لعبة التوازنات تضع جنرالا جديدا خارج مديرية أمن الجيش الجزائري

حنان الفاتحي

أعلنت قيادة أركان الجيش الجزائري عن تنحية الجنرال عبدالعزيز نويوات شويطر من على رأس مديرية أمن الجيش التابعة لجهاز الاستخبارات، واستخلافه مؤقتا بالعقيد محرز جريبي.

وأظهرت تغطية للتلفزيون الحكومي السبت صورا لقائد أركان الجيش الجنرال سعيد شنقريحة وهو يشرف على اجتماع تسليم واستلام المهام بين الرجلين، في واحدة من المديريات الرئيسية لجهاز الاستخبارات الذي يمثل العمود الفقري داخل المؤسسة العسكرية.

وجاء القرار ليؤكد المعلومات المتداولة من طرف ناشطين على شبكات التواصل الاجتماعي خلال هذا الأسبوع حول تغيير مهمّ يكون قد اتخذ على رأس مديرية أمن الجيش، ويطرح مجددا مسألة خلفيات التغييرات المفتوحة داخل المؤسسة ودلالاتها.

معركة التجاذبات والتوازنات داخل المؤسسة العسكرية، التي تمثل الحاكم الفعلي للبلاد وراء الستار، هي التي تفرز من حين إلى آخر قرارات الإقالة أو التعيينات مفاجئة

وكان الجنرال شويطر قد عيّن على رأس المديرية المذكورة في سبتمبر الماضي، ولم يعمّر فيها إلا حوالي ستة أشهر فقط، الأمر الذي يكرّس حالة من عدم الاستقرار داخل المؤسسة العسكرية، ويكشف عن استمرار التجاذبات بين النخب العسكرية الفاعلة.

وتداول على رأس مديرية أمن الجيش منذ العام 2019 ستة مدراء برتبة عميد ولواء، وتمت الإطاحة بهم في ظروف غامضة، حيث لم يحدث أن تحدثت قيادة المؤسسة العسكرية عن الأسباب الحقيقية لقرارات الإقالة والتعيين، وتكتفي في الغالب ببيانات مقتضبة تتضمن نفس المفردات والجمل المجترة في الوسط العسكري.

ومديرية أمن الجيش فصيل استخباراتي يضطلع بعمل استعلاماتي داخل الوحدات والمؤسسات النظامية، ويعد التقارير الداخلية بشأن سلوك منتسبي المؤسسة وتصرفاتهم، وترفع تقاريرها في العادة إلى المدير العام للجهاز أو المنسق العام، لكن في ظل غياب هذا المنصب منذ الإطاحة بالجنرال عثمان طرطاق العام 2019، وسجنه في إطار ما عرف آنذاك بـ”مجموعة التآمر والتخطيط للانقلاب على النظام وعلى قيادة الجيش”، صار قائد أركان الجيش هو الذي يضطلع بتلك المهام.

ويعد قائد أركان الجيش الجنرال الراحل أحمد قايد صالح هو من سن تقليد إلحاق قيادة جهاز الاستخبارات بقيادة الأركان، للاطمئنان على ما يسود داخل الجهاز، ودرء إمكانية التصرف بعكس إرادته، وهو الأمر الذي استمر عليه خلفه الجنرال سعيد شنقريحة.

 

◙ الجنرال شويطر لم يعمّر على رأس مديرية أمن الجيش سوى ستة أشهر، ما يكرّس حالة من عدم الاستقرار داخل المؤسسة
الجنرال شويطر لم يعمّر على رأس مديرية أمن الجيش سوى ستة أشهر، ما يكرّس حالة من عدم الاستقرار داخل المؤسسة

 

ومنذ الإطاحة بالمنسق الجنرال طرطاق، ألحقت مديريات الأمن الداخلي والأمن الخارجي والأمن المعلوماتي وأمن الجيش بقيادة الأركان، رغم أنه لا يوجد نص تشريعي ينظم ذلك، أو يعوض النص الذي سنه الرئيس الراحل عبدالعزيز بوتفليقة الذي ألحق جهاز الاستخبارات بمؤسسة رئاسة الجمهورية.

وباتت حملة التغييرات المفتوحة داخل دوائر القرار العسكري في البلاد مصدر قلق حول انعكاسات عدم الاستقرار وحتى عدم الاطمئنان لدى النخب العسكرية على وحدة أذرع المؤسسة وأدائها، خاصة في ظل الأخطار والتوترات الأمنية والعسكرية السائدة في المنطقة.

ومنذ انفجار قضية حمولة المخدرات في مايو العام 2018، واستغلالها من طرف الجنرال الراحل أحمد قايد صالح للقيام بحملة تغييرات واسعة وعميقة داخل المؤسسة بدعوى محاربة الفساد، لم تتوقف موجة التغييرات إلى الآن رغم الاستقرار النسبي السائد خلال الأشهر الماضية.

وذهب مراقبون إلى أن معركة التجاذبات والتوازنات داخل المؤسسة العسكرية، التي تمثل الحاكم الفعلي للبلاد وراء الستار، هي التي تفرز من حين إلى آخر قرارات الإقالة أو التعيينات مفاجئة، والأخطر من كل ذلك أن تصفية الحسابات ذهبت إلى حد سجن من تدور عليهم الدائرة.

وإذ تم سجن وتنزيل رتبة الجنرال واسيني بوعزة وعدد من الضباط والمعاونين له بسبب دعمه لترشيح عزالدين ميهوبي، منافس الرئيس الحالي تبون في العام 2019، والإطاحة بمدير الأمن الخارجي السابق محمد بوالزيت، ثم سجن مدير الأمن الداخلي السابق عبدالغني راشدي، فإن الإطاحة بمدير أمن الجيش عبدالعزيز شويطر لا يستبعد أن تنتهي إلى نفس المصير، لينضم بذلك إلى عشرات الجنرالات والعقداء المسجونين لأسباب مختلفة.

وفي انتظار تعيين ضابط جديد على رأس المديرية، على اعتبار أن خليفة شويطر يحمل رتبة عقيد ومنصبه الجديد هو بالإنابة فقط، ذهبت بعض التأويلات إلى أن القرار جاء بسبب فتح الجنرال المقال لملفات شخصية ومهنية لضباط سامين في مديريات أخرى أو في قيادة الأركان، الأمر الذي يكون قد كلفه منصبه وحتى متاعب أخرى في الأفق، بينما طرح آخرون فرضية تدهور وضعه الصحي.

ويرى المراقبون أن حرب التوازنات المستعرة وليدة مصالح ضيقة ونفوذ، ولا ترتبط في أيّ حال من الأحوال بخلافات سياسية أو أيديولوجية إلا في حالات نادرة، كأن تكون انتخابات رئاسية، أو ما يتردد حاليا حول عدم رضاء بعض النخب العسكرية عن خيارات القيادة العامة حول الارتباط الوثيق مع روسيا.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: