الحكومة المغربية تعمل على تتبع مكامن الخلل في ارتفاع الأسعار

ماموني

تبذل الحكومة المغربية جهودا مضنية لضبط الأسعار التي شهدت ارتفاعا كبيرا في الفترة الأخيرة، ما انعكس على القدرة الشرائية للمواطنين، وتحاول الحكومة التعامل مع مكامن الخلل ومنها قنوات التسويق.

دعا مصطفى بايتاس، الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، إلى إصلاح قنوات التسويق التي تعرف اختلالات، مؤكدا أن ذلك لن يتم بين عشية وضحاها بل يتطلب عملا كبيرا من أجل صياغة مشاريع قوانين تعالج الوضع وتكون هناك قنوات تسويق واضحة وسهلة.

جاء ذلك على وقع تململ شعبي حيال ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية.

وقال بايتاس على هامش لقاء نظمته فيدرالية المرأة التجمعية بتيزنيت، جنوب المغرب، إنه لم يعد هناك خيار ويجب التسريع بإصلاح قنوات التسويق، مضيفا أنه عندما تكون الأسعار منخفضة لا تظهر مشكلة لكن عندما ترتفع الأسعار تطفو على السطح الاختلالات التي تعتبر مكلفة بالنسبة إلى الأسر، وإنه من الضروري التفكير بشكل عاجل في إصلاح هذه المنظومة.

واعتبر عمر الشرقاوي، الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي، أنه ليس من مصلحة الحكومة ولا الأحزاب ولا النقابات ولا البرلمان التطبيع مع الزيادات بحجة الحرب الروسية – الأوكرانية أو الجفاف أو التضخم المستورد.

 

عمر الشرقاوي: ليس من مصلحة الحكومة ولا الأحزاب التطبيع مع الزيادات
عمر الشرقاوي: ليس من مصلحة الحكومة ولا الأحزاب التطبيع مع الزيادات

 

وأقر الشرقاوي في تصريحات له بتأثير هذه الأسباب على الارتفاع الحاصل في الأسعار، لكنه شدد على أن المواطن يحتاج  إلى مؤسسات منتخبة تشعر بمعاناته وتدافع عن حقوقه ولا تتركه فريسة في يد تجار الأزمات الذين يستغلون أي أزمة لدفع البلد نحو الفوضى واللااستقرار الاجتماعي.

وأكد بايتاس أن الحكومة واجهت “سوء الطالع” منذ تنصيبها بسبب الأزمات التي واجهتها، والتي جاءت في سياق صعب وهذا أمر معروف.

وقال إن الحكومة تعيش “سوء الطالع” وإنه لم يكن يؤمن بهذا المفهوم الذي ورد في كتاب “في غمار السياسة” لمحمد عابد الجابري، متابعا “صدقوني هناك سوء الطالع حتى في السياسة“.

وأفاد بايتاس بأن هذه الحكومة تعاملت مع الوضع بعقلانية من خلال رفع اعتمادات صندوق المقاصة، الذي يتحمل فارق سعر “البوطة” التي يبلغ ثمنها 140 درهما (13.6 دولار) تؤدي منها الحكومة 100 درهم (9.7 دولار)، مضيفا أن 10 مليارات درهم (973 مليون دولار) أضيفت إلى الدقيق، وأشار إلى أن اعتمادات الصندوق بلغت 40 مليار درهم (3.8 مليار دولار) خلال سنة 2022 بينما كان من المتوقع أن تصل الاعتمادات إلى 32 مليار درهم (3.1 مليار دولار).

واعتبر عمر الشرقاوي أن المعركة مرتبطة بالوقت فإما أن تتفوق الحكومة بقراراتها المنحازة للمواطن الضعيف والمعوز ولها كل الإمكانيات والشرعية لفعل ذلك، وإما أن يواصل الوزراء، خاصة المعنيين بالأسعار، الصمت فتكبر كرة الثلج وتتدحرج نحو الاستقرار الاجتماعي، موردا أن المواطن لا يحتاج إلى وزير يصف له الواقع بل إلى مسؤول حكومي يخبره عن موعد عودة أسعار اللحوم إلى سابق عهدها، وبأي طريقة سيتم إطفاء لهيب أسعار الخضر والفواكه.

وخرج محتجون بمدن الرباط والدار البيضاء وطنجة وسيدي سليمان وغيرها، الأحد، مطالبين بالحد من الغلاء الذي طال أسعار كافة المواد الغذائية، ناهيك عن المحروقات.

مصطفى بايتاس، يؤكد أن معالجة الوضع لن تتم بين عشية وضحاها وتتطلب عملا كبيرا وصياغة مشاريع قوانين

وأعربت الجبهة الاجتماعية المغربية عن دعمها لـ”جميع الاحتجاجات والمبادرات النضالية النقابية والعمالية والشعبية”، معلنة عن تنظيم أشكال احتجاجية مختلفة في العشرين من الشهر الجاري، تنديدا بما وصفته بـ”الغلاء الفاحش” في الأسواق الوطنية طيلة الأيام الفائتة.

وانتقدت الجبهة الاجتماعية المغربية “الغلاء الفاحش الذي فاق كل التوقعات وطال كل المواد، خاصة المواد الغذائية الأساسية، ناهيك عن المحروقات، في الوقت الذي راكم فيه وكدس الرأسمال الريعي والاحتكاري المفترس أرباحا وثروات خيالية“.

وردا على الانتقادات التي طالت الحكومة، أكد الناطق الرسمي باسم الحكومة أن موضوع غلاء الأسعار حاضر في اجتماعات الحكومة، موضحا أن الإجراءات والتدابير اتخذت وستساهم في خفض أسعار اللحوم الحمراء والدجاج والبيض والخضر.

وفي هذا الاطار دعا عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، في بداية أشغال المجلس الحكومي، الخميس الماضي، “الوزراء إلى حث مختلف المصالح التابعة لكم من أجل تعزيز مراقبة السوق الوطنية والسهر على ضمان تمويل مستمر لها بالمنتجات الغذائية ومحاربة المضاربات، حماية لقفة الأسرة المغربية”.

وأكد يونس فراشين، المنسق الوطني للجبهة الاجتماعية المغربية، أن “على الحكومة التدخل بحزم وقوة لردع المضاربين الذين يستغلون الظرفية الاقتصادية الصعبة لمراكمة الأرباح، دون أدنى اعتبار للطبقة الفقيرة الهشة التي تزداد فقرا بسبب غلاء المعيشة“.

فيما ذكر رشيد حموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، أنه لا يُمكنُ تبرير الغلاء فقط بتقلبات السوق الدولية واختلال سلاسل التوريد، بقدر ما يتعين على الحكومة الالتفاتُ إلى اختلالات المضاربات والاحتكار والزيادات غير المشروعة في الأسعار، وإلى التلاعب بالجودة والكميات والأحجام. كما ينبغي على الحكومة اتخاذ تدابير مستعجلة لدعم القدرة الشرائية للمغاربة حفاظاً على الاستقرار.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: