التوافق في ملف الصحراء يؤسس لشراكة إستراتيجية بين المغرب وإسبانيا

ماموني

فتح الموقف الإسباني الداعم لوحدة أراضي المغرب الطريق أمام شراكة إستراتيجية بين البلدين في الوقت الذي يمكن فيه وصف التقارب بينهما بأنه أهم تقارب بين بلد عربي وآخر أوروبي، وأن ما يربط بينهما بات أكبر من مجرد زيارات وصفقات.

وأشاد العاهل المغربي الملك محمد السادس في اتصال هاتفي مع رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز بالتطور الذي تشهده المرحلة الجديدة للشراكة الثنائية، في سياق من التشاور والثقة والاحترام المتبادل.

ووصل سانشيز الأربعاء إلى الرباط على رأس وفد حكومي يضم عددا من الوزراء، ليترأس مع نظيره المغربي عزيز أخنوش “الاجتماع رفيع المستوى”.

ويكرس الاجتماع بين الحكومتين المغربية والإسبانية المصالحة التي توصّلتا إليها في مارس الماضي، عندما أعلن سانشيز تأييد إسبانيا لاقتراح الحكم الذاتي الذي يطرحه المغرب حلا وحيدا للنزاع حول الصحراء المغربية.

كما يأتي هذا التقارب بين البلدين متزامنا مع توتر العلاقات بين الرباط وباريس، الشريك التاريخي الآخر للمغرب.

واعتبر رئيس الحكومة المغربية في كلمته أمام الوفد الحكومي الإسباني الخميس أن العلاقات الثنائية تعرف عهدا جديدا، “في ظل دعم حكومتكم لخطة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، حيث كانت لإسبانيا شجاعة الواقعية التاريخية، وهو الأمر الذي لا يسعنا إلا أن نشيد به عاليا”، مؤكدا أن البلدين وجدا دائما سبل تجاوز سوء الفهم بينهما.

وحول الموضوع ذاته أكد سانشيز على الالتزام بالاحترام المتبادل، حيث “نتجنب في خطابنا وفي ممارستنا السياسية كل ما نعرف أنه يسيء إلى الطرف الآخر، لاسيما أنه يؤثر على مجالات سيادتنا الخاصة”.

وأضاف “من جانب آخر هناك شراكة اقتصادية… مشاريع لاستثمارات جديدة وذلك لمرافقة المسيرة رائعة التطوير والتحديث التي تقوم بها المملكة المغربية”.

وأكد نبيل أندلوسي، رئيس المركز المغاربي للأبحاث والدراسات الإستراتيجية، أن الاتصال الهاتفي بين الملك محمد السادس ورئيس الحكومة الإسبانية أكسب اللقاء بين حكومتيْ البلدين دينامية إيجابية في تعزيز العلاقات الثنائية التي عرفت منعطفا حاسما بعد اعتراف مدريد بسيادة المغرب على صحرائه، وهو توجه سيعزز الثقة وخدمة المصالح المشتركة بين البلدين الجارين على أساس من الوضوح واحترام سيادة الدولتين.

 

نبيل أندلوسي: دعم إسبانيا للمغرب على مستوى الاتحاد الأوروبي يعطي زخما قويا
نبيل أندلوسي: دعم إسبانيا للمغرب على مستوى الاتحاد الأوروبي يعطي زخما قويا

 

ويعتبر الاجتماع المغربي – الإسباني فرصة لتنسيق الجهود من أجل مواجهة التحديات الأمنية التي باتت تفرض نفسها على دول المنطقة، وهو ما أشار إليه أخنوش بالتأكد على أن الوضع صار يستوجب اليوم أكثر من أي وقت مضى تكثيف الجهود لمواجهة المخاطر التي تحدق بأمن المنطقة والمرتبطة بالهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر والمخدرات والإرهاب والمجموعات الانفصالية والميليشيات المسلحة، وذلك اعتمادا على مقاربة شمولية تجمع بين البعدين الأمني والاجتماعي.

وفي ما يتعلق بالعلاقات بين المغرب والاتحاد الأوروبي، وخصوصا مع التطورات الحاصلة إثر التوتر الذي شاب العلاقة بين الرباط والبرلمان الأوروبي، أكد رئيس الحكومة الإسبانية أن للمغرب مكانة متقدمة في الاتحاد الأوروبي، وأن “الرئاسة الإسبانية للمجلس تتيح هذا العام فرصة للقيام بقفزة نوعية في هذه العلاقات”، وقال “نحن نشجع المغرب على القيام بذلك ونعرض التعاون بأي طريقة ممكنة”.

وأضاف سانشيز “كلما كانت العلاقات بين المغرب وإسبانيا أفضل، كان ذلك أفضل لإسبانيا وللمغرب ولأوروبا وللأعمال التجارية ولمواطني البلدين”.

وقال أندلوسي في تصريح لـه إن “دعم إسبانيا للمغرب على مستوى الاتحاد الأوروبي سيكون له وقعه الإيجابي وسيعطي زخما قويا في إطار من الندية والاحترام والاستثمار في معادلة رابح – رابح”.

ووقع المغرب وإسبانيا الخميس على 19 اتفاقية تعاون بين البلدين في مجالات مختلفة، وذلك على هامش الدورة الثانية عشرة للاجتماع رفيع المستوى بين البلدين الذي لم ينعقد منذ ثماني سنوات بسبب توترات في الفترة الأخيرة.

وشملت الاتفاقيات مجالات مختلفة منها الهجرة والضمان الاجتماعي والماء والنقل، والبيئة والسكان والطاقة والتنمية المستدامة والزراعة والرياضة والتربية والتعليم والتكوين المهني والمقاولات الصغرى والمجال العلمي والثقافي والتشغيل والصحة والسياحة.

ووصل رئيس الوزراء الإسباني إلى الرباط على رأس وفد يضم 12 وزيرا في حكومته لتوقيع هذه الاتفاقيات من أجل تعزيز التجارة والاستثمار بما يشمل تسهيلات ائتمانية تصل إلى 800 مليون يورو (873 مليون دولار) والتقريب بين البلدين في قطاعات أخرى غير الهجرة.

وقال رئيس الحكومة المغربية خلال انعقاد هذه الدورة أمام الصحافيين “المشاركة الوازنة للوفد الإسباني في هذه الدورة تعبير صغير عن مدى قوة أواصر الصداقة والتعاون التي تجمع المغرب وإسبانيا وتجسيد للإرادة القوية والالتزام الراسخ للبلدين للعمل سويا من أجل شراكة متميزة متجهة بثبات نحو المستقبل”.

وأضاف “لقد كانت غايتنا هي إرساء معالم إستراتيجية لبناء علاقة متكافئة أساسها الإرادة والحزم المشترك لبناء المستقبل”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: