“تفاهم” غامض يعيد الدفء إلى العلاقات بين الجزائر وفرنسا

الرئيس الجزائري يتحدث عن “تفاهم معين” مع نظيره الفرنسي لم يذكر مضامينه، لكنه قال إنه “يرى فيه تجسيدا لجيل جديد يمكنه إنقاذ العلاقات” بين البلدين.

رحّب الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون بما وصفه بـ”علاقات الثقة” الجديدة بين فرنسا والجزائر وبـ”صداقته المتبادلة” الشخصية مع الرئيس إيمانويل ماكرون، في إشارة جديدة إلى عودة الدفء إلى العلاقات الثنائية التي غالبا ما كانت مضطربة.

وقال تبون في مقابلة مع صحيفة “لوفيغارو” نُشرت الجمعة “لدينا تفاهم معيّن” مع رئيس الدولة الفرنسية، مضيفا “أرى فيه تجسيدا لجيل جديد يمكنه إنقاذ العلاقات بين بلدينا”.

ولم يقدم الرئيس الجزائري المزيد من التفاصيل عن “التفاهم المعين” الذي أفضى إلى عودة الدفء إلى العلاقات الجزائرية الفرنسية، لكن بعض التخمينات ذهبت إلى تفسير ذلك على أنه مساومات بين البلدين في ملفات خلافية معينة، من بينها ملف حركتي رشاد الإسلامية و”الماك” التي تنادي بانفصال منطقة القبائل، ويقيم أعضاء الحركتين في المنفى بفرنسا.

وتحتاج فرنسا في المقابل بشدة إلى تعزيز إمداداتها من الغاز الجزائري بعد تقليص إمداداتها من الغاز الروسي على خلفية غزو روسيا لأوكرانيا، وتحتاج أيضا إلى دعم الجزائر كشريك في مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل، بعد أن طردها المجلس العسكري في مالي ودفعها إلى إنهاء عملية برخان التي أطلقتها في 2013.

وسبق للجزائر أن أغلقت أجواءها في وجه الطيران العسكري الفرنسي في ذروة التوتر بين البلدين الذي استمر لأشهر.

وقال تبون “لدينا صداقة متبادلة. بالطبع كانت لدينا هو وأنا، صيغ مؤسفة، لكن هذه هي المرة الأولى التي يبدو لي أنّ هناك مثل هذه العلاقة من الثقة بين بلدينا”.

وبذلك يكون الرئيس الجزائري قد أعطى الضوء الأخضر لعودة الدفء إلى العلاقات مع فرنسا بعد أشهر طويلة من التوتر، لكن لم يتضح حتى الآن ثمن التهدئة، في الوقت الذي لا تزال فيه الكثير من الملفات الخلافية بين البلدين عالقة.

وأعرب تبون في المقابلة مع “لوفيغارو” عن تمنّياته بـ”عهد جديد” مع فرنسا بعد ستة أشهر على زيارة نظيره الفرنسي للعاصمة الجزائر. كما أعلن أنه سيقوم بزيارة دولة إلى فرنسا في سنة 2023.

ووجدت باريس والجزائر الطريق لتحسين العلاقات بينهما خلال زيارة قام بها ماكرون للعاصمة الجزائرية في أغسطس الماضي.

واستأنف رئيسا الدولتين تعاونهما في إعلان مشترك تم توقيعه وسط ضجّة كبيرة، ممّا مهّد الطريق بشكل خاص أمام تخفيف نظام التأشيرات الممنوح للجزائر، مقابل زيادة تعاون الجزائر في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية.

وكانت مسألة التأشيرة قد سمّمت العلاقات بين الدولتين، بعدما قرّرت باريس في سبتمبر 2021 تقليص عدد تأشيرات الدخول التي تمنحها لرعايا ثلاث من دول المغرب العربي هي تونس والجزائر والمغرب. وهدفت من وراء هذا الإجراء إلى الضغط على حكومات هذه الدول للتعاون معها في مكافحة الهجرة غير الشرعية وتسهيل استعادة مواطنيها الذين يُطردون من فرنسا.

لكن تمّت تسوية الملف قبل حوالي أسبوعين عندما أعلنت فرنسا عبر وزير داخليتها جيرالد دارمانان، العودة إلى الوضع الطبيعي في إطار منح التأشيرات للمواطنين الجزائريين، وذلك بعد المواطنين التونسيين في نهاية أغسطس والمغربيين.

وفي أكتوبر الماضي توجّهت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيت بورن، برفقة حوالي خمسة عشر وزيرا، إلى الجزائر لإبرام هذه المصالحة حول مشاريع اقتصادية و”شراكة متجدّدة”.

وكان استحضار قضية الاستعمار الفرنسي (1830 – 1962) وحرب التحرير الدموية قد أثار خصومة حادّة بين البلدين في خريف العام 2021، بعد تصريحات لماكرون عدل عنها بعد ذلك. وفي هذا الصدد، قال الرئيس الجزائري “يجب على فرنسا أن تحرّر نفسها من عقدة المستعمر والجزائر من عقدة الاستعمار”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: