تحديات تواجه الحكومة المغربية رغم المنجزات

ماموني

دافع رئيس الحكومة المغربية ورئيس حزب التجمع الوطني للأحرار عزيز أخنوش في كلمة ألقاها السبت بمناسبة انعقاد المجلس الوطني للحزب عن إنجازات الحكومة، معتبرا أن حزبه نجح في ظرف سنة واحدة في تحقيق ما لم ينجز في عشر سنوات، خصوصا في المجالات الاجتماعية، رغم الانتقادات التي تواجهها حكومته لجهة تعاطيها مع عدد من الملفات الاقتصادية وخصوصا ارتفاع الأسعار.

وأكد أخنوش أن حكومته رغم أنها ما زالت في بداية المسار إلا أنها حققت مكتسبات عديدة وتعمل على تنفيذ تعهداتها الاجتماعية والاقتصادية.

ولفت إلى أن “الحكومة ضاعفت الجهود لتنفيذ مختلف تعهداتها، من خلال تفعيل مجموعة من الإجراءات التي تصب في مصلحة بلادنا، وتضمينها في قانون المالية 2023، وهو الذي سيشكل الانطلاقة الحقيقية لتنفيذ البرنامج الحكومي”.

وتزامنت تصريحات أخنوش للدفاع عن حصيلة حكومته مع تنامي شكاوى المواطن المغربي وانتقادات المعارضة والنقابات من تعاطي الحكومة مع موجة الغلاء غير المسبوقة والتي أثرت سلبيا على القدرة الشرائية للمواطنين.

 

رشيد لزرق: الحديث عن حصيلة حكومية لا يغطّي على أزمة الأسعار
رشيد لزرق: الحديث عن حصيلة حكومية لا يغطّي على أزمة الأسعار

 

وأكد رشيد لزرق رئيس مركز شمال أفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية أن “الحكومة مطالبة في ظل هذه الظرفية بالتصدي للغلاء عبر مخطط واضح كون هذه المواجهة يجب أن تكون جزءا من معارك اقتصادية كبرى يتعيّن خوضها من أجل الخروج من الأزمة الخانقة وتحسين ظروف عيش المواطن”.

ودفاعا عن مجهودات حكومته أشار أخنوش إلى أن “عمل الحكومة انطلق في سياق يتسم بالعديد من التحديات والإكراهات التي مست كل دول العالم وما تلاها من توترات جيوسياسية تحيطها الكثير من التعقيدات، أهمها تداعيات الأزمة الأوكرانية وتوقعات تباطؤ النمو العالمي لأكبر ثلاثة اقتصادات في العالم: الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين”.

وتابع “المغرب لم يكن في منأى عن ذلك، حيث أن التقلبات الدولية وما صاحبها من ضغوطات تضخمية وارتفاع أسعار الطاقة والمواد الأولية والغذائية عالميا، ألقت بظلالها على وضعية الاقتصاد الوطني، وخلفت تكاليف إضافية بالنسبة إلى ميزانية الدولة”.

ولفت لزرق في تصريح لـه إلى أن “الحديث عن حصيلة حكومية بعد انتخابات الثامن من سبتمبر 2021 لا يمكن أن يغطي على أزمة الخضروات وغيرها من المنتجات التي توضح بشكل جلي أنها أزمة مفتعلة بسبب استفحال المضاربة وترك المواطن وحده أمام تقلبات الأسعار وجشع المضاربين، فالمواطن المغربي يجب أن يلمس تلك الحصيلة في عيشه اليومي، لهذا فإن هناك حاجة إلى وضع مخطط لتجنيب السوق المحلية أي اهتزاز، وعدم جعل المواطن في مواجهة مباشرة وحده مع تقلبات الأسعار وذلك بتوخي حلول تساعد على زيادة المخزونات”.

وتعاطيا مع هذه الوضعية، قال أخنوش “باشرنا كحكومة سلسلة من التدابير الهادفة إلى حماية القدرة الشرائية للمواطنين، إلى جانب استكمال دينامية الإصلاحات المهيكلة، وإطلاق جيل جديد من الأوراش والالتزامات التي تضمنها البرنامج الحكومي، وفق منهجية تأخذ بعين الاعتبار منسوب الانتظارات المعلقة، وتستند إلى مختلف المعطيات المستجدة وطنيا ودوليا”.

حكومة أخنوش تبدو متفائلة بخصوص نسبة النمو، إذ تتوقع انتعاشا بمعدل 4.5 في المئة

وعاد أخنوش للحديث عن قانون المالية الذي تضمن إجراءات عملية لتوطيد أسس الدولة الاجتماعية من خلال استكمال باقي مراحل هذه الورش، بالتوازي مع الشروع في اتخاذ إجراءات عملية لتحقيق الانتعاش الاقتصادي تفعيلا للتوجهات الملكية، وترجمة للبرنامج الحكومي المنسجم مع مخرجات النموذج التنموي الجديد.

وتضع هذه التحديات الحكومة المغربية أمام اختبار تهدئة الأوضاع الاجتماعية، في ظل الغضب الشعبي والمعارضة التي وجهت انتقادات شديدة للآليات الحكومية، متهمة إياها بـ”التلكؤ” في معالجة أزمة ارتفاع أسعار المحروقات التي تلقي بظلالها بشكل كبير على أسعار المواد الغذائية الأساسية.

وقالت نبيلة منيب الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد إن الحكومة “اختبأت وراء تداعيات الحرب الأوكرانية – الروسية وجائحة كورونا لتبرير واقع الأسعار، دون أن تتخذ تدابير اقتصادية ملموسة على أرض الواقع لمعالجة الأزمة”.

وفي رسالة إلى الأحزاب المشكلة للتحالف الحكومي، أكد أخنوش أنه “لم يعد من المقبول اليوم أن نسمح بإهدار الزمن السياسي والتنموي ونفوت على بلدنا فرصة حقيقية للانتقال نحو أفق تنموي متقدم”.

 

جمال معتوق: على الأرقام أن يكون لها انعكاس واقعي ملموس
جمال معتوق: على الأرقام أن يكون لها انعكاس واقعي ملموس

 

وتفاديا لأي انفجار اجتماعي يهدد السلم الاجتماعي، اعتبر لزرق أن على حكومة أخنوش “القيام بإجراءات يكون أثرها واضحا ومباشرا على الأوضاع الاجتماعية للطبقتين الضعيفة والمتوسطة، بتفعيل آليات مراقبة الأسواق والضرب بيد من حديد على المتاجرين في هذه الأزمة، والعودة إلى تحديد الأسعار بالنسبة إلى المواد الأساسية”.

وشدّد أخنوش على أن حكومته كانت حريصة على دعم القدرة الشرائية للمواطنين، ووضع إطار منظم لمأسسة الحوار الاجتماعي وتعميق الحوارات القطاعية، وتفعيل ورش التغطية الصحية ووضع أسس لعرض صحي جديد قادر على الاستجابة للحاجيات الوطنية.

ومن جهته، أكد الأستاذ الجامعي جمال معتوق أن الحكومة مطالبة أيضا بالتواصل مع المواطنين، وأن تشرح لهم وتتحدث معهم، وأن تصغي لهم وتسمع أصواتهم، وألّا تكتفي بتقديم الأرقام، لأنها غير كافية، بل على الأرقام أن يكون لها انعكاس واقعي ملموس.

وكشفت بيانات المندوبية السامية للتخطيط (مؤسسة حكومية تعنى بالتخطيط) ارتفاع معدل التضخم إلى 8.3 في المئة نهاية سبتمبر الماضي على أساس سنوي، وأضافت أن هذه الزيادة جاءت مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 14.7 في المئة، وتكلفة النقل بـ12.9 في المئة، في حين انخفض مؤشر ثقة الأسر خلال الربع الثالث من سنة 2022 مسجلاً أدنى مستوى له منذ انطلاق البحث سنة 2008.

وفي المقابل تؤكد الحكومة المغربية أن تدابيرها في مواجهة الأزمات المتزامنة التي شهدتها البلاد هذا العام مكّنت من التحكم في ارتفاع الأسعار، والحد من تداعياته على القدرة الشرائية للمواطنين، والحفاظ على التوازنات المالية للبلاد وتحقيق صمود الاقتصاد الوطني.

ووفق تقرير تنفيذ الميزانية والتوجيه الماكرو – اقتصادي للفترة ما بين 2023 و2025، فإن حكومة أخنوش تبدو متفائلة بخصوص نسبة النمو، إذ تتوقع انتعاشا بمعدل 4.5 في المئة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: