المغرب يضع قضية الصحراء منطلقا لتجديد اتفاق الصيد البحري مع الاتحاد الأوروبي

ماموني

يواجه الاتحاد الأوروبي اختبارا صعبا في علاقة بتجديد اتفاقية الصيد البحري الموقعة مع المغرب، وسط تمسك الرباط بتحيين مضمون الاتفاق بما يتماشى ورؤيتها السياسية، لاسيما في علاقة بقضايا سيادية مثل قضية الصحراء.

تشكك أوساط أوروبية في إمكانية قبول المغرب بتجديد اتفاقية الصيد البحري الموقعة مع الاتحاد الأوروبي، ما لم يجر الاتفاق على حزمة من الملفات وفي مقدمتها الموقف من قضية الصحراء.

وقال وزير الزراعة والصيد البحري الإسباني لويس بلاناس في اجتماع لوزراء الزراعة والثروة السمكية الأوروبية عقد في بروكسل إن الجانب المغربي يريد أن يكون لديه “يقين” بخصوص مضمون الاتفاقية، وعلى هذا الأساس سيكون “من المعقد جدا إحراز تقدم في المفاوضات دون حل القضية”.

وناقش مجلس وزراء الزراعة والثروة السمكية في الاتحاد الأوروبي الاثنين والثلاثاء موضوع انتهاء اتفاق الصيد البحري الذي يربط الاتحاد بالمغرب، والذي يشمل جميع المياه الإقليمية للمملكة شمالا وفي اتجاه الأقاليم الصحراوية، وذلك بناء على طلب ثلاث دول هي بولندا ولاتفيا وليتوانيا، التي تُعد الأكثر تضررا من عدم تجديد الاتفاق بعد إسبانيا صاحبة أكبر أسطول.

وتتحرك مدريد والعواصم الأوروبية الأخرى من أجل ضمان تجديد الاتفاقية التي تنتهي في يوليو المقبل، غير أن تجديد الاتفاقية من الجانب الأوروبي يتطلب حكما جديدا من محكمة العدل الأوروبية التي سبق أن ألغت الاتفاقية.

وكان وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة قد أكد أثناء تقديمه مشروع ميزانية وزارته لسنة 2022 بأن أيّ اتفاق مستقبلي ينبغي أن يكون في إطار احترام السيادة المغربية، مشدّداً على أن المغرب لا يتفاوض حول سيادته.

 

هشام معتضد: الاتحاد الأوروبي مطالب بموقف مسؤول تجاه قضية الصحراء
هشام معتضد: الاتحاد الأوروبي مطالب بموقف مسؤول تجاه قضية الصحراء

 

وأكد هشام معتضد الباحث في العلاقات الدولية أن تجديد المغرب لاتفاقية الصيد البحري مع الاتحاد الاوروبي مرتبط بالمواقف السياسية الواضحة التي تنتظرها الرباط من شركائها الأوروبيين تجاه قضية الصحراء المغربية، خاصة وأن المغرب رهن الانخراط في مقاربة رابح – رابح مع شركائه بموقف واضح ومسؤول تجاه هذه القضية.

ولفت معتضد في تصريحات لـه أن دعوة المغرب لتحيين مضمون اتفاقية الصيد البحري لمواكبة التطورات الجيوسياسية المتعلقة بملف الصحراء ومسايرة رؤية الرباط لتدبير علاقاتها الدولية وسياستها الخارجية سيتطلب من الاتحاد الأوروبي التزاما أكثر مسؤولية تجاه الرباط، وذلك بانخراط جميع مكوناته المؤسساتية والتنظيمية في احترام التوجهات السيادية والإستراتيجية لشريكه الاقتصادي.

وتُعد اتفاقية الصيد البحري أهمّ شراكة اقتصادية تجمع الاتحاد الأوروبي بالمغرب، والتي دخل بروتوكول التنفيذ المرتبط بها حيز التنفيذ في 18 يوليو 2019 حيث تسمح لـ128 سفينة تابعة للاتحاد الأوروبي من إسبانيا والبرتغال وفرنسا وألمانيا وليتوانيا ولاتفيا وبولندا وهولندا وإيرلندا وإيطاليا والمملكة المتحدة بالصيد في المياه المغربية.

وأثناء مشاركته في الاجتماع، طالب وزير الزراعة والصيد البحري الإسباني بتفعيل الإجراءات الأوروبية لمساعدة أسطولها في حال توقف اتفاقية الصيد الموقعة مع الرباط، على اعتبار أن الأمر يتعلق باتفاقية أوروبية.

ويرى هشام معتضد أن الانتظارات السياسية للرباط من طرف الاتحاد الأوروبي لتجديد الاتفاقية تنسجم والتوجهات الجديدة التي تبناها المغرب من أجل تعزيز شراكاته الاقتصادية وتنوعها على أسس متينة تتماشى وقناعاته الإستراتيجية من أجل تعاون بناء ورابح داخل إطار الاحترام المتبادل لرؤية البلدان والتوجهات السيادية التي يجب أن تؤطر شراكاته الثنائية ومتعددة الأطراف على المستوى الدولي.

واعتبر الخبير المغربي أن الاتحاد الأوروبي أمام اختبار سياسي واضح، ومُطالب بتبني موقف مسؤول تجاه قضية الصحراء المغربية وذلك بانخراط جميع مؤسساته بعيداً عن الخروج بمواقف متباينة وظرفية ومتغيرة عبر مختلف هيئاته السياسية وتجمعاته التنظيمية من أجل استرزاقه بمواقفه السياسية على حساب قضايا عادلة على غرار ملف الصحراء.

وستبدأ مفاوضات تجديد الاتفاقية خلال الصيف المقبل، وستكون مرتبطة بالحكم المنتظر من محكمة العدل الأوروبية بخصوص الأقاليم الصحراوية، والمتوقع إصداره في سبتمبر المقبل، والذي يأتي بعد استئناف مغربي – أوروبي مشترك ضد الحكم الصادر عن محكمة العدل الأوروبية في سبتمبر 2021 بإلغاء اتفاقية الصيد البحري مع المغرب، بناء على دعوى رفعتها جبهة بوليساريو الانفصالية.

وبالرغم من الحكم الأولي ظلت الاتفاقية سارية المفعول دون تنفيذ، حيث أعطيت مهلة شهرين من أجل تقديم المغرب طلب استئناف الحكم، ومباشرة بعد الاستئناف فإن القرار يبقى دون تنفيذ إلى حين صدور قرار استئنافي آخر.

◙ الاتحاد الأوروبي أمام اختبار سياسي واضح، ومُطالب بتبني موقف مسؤول تجاه قضية الصحراء المغربية

وبررت المحكمة الأوروبية قرارها بأن الاتفاقيتين “تشملان منتجات قادمة من إقليم الصحراء المتنازع عليه بين الرباط وجبهة بوليساريو، وجاء بناءً على دعوى تقدمت بها بوليساريو”.

وفي هذا الإطار شدد ناصر بوريطة على أنه “ينبغي أن يتخلص من منطق المساومة الذي تنتهجه أوروبا من حين إلى آخر”، داعيا إلى ضرورة “إيجاد بدائل أخرى لاتفاقيات جديدة تحترم السيادة المغربية”.

وقالت بعثة الاتحاد الأوروبي بالمغرب الشهر الماضي إن الشراكة في مجال الصيد البحري المستدام بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المغربية متواصلة منذ ثلاثين سنة. ومن الجانب المغربي والبلدان الأوروبية المعنية بهذا الاتفاق، مثل إسبانيا، فإن القرار مبني على ادعاءات غير صحيحة، حيث أن الاتفاقية تمت بموافقة سكان منطقة الصحراء والعديد من الهيئات الصحراوية، على عكس ادعاءات جبهة بوليساريو الانفصالية.

واعتبر معتضد في تصريحاته لـه أن الوضوح السياسي للرباط فيما يتعلق وتدبير علاقاتها الإستراتيجية على المستوى الخارجي يزعج بعض الأطراف الأوروبية التي تريد دائما الاستفادة الاقتصادية والتجارية من علاقاتها مع المغرب دون احترام لسيادته ورؤيته السياسية وهو ما يتنافى وميكانيزمات تدبير التعاون الدولي من داخل مقاربة رابح – رابح ويكرس الاستغلال الاقتصادي.

وفي السياق ذاته، جدد الاتحاد الأوروبي في تقريره للعام 2022 تأكيده على الاستفادة الكاملة لسكان الأقاليم الجنوبية للمملكة من الاتفاقيات المبرمة بين الرباط وبروكسل، ووقعها الإيجابي على التنمية السوسيو – اقتصادية لهذه المناطق.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: