إسبانيا تتصدى لوجود جبهة بوليساريو في القمة الإيبيرية – الأميركية

ماموني

تصدت إسبانيا لمحاولة رئيس كولومبيا فرض وجود جبهة بوليساريو كعضو مراقب في القمة الإيبيرية – الأميركية التي عقدت مؤخرا بسانتو ديمينغو، عاصمة جمهورية الدومينيك، في موقف يتماهى والتحول الإسباني حيال الجبهة الانفصالية.

وأكد وزير خارجية إسبانيا خوسي مانويل ألباريس خلال ندوة صحفية على هامش القمة التي تجمع إسبانيا والبرتغال وبلدان أميركا اللاتينية بأن الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو، من حقه أن يقول ما يشاء، لكن باب إعطاء صفة مراقب مفتوح لجميع البلدان المعترف بها.

وكان الرئيس الكولومبي اقترح خلال مداخلة إعطاء صفة مراقب للبلدان الإفريقية، خاصة التي لها روابط لغوية إسبانية أو برتغالية، من بينها ما وصفها بـ”الأمّة الصحراوية” على اعتبار أنها تتعرض لـ”الظلم” وفق تعبيره.

 

محمد لكريني: مدريد استوعبت الأخطاء السابقة التي مست الوحدة الترابية للمغرب
محمد لكريني: مدريد استوعبت الأخطاء السابقة التي مست الوحدة الترابية للمغرب

 

ولا يخفي الرئيس الكولومبي تحامله على المغرب واصطفافه إلى جانب جبهة بوليساريو التي أعلن إعادة العلاقات معها في أغسطس الماضي، بعدما كانت العلاقات مجمّدة منذ سنة 2001.

ويرى محمد لكريني أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي أن رفض إسبانيا حضور جبهة بوليساريو في القمة الإيبيرية – الأميركية يؤكد على أن العلاقات المغربية – الإسبانية في تطور ومسار يحترمان المبادئ والقواعد التي تجمع البلدين، وأن مدريد استوعبت الأخطاء السابقة التي مست الوحدة الترابية للمغرب.

ولفت لكريني في تصريح لـه إلى أن المحاولة التي قام بها الرئيس الكولومبي من أجل فرض وجود بوليساريو في القمة بمنح صفة مراقب على غرار المغرب، فشلت لكونها تأسست على طرح سياسي غير منطقي لأن الجبهة هي حركة انفصالية لا تتوفر فيها مقومات الدولة، ومن ثمة فالرد الإسباني عبر وزير الخارجية اعتراف بالوحدة الترابية للمغرب وشكّل انتصارا سياسيا ودبلوماسيا على الجبهة، في منطقة كانت إلى عهد قريب أحد معاقلها.

واستطاع المغرب في السنوات الأخيرة كسب العديد من الأصوات في أميركا اللاتينية، حيث تقلصت الدول الداعمة لجبهة بوليساريو مقارنة عمّا كان عليه الوضع في العقود الماضية، خصوصا وأن المغرب عضو مراقب منذ سنة 2010 داخل هذه الكتلة، التي تضم 22 دولة من أميركا اللاتينية بالإضافة إلى إسبانيا والبرتغال.

وفي مداخلة له خلال اجتماع البلدان الأعضاء المراقبة بهذا المؤتمر أشار سفير المغرب في سانتو دومينغو هشام دحان إلى الترشح المشترك للمغرب وإسبانيا والبرتغال لتنظيم كأس العالم لكرة القدم لسنة 2030، مبرزا أن الأمر يتعلق بعربون صداقة والتزام المملكة، بشكل لا رجعة فيه، بعمل متواصل من أجل تعزيز علاقاتها مع المجتمع الإيبيرو – أميركي وإشعاعه على المستوى الدولي، من خلال التقارب بين الشعوب عبر الرياضة والثقافة.

رفض إسبانيا حضور جبهة بوليساريو في القمة يؤكد على أن العلاقات المغربية – الإسبانية في تطور

وذكّر السفير المغربي بالروابط التي تجمع المغرب وهذا التجمع الإقليمي منذ انضمامه في عام 2010، وعلى المساهمة التي تتعهد المملكة بتقديمها في إطار أجندة العمل للفترة 2023 – 2024، والتي تشارك فيها جميع الدول المراقبة من خلال تنفيذ أعمال تعاون مشترك في مختلف المجالات ذات الاهتمام المشترك.

ودون نتائج كبيرة خاضت بوليساريو والجزائر في السنتين الأخيرتين محاولات لدفع عدد من بلدان أميركا اللاتينية للاعتراف بها، أو على الأقل عدم الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء، خصوصا بعدما استشعرت الجبهة الانفصالية مخاطر الاعتراف الأميركي بسيادة المغرب على الأقاليم الصحراوية في أواخر 2020، والتي سارت في طريقها عدد من الدول ومنها إسبانيا، التي أعلنت في العام 2022 بشكل رسمي دعمها لمبادرة الحكم الذاتي المغربية.

وقال وزير خارجية بيرو الأسبق، ميغيل أنخيل رودريغيز ماكاي، إنه خلال زيارة قام بها، مؤخرا، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، إلى واشنطن “جددت إدارة الديمقراطي جو بايدن، على خطى الرئيس الجمهوري السابق، دونالد ترامب، دعمها الكامل لمخطط المغرب للحكم الذاتي” في الصحراء، ووصفته بأنه “جاد وذو مصداقية وواقعي، مكرسة سيادة الرباط” على هذه المنطقة، ومتبعة في ذلك “سياسة دولة حقيقية على الجبهة الخارجية”.

ورأى الوزير البيروفي الأسبق أن لقاء وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة مع نظيره الأميركي “يؤكد الأهمية الكبيرة، التي يوليها البيت الأبيض للمغرب”، مضيفا أن هذا الموقف يوجه “ضربة قاسية لبلدان؛ مثل بيرو، التي قررت، لأسباب غير مفهومة، خلاف ذلك”.

وأكد لكريني أن التوافق الإسباني – المغربي يعتبر امتيازا وفرصة للدبلوماسية المغربية داخل دول أميركا اللاتينية التي يجب دعمها للدبلوماسية وتقوية حضورها للوقوف أمام تحركات جبهة بوليساريو والعمل على إقناع الدول لسحب اعترافها بها رغم تراجع اعتراف مجموعة من الدول بهذه الحركة الانفصالية في هذه القارة التي تعتبر الفضاء الذي تنتعش فيه.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: