المغرب يوظف الإنجازات المتميزة في مونديال قطر لتحقيق أهداف دبلوماسية

يرغب المغرب في تحويل الإعجاب بمنتخبه المشارك حاليا في نهائيات بطولة كأس العالم بقطر إلى رأس مال دبلوماسي يضمن له دورا أكبر في كرة القدم الأفريقية ودعما لمحاولته استضافة أكبر بطولة عالمية.

ويقول محللون إن ذلك قد يصبح أيضا سلاحا آخر في ترسانة الرباط الدبلوماسية لكسب دعم دولي في نزاع طويل الأمد بشأن إقليم الصحراء، حيث تسعى جبهة بوليساريو المدعومة من الجزائر للانفصال.

وكان المغرب أول فريق أفريقي يصل إلى الدور قبل النهائي لكأس العالم منذ أن انطلقت البطولة الأبرز في عالم كرة القدم عام 1930. وأشاد العاهل المغربي الملك محمد السادس مساء الأربعاء بما قدمه منتخب بلاده لكرة القدم من “إنجازات متميزة” خلال مونديال قطر.

 

جو بايدن: كان من الرائع مشاهدة مدى تميز الفريق المغربي
جو بايدن: كان من الرائع مشاهدة مدى تميز الفريق المغربي

 

وأثنى الرئيسان الأميركي جو بايدن والفرنسي إيمانويل ماكرون وعمدة لندن صديق خان بأداء منتخب المغرب. وكان بايدن اختصر خطابه خلال قمته مع قادة 49 دولة أفريقية في واشنطن لمتابعة دور النصف النهائي للمونديال.

ومشيدا بأداء “أسود الأطلس”، غرد بايدن “لقد كان شرفا عظيما أن أشاهد المباراة إلى جانب رئيس الوزراء المغربي عزيز أخنوش.. كان من الرائع مشاهدة مدى تميز هذا الفريق”.

وأرفق بايدن التغريدة بصورة يظهر فيها وهو يشاهد المباراة مع عدد من القادة الأفارقة بينهم أخنوش. وعلى الجانب الآخر من الأطلسي أشاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأداء منتخب “أسود الأطلس” عقب مباراته مع “الديوك” الفرنسية.

وعبر “تويتر” كتب ماكرون “إلى أصدقائنا المغاربة، لكم التهنئة على هذا المشوار الجميل.. لقد أحدثتم علامة في تاريخ كرة القدم”. وأرفق ماكرون تغريدته بصورة للاعبين المغربي أشرف حكيمي والفرنسي كيليان إمبابي وهما يتعانقان.

ومع “إيموجي” القلب والعلم المغربي، كتب عمدة لندن صديق خان على صفحته بفيسبوك “لم تفوزوا بكأس العالم لكن فزتم بقلوبنا.. شكرا يا مغرب”. كما نشر خان صورة للاعب المنتخب المغربي سفيان بوفال وهو يرقص إلى جانب أمه عندما كان يحتفل بالتأهل التاريخي إلى الدور نصف النهائي إثر الفوز على البرتغال بهدف دون مقابل.

وقالت مصادر رفيعة المستوى في الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم (الاتحاد الوطني لكرة القدم) إن الإنجاز الذي حققه المنتخب في مونديال قطر يجب أن يساعد في تعزيز فرص المملكة التي تخطط لاستضافة بطولتي كأس الأمم الأفريقية 2025 وكأس العالم 2030.

وقال مصدر من الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم “لدينا الملاعب والبنى التحتية اللازمة بالإضافة إلى منتخب وطني نال شعبية في القارة بعد أن أصبح أول فريق أفريقي يصل إلى الدور قبل النهائي”.

ووسع المغرب علاقاته مع اتحادات كرة القدم الأفريقية الأخرى في السنوات القليلة الماضية، إذ ساعد في التدريب أو تقديم ملاعب لمباريات تصفيات كأس العالم لمن يعانون من صراعات، وكل ذلك بهدف توسيع نفوذ المملكة في أفريقيا وخارجها.

وقد يكون الهدف المباشر هو كسب التأييد لاستضافة بطولات كرة القدم، لكن أستاذ السياسة الخارجية عتيق السعيد قال إن أساليب القوة الناعمة كانت أيضا جزءا من محاولة الرباط لكسب المؤيدين في نزاع الصحراء، وهو ما يمثل أساسا لجانب كبير من دبلوماسيتها. ووصف السعيد الذي يعمل بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء النجاح الرياضي بأنه “دبلوماسية رياضية بين الشعوب”.

واعترف الاتحاد الأفريقي بعضوية الكيان الانفصالي عام 1984 عندما كان يُسمى منظمة الوحدة الأفريقية، مما دفع المغرب إلى الانسحاب منه. وعادت المملكة إلى عضوية الاتحاد عام 2017 وعملت على تعميق العلاقات في أنحاء القارة منذ ذلك الحين.

واستخدم المغرب، وهو أحد أكثر الاقتصادات الصناعية في أفريقيا ولديه علاقات وثيقة مع السوق الأوروبية، التجارة أداة دبلوماسية رئيسية.

 

انجاز تاريخي
انجاز تاريخي

 

واستثمر “المجمع الشريف للفوسفاط” وهو شركة مملوكة للدولة، وواحدة من أكبر منتجي الأسمدة في العالم، في مشاريع بأنحاء أفريقيا، إلى جانب بنوك مغربية وشركات أخرى.

وعرضت الرباط الدخول دون تأشيرة لمواطني بعض الدول الأفريقية وجلبت الآلاف من طلاب الدراسات الدينية من غرب أفريقيا للدراسة في المعاهد الدينية المرتبطة بالصوفية التي لها أتباع كثيرون إقليميا. وقال دبلوماسي مغربي سابق إن “المغرب وضع سياسة أفريقية شاملة تجمع بين الأبعاد الاقتصادية والثقافية والإنسانية والأمنية والدينية”.

وفي مجال كرة القدم تبنى الاتحاد الأفريقي لكرة القدم قرارا مغربيا يرفض عضوية أي كيان لا يعترف به من قبل الأمم المتحدة في خطوة تهدف إلى إبعاد بوليساريو عن البطولات الدولية.

ووقعت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم 47 اتفاقا مع اتحادات أفريقية للمساعدة في تدريب الطواقم واللاعبين وعرضت استضافة مباريات لمن ليس لديهم ملاعب تفي بمعايير الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا).

وقال منصف اليازغي الأكاديمي المغربي المتخصص في سياسة كرة القدم، إن أحدث نجاح للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم على أرض الملعب قد يضع المملكة في خضم محاولة ناجحة لاستضافة بطولة كأس العالم 2030 بعد عدة محاولات فاشلة. وأضاف “المغرب مؤهل للترشح مرة أخرى وبمصداقية بعد أن أثبت أنه أمة كبيرة في مجال كرة القدم”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: