بوليساريو تفشل في التشويش على حزب العمال الحاكم في إسبانيا

ماموني

منع حزب العمال الاشتراكي الإسباني رفع أعلام بوليساريو في حملته الانتخابية تماشيا مع موقف الحكومة بقيادة بيدرو سانشيز الداعم لسيادة المغرب على صحرائه.

وحاولت الجبهة الانفصالية التشويش على الاجتماعات الانتخابية التي يرأسها سانشيز استعدادا لانتخابات الثامن والعشرين مايو، وذلك بدفع موالين لها باستجواب رئيس الحكومة بشأن قضية الصحراء، وقاموا أيضا بتوجيه إهانات شخصية له، وهو ما وقع يوم العاشر من أبريل في سيغوفيا، حيث قاطعوا خطاب رئيس الحكومة ليسألوه “كم دفع له المغرب”، قبل أن يغادروا الاجتماع.

ومُنع موالون لجبهة بوليساريو من رفع أعلام الجبهة في ثلاثة تجمعات انتخابية للحزب الاشتراكي العمالي الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء الإسباني، آخرها في مدينة بورغوس، حيث تم منع موالين للجبهة الانفصالية من رفع أعلامهم قبل أن يتهموا حكومة سانشيز بموالاة المغرب.

وقرر الحزب الحاكم الإسباني تطويق تواجد أنصار بوليساريو في تجمعاته الانتخابية، عندما طرد رجال الأمن شخصا رفع علم بوليساريو، وقاطع مداخلة سانشيز يوم الأربعاء الثاني عشر أبريل في بورغوس عندما أخذ الكلمة لعرض برنامج حزبه لانتخابات الثامن والعشرين مايو المقبل، واستنكرت صحيفة تابعة للجبهة للانفصالية تصفيق الاشتراكيين بعد طرد الرجل المذكور.

 

محمد لكريني: إسبانيا استوعبت الأخطاء التي مست الوحدة الترابية للمغرب
محمد لكريني: إسبانيا استوعبت الأخطاء التي مست الوحدة الترابية للمغرب

 

ويرى محمد لكريني أستاذ العلاقات الدولية في تصريح لـه أن “الحزب الحاكم الإسباني من خلال رفضه رفع أعلام جبهة بوليساريو في أي تجمع انتخابي يؤكد أن محاولة التشويش التي قام بها موالون للجبهة باءت بالفشل، وأن العلاقات المغربية – الإسبانية في تطور وتأكيد على احترام المبادئ والقواعد التي تجمع البلدين، والأكثر من ذلك أن إسبانيا استوعبت الأخطاء السابقة التي مست الوحدة الترابية للمغرب”.

ويرى متابعون للشأن المغربي أن بوليساريو وداعميها لم يستطيعوا ثني الحكومة الإسبانية عن موقفها الداعم لسيادة المغرب على صحرائه، وسبق للجبهة وقف اتصالاتها مع الحكومة الإسبانية، رغم أنها تتوفر فقط على مكتب مسجل كمنظمة وليس كجهة رسمية خارجية، كما أن كل الاتصالات الرسمية لإسبانيا حول وضع مخيمات تندوف على الأراضي الجزائرية، تتم عبر سفارة الجزائر بمدريد باعتبار الدولة الجزائرية هي المسؤولة قانونيا عن تلك المخيمات.

وفي تطور مهم، لا توجد قضية الصحراء ضمن أولويات الأحزاب الإسبانية التي تشارك في الانتخابات البلدية والإقليمية المقبلة، منها تلك الأحزاب المعروفة بقربها من بوليساريو.

ولم تتطرق وزيرة العمل الإسبانية يولاندا دياز إلى قضية الصحراء عند كلمتها خلال حفل تقديم نفسها قبل أيام كمرشحة لكتلة “سومار” اليسارية المتطرفة في الانتخابات المقبلة، وهي التي عرفت بانتقادها العلني لدعم سانشيز لمقترح الحكم الذاتي المغربي.

ومنذ إعلان إسبانيا عن موقفها الجديد بدعم مبادرة الحكم الذاتي المغربية لحل نزاع الصحراء في مارس 2021، لم تتوقف الأطراف المساندة لبوليساريو داخل شبه الجزيرة الإيبيرية عن إعلان انتقاداتها الشديدة لحكومة سانشيز، متهمة إياه بالتخلي عمّا تسميه بـ”حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره”، وتعتمد على أطراف سياسية معارضة لسانشيز لزيادة الضغط على الحكومة الحالية بهدف أن تتراجع الأخيرة عن موقفها.

 

محمد الطيار: الحزب الاشتراكي الإسباني نسف ما بناه داعمو بوليساريو
محمد الطيار: الحزب الاشتراكي الإسباني نسف ما بناه داعمو بوليساريو

 

وترى الحكومة الإسبانية بقياد سانشيز بأن مبادرة الحكم الذاتي المغربية عادلة وذات مصداقية لحل نزاع الصحراء، وهو موقف يتماشى مع مواقف العديد من البلدان الأخرى التي أعلنت دعمها لهذه المبادرة، وعلى رأسها الولايات المتحدة وبلدان أخرى مثل ألمانيا.

ورفض الحزب الاشتراكي العمالي الحاكم في إسبانيا دعوة من جبهة بوليساريو الانفصالية لحضور مؤتمرها بمخيمات تندوف جنوب الجزائر بين الثالث عشر والسابع عشر يناير 2023، ما يؤكد، حسب محمد الطيار الباحث في الدراسات الإستراتيجية والأمنية، على التزام الحزب الاشتراكي الحاكم بخارطة طريق تعزز المرحلة الجديدة بين بلدين متجاورين وشريكين إستراتيجيين، على أساس الشفافية والاحترام المتبادل والامتثال للاتفاقيات.

واعتبر الطيار في تصريح لـه أن الحزب الاشتراكي نسف كل ما تم بناؤه من طرف داعمي بوليساريو طيلة أكثر من أربعة عقود عندما كانت إسبانيا تغدي الانفصال بالأقاليم الجنوبية المغربية بشتى الطرق، والجبهة الانفصالية تعتبر سانشيز عدوا لهذا تسعى عبر مواليها للتشويش على حملته الانتخابية وتأمل في عدم فوزه كي تعود الأمور إلى ما كانت عليه، مشيرا إلى أن إسبانيا مقتنعة بموقفها من الصحراء وتخليها عن بوليساريو أصابها في مقتل.

وقطع البلدان مراحل متقدمة لتثبيت شراكتهما الجديدة وتقوية العلاقات الثنائية، ما يعني حسب مراقبين أنه لا مجال لتراجع إسبانيا عن موقفها الداعم للمغرب في قضية الصحراء، رغم تلك الحملات التشويشية التي رافقت اعتراف الحكومة الإسبانية بمبادرة المغرب للحكم الذاتي، وذلك تفاديا لخلق أزمة دبلوماسية الطرفان في غنى عنها، وستكون إسبانيا هي المتضرر الأكبر حيث ستخسر في مجالات التعاون مع المغرب في الأمن والهجرة.

وقال رئيس مجلس المستشارين المغربي (الغرفة الثانية للبرلمان) النّعم ميّارة في كلمته بافتتاح الدورة الربيعية الجمعة، إن “الاعتراف الإسباني بمخطط الحكم الذاتي أعطى زخما كبيرا للعلاقات بين مدريد والرباط، يواكبها تنسيق على جميع الأصعدة وفي مختلف الميادين”.

ويعني منع حزب العمال الاشتراكي رفع أعلام بوليساريو في حملته الانتخابية، حسب مراقبين، أن بوليساريو وداعميها فشلوا في التشويش على موقف الحزب الحاكم الإسباني من الصحراء، وأفرغ موضوع بوليساريو من تلك القوة التي كانت تضغط بها التشكيلات الحزبية داخل إسبانيا سابقا لابتزاز الرباط في ملفات الاقتصاد والهجرة والصيد البحري.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: