديات المناخية” إلى وجود تكاليف مهمة لتهيئة الوحدات لاستعمال الطاقة المتجددة، وكذلك عمليات التتبع والتدريب واستعمال المعايير الأوروبية.

وكان المدير العام لـ”الوكالة المغربية للنجاعة الطاقية” سعيد مولين قد شدد على أهمية الاستثمار أكثر في مجال مكافحة التغيرات المناخية.

وأبرز أن بلده لديه مصادر هائلة للطاقات المتجددة، كما أن الكلفة الإنتاجية لهذه الطاقة من بين الأقل على المستوى العالمي.

وشدد مولين على ضرورة استحضار البعد والأثر الاقتصاديين لهذا التوجه على المجتمع علاوة على البعد البيئي الإنساني.

وقال إن “تسريع وتيرة الاستثمار في مجال الطاقات المتجددة سينتقل بالمغرب من بلد مستورد للطاقة إلى بلد مصدر لها، وهو ما سيخفف من تكاليف فاتورة الطاقة وينعكس إيجابا على الاقتصاد”.

وتتجلى معوقات الاستثمار في التحول النظيف بالبلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، بحسب البنك الدولي، في محدودية القدرة على تحمل التكاليف، حيث أن الحيز المالي اللازم لا يحفز القيام باستثمارات عامة في المجال إضافة إلى عدم قدرة المستهلكين على تحمل تكاليف التحول.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: