جهود أممية لإحياء العملية السياسية في قضية الصحراء

ماموني

يتحرك المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لنزاع الصحراء ستيفان دي ميستورا، هذه الأيام، لأجل إحياء العملية السياسية في قضية الصحراء المغربية، لكن خبراء يشككون في نجاعة هذه التحركات في ظل التعاطي السلبي للجزائر مع الملف.

وأجرى دي ميستورا مباحثات مع سيرجي فيرشينين، نائب وزير الشؤون الخارجية الروسي ناقش خلالها الجانبان رؤى الأطراف المعنية بالنزاع، ومدى انخراطهم بجدية في جهود تسويته.

وترتبط روسيا بعلاقات وثيقة مع الجزائر، وتأمل الأمم المتحدة في أن يكون لموسكو تأثير إيجابي لناحية إقناع الجزائر بالجلوس إلى طاولة المفاوضات.

وبحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية الروسية، فقد تبادل الجانبان وجهات النظر حول الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة والمبعوث الخاص في سبيل إعادة إحياء العملية السياسية لقضية الصحراء، والإكراهات التي تواجهها، وتصور المبعوث الخاص لكيفية إطلاقها والمدة الزمنية التي يحتاجها ذلك.

 

نبيل الأندلوسي: تحركات المبعوث الأممي لن تفضي إلى أي نتيجة
نبيل الأندلوسي: تحركات المبعوث الأممي لن تفضي إلى أي نتيجة

 

وتأتي مباحثات دي ميستورا مع أطراف غربية، مع اقتراب موعد إحاطته أمام مجلس الأمن في أبريل القادم، والتي ستحمل جديد جولاته وجهوده مع مختلف الأطراف.

وقال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، في وقت، سابق إن دي ميستورا يواصل مساعيه المشتركة مع جميع المعنيين.

وجدد دوجاريك التأكيد على أن هدف جهود دي ميستورا التي يتابعها الأمين العام للمنظمة الأممية شخصيا هي “من أجل إحراز تقدّم نحو تحقيق حل عادل، مستدام، واقعي ومقبول من الطرفين في مسألة الصحراء تماشيا مع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة”.

وشكل مؤتمر ميونخ للأمن العالمي، نهاية الأسبوع الماضي، محطة لبحث آخر التطورات في قضية الصحراء المغربية، وأجرى المبعوث الأممي على هامش المؤتمر مشاورات حول الملف مع عدد من المسؤولين الأوروبيين منهم وزير خارجية إسبانيا خوسيه مانويل ألباريس الذي جدد له دعم بلاده للمساعي الرامية إلى حل متفق عليه.

كما أجرى المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء عدة لقاءات هامة مع مجموعة أصدقاء الصحراء في مجلس الأمن الدولي وذلك على هامش مؤتمر ميونخ التاسع والخمسين للأمن .

وفي هذا الإطار قال وزير الخارجية الإسباني، في تغريدة له على حسابه بموقع “تويتر”، إنه أبلغ الأمين العام للأمم المتحدة بـ”دعم الحكومة الإسبانية الثابت” لجهود الأمم المتحدة الرامية إلى إيجاد حل سياسي متوافق بشأنه لنزاع الصحراء، وذلك بعد أن أكدت المملكة الإيبيرية دعمها لخطة إقامة الحكم الذاتي بالصحراء المغربية.

ويشكك نبيل الأندلوسي، رئيس المركز المغاربي للأبحاث والدراسات، في إمكانية أن تفضي تحركات المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى أي اختراق، في ظل مواقف جبهة بوليساريو الانفصالية ومن خلفها الجزائر.

وأشار الأندلوسي في تصريحات لـه إلى أنه ومنذ بداية هذا النزاع حتى اليوم، تواجه جهود التسوية مناورات جزائرية لتعقيد الملف والتملص من أيّ حل سياسي متوافق بشأنه، موضحا أن النظام الجزائري لايزال متشبثا برفض الجلوس إلى طاولة الحوار، على الرغم من قرارات مجلس الأمن في هذا الإطار، ودعوته جميع أطراف النزاع، بمن فيهم الجزائر للمساهمة البناءة في إيجاد حل سياسي دائم متوافق بشأنه.

من جهته أكد محمد الطيار، الباحث الأكاديمي في الدراسات الإستراتيجية والأمنية، في تصريح لـه بأن لقاءات المبعوث الأممي مع عدد من المسؤولين الأوروبيين حول قضية الصحراء المغربية تشكل محطة من المحطات المهمة في المساعي الدولية الرامية إلى إيجاد حل سياسي نهائي للنزاع الإقليمي المفتعل بالأقاليم الجنوبية المغربية.

وبالعودة إلى بلاغ وزارة الخارجية الروسية، فقد أكد أن المحادثة بين دي ميستورا والمسؤول الروسي شهدت “التأكيد على أهمية تحقيق حل عادل وطويل الأجل ومقبول للطرفين لهذه المشكلة، على أساس قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة بما يخدم مصالح جميع شعوب منطقة شمال أفريقيا”.

 

محمد الطيار: لقاءات دي ميستورا تندرج في سياق الجهود الرامية إلى إيجاد حل
محمد الطيار: لقاءات دي ميستورا تندرج في سياق الجهود الرامية إلى إيجاد حل

 

كما شدد الجانب الروسي على “دور بعثة الأمم المتحدة في الصحراء من أجل تحقيق الاستقرار، ودعمه لجهود دي ميستورا الهادفة إلى استئناف العملية السياسية. من أجل حل هذا الصراع طويل الأمد”.

وتأتي هذه اللقاءات للمبعوث الأممي ترجمة لجهود دولية وتنفيذا لقرار مجلس الأمن الأخير رقم 2654 الصادر في أكتوبر الماضي الذي يؤطر عمل البعثة الأممية، كما يؤطر المساعي والجهود الحميدة التي يبذلها الأمين العام ومبعوثه الشخصي.

ومع الظروف الجيوسياسية التي تمر بها المنطقة وفي ظل التوتر والأجواء المشحونة بين المغرب والجزائر أصبحت مهمة المبعوث الأممي شبه صعبة في جمع الأطراف المعنية بهذا الملف في جولة أخرى على غرار موائد مباحثات جنيف السابقة، التي كان يقودها سلفه الألماني كوهلر.

ورجح الأندلوسي أن تحركات المبعوث الأممي لن تفضي إلى أي نتيجة أو تقدم إيجابي في الملف المفتعل.

وقبل شهرين، عقد دي ميستورا لقاء دبلوماسيا جديدا مع يائيل لامبرت، مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى بالولايات المتحدة، من أجل مناقشة مستجدات الملف على ضوء القرار الأممي الأخير الذي دعا الجزائر إلى المشاركة في الموائد المستديرة.

ويعتقد صبري الحو، الخبير في القانون الدولي ونزاع الصحراء، أن تحركات دي ميستورا تتزامن مع إقدام مجموعة كبيرة من الدول على فتح قنصلياتها في أقاليم الجنوب المغربي والاعتراف الأميركي بشرعية سيادة المغرب على كل الصحراء ودعم إسبانيا كقوة استعمارية للإقليم لمبادرة الحكم الذاتي ليس مجرد محض صدفة، بل تتماشى مع الإرادة الدولية المجسدة على أرض الواقع والمتطابقة مع مبادرة المغرب بالحكم الذاتي.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: