السياسات الحكومية وراء ‎غلاء المعيشة وارتفاع أسعار المواد الأساسية

بوشعيب البازي

بعد إعلان الحكومة المغربية سنة 2021 عن ضبط خطة لإنهاء الدعم الحكومي للسلع الأساسية بحلول عام 2024 في مسعى لترشيد الإنفاق في الميزانية السنوية. وتأتي هذه الخطة ضمن برنامج إصلاح الاقتصاد الذي يتوخى سياسة غيرمتوازنة بحيث  ينعكس مثل هذا القرار على القدرة الشرائية للمواطنين.

مما يجعلنا نطرح عدة اسئلة عن محاولة الحكومة المغربية ضبط الأسعار التي شهدت ارتفاعا كبيرا في الفترة الأخيرة، ما انعكس على القدرة الشرائية للمواطنين، رغم أنها هي التي تسببت في هذا الارتفاع برفع اسعار المحروقات و تجاهل كل الاصوات التي تنادي بالتدخل الفوري في حل أزمة المحروقات التي بإمكانها ان تأجج الاحتجاجات بالبلاد .

فقد كشف المغرب عن خطة مرحلية تمتد لثلاث سنوات من أجل تخفيف الدعم الحكومي المخصص في نفقات الميزانية السنوية بشكل تدريجي حتى إلغائه نهائيا، مع مراعاة عدم تأثير الخطوة على قدرة السكان الشرائية.

وأظهرت وثيقة لوزارة الاقتصاد والمالية حول توجهات مشروع موازنة 2022 أنه سيتم إلغاء دعم السكر والدقيق والغاز لأغراض الاستعمال المنزلي بحلول عام 2024 ضمن نظام الدعم الذي يتولى إدارته صندوق المقاصة الحكومي.

وجاء في الوثيقة أن الخطة ستنفذ على ثلاث مراحل، الأولى في عام 2022 وتشمل تقليص دعم الدقيق. أما المرحلة الثانية فستكون في عام 2023 وتشمل إلغاء كليا لدعم الدقيق والسكر، وخفض دعم الغاز المنزلي بنسبة 50 في المئة. وتشمل المرحلة الثالثة والأخيرة تحريرا كاملا للغاز، وستنفذ في 2024.

ويبلغ متوسط نفقات صندوق المقاصة سنويا نحو 17.9 مليار درهم (ملياري دولار)، ولكن تقلبات الأسعار وظروف الاقتصاد العالمي والجائحة زادت من حجم النفقات مما يستوجب وضع استراتيجية من أجل التخلص منه بغية خفض عجز الموازنة السنوية.

وقال وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة السابق محمد بنشعبون أمام البرلمان  إن “نفقات صندوق الدعم سترتفع بواقع 3.5 مليار درهم (390 مليون دولار) بسبب ارتفاع الأسعار”.

وكشفت عدة دراسات عن اختلالات تعتري نظام الدعم، وهو ما جعل العديد من الجهات تطالب بإصلاحه أو إلغائه وتعويضه بدعم مالي مباشر للأسر الفقيرة.

وفي يوليو عام 2014 أوصت لجنة مراقبة المالية العامة بمجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان) بضرورة توجيه الدعم المالي المباشر إلى الفئات الفقيرة ومحدودي الدخل.

وتعكف الحكومة حاليا على استكمال إصلاح صندوق المقاصة المخصص لدعم المواد الاستهلاكية الأساسية، من خلال رفع الدعم عن باقي المواد الاستهلاكية وتشمل السكر وأسطوانات الغاز والدقيق.

ومن الواضح أن الإعلان عن برنامج زمني لإلغاء الدعم جاء مع اقتراب دخول السجل الاجتماعي حيز التنفيذ، وخاصة أن الحكومة قالت سابقا إن الخطوة مرتبطة بهذا الأمر.

وتسعى الحكومة لدعم الشرائح الأكثر احتياجا عبر السجل الاجتماعي الموحد لتفادي العيوب التي اعترت برامج الدعم السابقة وإصلاحها بالطرق الصحيحة.

وتشير البيانات الرسمية إلى أن الأغنياء يستهلكون عددا أكبر من أسطوانات الغاز، كما تستخدم في الأنشطة الزراعية، بينما يجب أن يذهب الدعم إلى الفقراء أولا.

وبعد أن قررت الحكومة في سبتمبر 2013 عكس أسعار الوقود دوليا على الأسعار داخليا، وذلك بشكل جزئي أو ما يطلق عليه اسم “المقايسة”، ألغت الدعم عن هذا البند بعد عامين باستثناء غاز الطبخ.

وعزز المغرب إجراءات الأمان الاجتماعي لحماية قدرة المواطنين الشرائية، وذلك من خلال إقرار ضريبة تراعي نفقات التكفل العائلي وتعليم الأبناء بالنسبة إلى الطبقة الوسطى ورفع مداخيل المواطنين وتعزيز الدعم الحكومي للحفاظ على استقرار الأسعار.

وحددت الحكومة إجراءات لحماية قدرة المواطنين الشرائية، من خلال رفع مداخيل المواطنين عبر مراجعة عدد من الأجور ووضع سياسة جبائية ملائمة، والحفاظ على استقرار الأسعار.

وبخصوص المواد الأساسية كالحبوب والقطاني تتدخل الدولة عبر مراسيم تقلص الرسوم الجمركية وتعلقها، كما هو الحال بالنسبة إلى القمح اللين والصلب والقطاني. كما تعمل الحكومة على مراقبة الأسواق ووضعية تموينها عبر لجان مختلطة، حيث يتم تكثيف المراقبة للحدّ من المضاربات والاحتكار.

ورفعت السلطات المغربية سقف نمو الاقتصاد في البلاد للعام الحالي إلى 5.6 في المئة، بعدما انكمش 7 في المئة العام الماضي، وسط تأثير سلبي مزدوج لكل من جائحة فايروس كورونا والجفاف.

2 مليار دولار متوسط النفقات السنوية لصندوق المقاصة الذي يتولى إدارة نظام الدعم الحكومي

ويجمع محللون على أن الاستقرار السياسي والاجتماعي في المغرب شكل حجر الزاوية في القفزات المتتالية التي حققها النمو في السنوات الأخيرة رغم التحديات التي تواجه برنامج الإصلاح الاقتصادي.

 

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: