ما الذي يزعج فرنسا من الشراكة الأميركية – المغربية

La rédaction

رسائل أميركية إيجابية

لا تنظر فرنسا بعين الرضا للتعاون المغربي – الأميركي المتزايد خاصة بعد اعتراف واشنطن بمغربية الصحراء، في خطوة يقول مراقبون إنها سحبت البساط من تحتها وهو ما يبرر العدوانية المتصاعدة تجاه المغرب، لكن باريس تنفي وجود أزمة.

تربط أوساط سياسية مغربية التصعيد الفرنسي غير المباشر ضد المغرب خلال السنوات الأخيرة والذي تزايدت حدته خلال الأيام الماضية، بتعمق الشراكة بين الرباط وواشنطن، وهو ما يقلق المصالح الفرنسية التي تنظر إلى البلد ومنطقة شمال أفريقيا والقارة الأفريقية بشكل عام كمنطقة نفوذ تاريخي تتعامل معه بمنطق الوصي بحكم تاريخها الاستعماري.

وبالتزامن مع حملة من داخل البرلمان الأوروبي اتهمت تقارير مغربية فرنسا بالوقوف خلفها، زارت مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون المنظمات الدولية ميشيل سيسون الرباط الأربعاء وأشادت بدور العاهل المغربي الملك محمد السادس في دعم السلام والأمن في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وحول العالم.

 

محمد لكريني: تطوير الشراكة المغربية-الفرنسية رهين حل العديد من الملفات

وأعلنت سيسون عن اجتماع مرتقب مع فريق الأمم المتحدة لمناقشة كيفية دعم برامج المنظمة للتنمية الاقتصادية الإقليمية، وسبل عيش النساء والشباب، فضلا عن مساعدة اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين. وأكدت أن الأمر يتعلق بقضايا “يأخذها شركاؤنا المغاربة على محمل الجد”.

واعتبر متتبعون للشأن السياسي الدولي، أن تصريحات سيسون يمكن اعتبارها ردا صريحا على مناورات فرنسا التي تحاول جاهدة كبح انفتاح المغرب على شركاء وحلفاء جدد بمبدأ “رابح رابح” وتقويض مساعيه في الدفاع عن وحدته الترابية، لاسيما بعد الاعتراف الأميركي بمغربية الصحراء، لافتين إلى أن هذا هو الفرق بين شريك موثوق وصريح في مواقفه وبين آخر اختار المنطقة الرمادية أو ما يصفه سياسيون مغاربة بـ”الخداع والنفاق السياسي”.

ويقول المحلل السياسي هشام معتضد، في تصريح لـه، إن فرنسا لا تنظر بعين الرضا للعلاقات المتميزة والتعاون الإستراتيجي المتنامي بين الرباط وواشنطن، خصوصا وأن الإدارة الأميركية سحبت البساط من تحت باريس في ما يتعلق بملف الصحراء المغربية.

وأضاف معتضد أن باريس حركت بعض اللوبيات للتشويش على هذا التعاون، دون أن تفلح في مساعيها وذلك راجع لقوة المصالح الحيوية التي تحدد نوعية هذا التعاون الثنائي وأهميته الإستراتيجية بالنسبة إلى الإدارة الأميركية بعيدا عن الازدواجية في الخطاب التي مارستها السلطات الفرنسية والتي تسعى لخدمة مصالح معادية لمصالح المملكة.

وأكد المحلل السياسي محمد لكريني، لـه، أن الظرفية الراهنة تتسم بوجود مجموعة من الأزمات التي طبعت العلاقات المغربية – الفرنسية رغم عراقتها، فقضية الصحراء المغربية خط أحمر وهو ما أكده الملك محمد السادس في خطابه بمناسبة الذكرى الـ69 لثورة الملك والشعب، إذ اعتبر أن معيار صداقة المغرب مع الدول يبرز من خلال مواقف واضحة وصريحة وداعمة للأطروحة المغربية والنظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، بمعنى آخر أن الدبلوماسية المغربية الرسمية أعادت صياغة تصوراتها من خلال تنويع علاقتها كما أكدت على ذلك الوثيقة الدستورية لسنة 2011.

ولفت لكريني إلى أن الموقف الفرنسي مازال غامضا الأمر الذي دفع رئيس الحكومة المغربي عزيز أخنوش إلى دعوة فرنسا لضرورة مراجعة موقفها من قضية الوحدة الترابية لأنها تحظى بأولوية كبرى في السياسة الخارجية المغربية.

هشام معتضد: واشنطن سحبت البساط من تحت باريس في ما يتعلق بملف الصحراء

وتابع “إن تطوير الشراكة المغربية رهين بحل العديد من الملفات التي يختلف حولها البلَدان من بينها قضية الصحراء المغربية وملفات أخرى تم فيها اتهام المغرب بالتجسس وبالتالي تم المس بمصالح المغرب، لذلك ينبغي تجاوز كل هذه الملفات لتطوير الشراكة المغربية – الفرنسية”.

وفي حين يبدو موقف المغرب واضحا لتطوير العلاقات والذي يحصره أساسا بالاعتراف بمغربية الصحراء، لا تريد فرنسا الاعتراف بوجود توتر في العلاقات وهو ما عكسه موقف وزارة الخارجية.

ونفت فرنسا الخميس وجود أزمة بينها وبين المغرب، مؤكّدة أنّ الشراكة بين البلدين “استثنائية”، وذلك ردّا على إدانات مغربية لقرار البرلمان الأوروبي بشأن حرية الصحافة في المغرب والذي اتهمت باريس بالوقوف وراءه.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية آن – كلير لوجاندر في مؤتمر صحفي “على العكس من ذلك، نحن في شراكة استثنائية نعتزم تنميتها”.

وإذ ذكّرت بالزيارة التي قامت بها وزيرة الخارجية كاترين كولونا إلى المغرب في ديسمبر، قالت “كانت زيارة إيجابية للغاية”، مشددة على أن زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون المقرّرة مبدئيا للمملكة خلال الربع الأول من العام الجاري ستكون “علامة فارقة”.

وتبنّى البرلمان الأوروبي قرارا قبل أسبوع أعرب فيه عن القلق من تدهور حرية الصحافة في المغرب، ما أثار غضبا داخليا.

واتُهمت فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، بأنها “تدبر” حملة مناهضة للمغرب في بروكسل.

مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون المنظمات الدولية ميشيل سيسون تشيد بدور العاهل المغربي في دعم السلام

وقال النائب المغربي أحمد التويزي عن حزب الأصالة والمعاصرة (الغالبية) إنّ قرار البرلمان الأوروبي يقف خلفه “بلد كنّا نعتقد أنّه صديق وشريك موثوق به، لكنّ رائحة الغاز أفقدته صوابه”، في إشارة الى التقارب بين باريس والجزائر المنافس الإقليمي للرباط.

وردّت المتحدّثة باسم الخارجية الفرنسية على هذه الاتهامات الخميس، قائلة إنّ “البرلمان يمارس صلاحياته بشكل مستقل”، مضيفة أنّ “فرنسا تقيم علاقة صداقة عميقة مع المغرب وتناقش معه المواضيع كافة، بما في ذلك حقوق الإنسان”.

وخلال زيارة كولونا، بدا أنّ البلدين خفّفا التوتّرات إذ أعلنا أنّهما يؤيّدان إرساء شراكة متجددة.

لكنّ المقالات الصحفية، التي غالبا ما تكون حادّة، تضاعفت في الأيام الأخيرة، إذ تحدثت عن المزيد من التدهور في العلاقات الفرنسية – المغربية وألقت بظلال من الشكّ على زيارة الرئيس الفرنسي الوشيكة.

وأوردت مجلة “جون أفريك” الأربعاء أنّ “الأخطاء وسوء التفاهم يتناميان بين باريس والرباط”، مضيفة أنّه “في مواجهة ما تعتبره مظاهر عداء من فرنسا، لم تعد السلطات المغربية تخفي أنّ العودة إلى الوضع الطبيعي ستكون صعبة”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: