ولاد البلاد ..سينتصرون ..

بقلم : البراق شادي عبد السلام

على بعد سويعات قليلة حاسمة من بداية ملحمة مغربية أخرى عنوانها النصر – بإذن العلي القدير – يكتبها منتخب الأسود بمونديال قطر 2022 في مواجهة ملحمية ليست ككل المواجهات، و مبارات ليست كباقي المباريات، ومقابلة ليست مثل المقابلات ، هي إرتطام مغربي – فرنسي غير منتظر و نهاية قبل الآوان بين مدرسة كروية مغربية صاعدة متسلحة بالأمل و الحلم المشروع و فريق فرنسي بفكر كلاسيكي عقيم ، هي مباراة تكتيكية كبرى بين المايسترو وليد الركراكي الكفاءة التدريبية العالمية الصاعدة بنتائجه الواقعية المشرفة في مسار تدريبي حافل بالألقاب الوطنية و القارية مع جميع الفرق التي أشرف على تدريبها سواء الفتح الرياضي أو الوداد الرياضي و الدحيل الإماراتي و بمسار متميز في الكرة الفرنسية يمتد لأكثر من 200 مباراة في الدوري الفرنسي مع مجموعة من الفرق كتولوز و ديجون و الراسينغ الفرنسي و كرونوبل و مسار إحترافي في سانتاندير الإسباني و المخضرم ديديي ديشامب بطل العالم كلاعب للمنتخب الفرنسي 1998 و كمدرب لنفس المنتخب 2018 و عينه على الكأس مرتين في محاولة منه لكتابة التاريخ و الدخول في لائحة الأرقام القياسية.

فرنسا بطل العالم في نسخة 2018 بروسيا تريد الحفاظ على الكأس الذهبية للمرة الثانية على التوالي و المرة الثالثة في تاريخها، و منتخب المملكة المغربية الشريفة يريد كتابة التاريخ الجديد لكرة القدم في العالم برعاية ملكية سامية و دعم شعبي مغربي خرافي و إجماع عربي و إسلامي و إفريقي و كل شعوب العالم التي ترى في التجربة المغربية بكأس العالم تحقيقا لحلم جماعي في الوصول لمباراة النهاية .

حلم الفوز بكأس العالم أو المشاركة المستحقة القوية في الأدوار النهائية لازم كل شخص عاشق لهذه اللعبة في العالم و اليوم المنتخب المغربي الواعد بمدرب مغربي و فتية صادقون في وطنيتهم ” ولاد البلاد ” يحققون ماكان يظنه الآخرون مستحيلا و يقلبون معادلات وتوازنات كرة القدم العالمية بلعب نظيف و مهارات تكتيكية قوية وأخلاق رياضية عالية و إيمان عميق بروح تمغربيت و تمسك كبير بقيم حضارية تعتبر علامات مغربية خالصة .

إنتصارنا على المنتخب الفرنسي سيكون بداية عهد جديد في كرة القدم العالمية و سيعيد طرح مفهوم ” العدالة الرياضية ” و كيف أن الشعوب الإفريقية و باقي شعوب العالم المظلومة كرويا بها الكثير من الطاقات و الكفاءات التي تحقق نتائج كبيرة في منتخبات دول الإستقبال و تستطيع تحقيق نفس النتائج في منتخباتهم الوطنية إن توفرت الإرادة و روح التحدي و الإيمان بالقيم الوطنية الجامعة و هو ما إستطاع أسود الأطلس ” ولاد البلاد ” تكريسه في هذه المغامرة المونديالية الكبرى .

كتيبة الأسود في طريقها المتميز إلى مباراة نصف النهاية خلفت الكثير من الضحايا ، فبإطلالة سريعة على الصحافة الكرواتية و الكندية و البلجيكية و الإسبانية و البرتغالية نجد أن الفوز المغربي أسال الكثير من المداد و الكثير من الإستقالات و الإقالات و الإعتزالات التي تدل على أن الهزيمة مع المغرب تكون تكتيكية و مدوية حيث يتسيد العقل المغربي في الميدان و نرى كرة مغربية جميلة تلعب بأخلاق عالية و روح رياضية في أعلى مستوياتها .

بكل موضوعية فرنسا لديها تاريخ كروي عريق و بطولة إحترافية عالمية وبها نجوم عالميون كبار و أندية ذات صيت دولي كبير،فالمنتخب الفرنسي عانق الكأس العالمية مرتين وسجل مشاركاته العالمي محترم و فرنسا غير مستعدة ليكون مصيرها نفس مصير الإسبان و البرتغال و تتحطم هذه الإنجازات نتيجة هزيمة مذلة أمام أسود الأطلس .
فالمغرب له تاريخ كروي عريق و لدينا فرق و نوادي حبلى بالنجوم والمواهب و تشكل مدارس إفريقية حقيقية لصناعة كرة القدم بجمهور كروي عاشق كبير للفرجة و اللعب النظيف يعتبر من أروع الجماهير و أكثرها تحضرا في العالم .

طالما أثرنا موضوع التاريخ فالحكاية لم تبدأ من هنا و لن تنتهي هنا فبالعودة لكتابات كل الكتاب و المؤلفين و الصحفيين و الجواسيس و الأنتروبولوجيين و الضباط العسكريين الفرنسيين الذين إنكبوا على إنجاز كتابات و تقارير و دراسات عن المغرب قبيل و أثناء و بعد الإستعمار نجد في كتاباتهم و تقاريرهم إنبهارا كبيرا بحضارة مغربية عريقة ضاربة جذورها في التاريخ الإنساني تمتد لأكثر من ثلاث و ثلاثين قرنا ، نجدهم مصعوقين بعادات و تقاليد و تراث إنساني ضخم من المعمار و الطبخ و اللباس و طريقة العيش …نجدهم عاجزين أمام مؤسسات الدولة العلوية المجيدة في ظل نظام سياسي متماسك قوي عريق أصيل هو المخزن الشريف ، يكتشفون الدور المحوري لرأس الدولة ” السلطان ” في المخيال الشعبي و الوعي الجمعي الجماعي للشعب المغربي بمختلف مكوناته و طبقاته و فئاته و يقفون مشدوهين أمام واجبات إحترام و تقدير الشعب لرأس الدولة تصل لدرجة التقديس ، إصطدموا مع مقاومة مغربية وطنية شرسة سطرت ملاحم كبرى في مواجهة جحافل الجيوش الإستعمارية الفرنسية .
لم يكن أمام الإستعمار الفرنسي إلا طريق الحماية لضمان دخول آمن إلى المغرب بعد مؤامرة إستعمارية كبرى إمتدت لقرون ، نظام الحماية إستمر في المغرب لمدة أربع و أربعين سنة بها ربع قرن من المقاومة المسلحة و تسعة عشر سنة في المقاومة المسلحة و العمل الوطني المباشر بقيادة السلطان محمد الخامس رحمه الله .

و عندما أخطأ العقل الإستعماري تقدير الموقف في 20 غشت 1953 بإتخاذه قرار نفي السلطان غيرمدرك لتمثلاته و إمتداداته في المجتمع المغربي إنفجرت ثورة إنسانية فريدة تجسد خصوصية الإنسان المغربي تحت عنوان ثورة الملك و الشعب بمطلب مركزي واحد مترابط هو عودة السلطان و تحقيق الإستقلال و طرد الإستعمار .

كان لابد من هذه الفقرة المركزة في تاريخ المغرب العريق لكي يدرك المنبطحون و المنبهرون بالأجنبي و تجار الأزمات و مروجو التفكير العدمي و التيئيسي أن عتاة الإستعماريين و الإمبرياليين وقفوا مشدوهين أمام عظمة المغرب و عراقة تاريخه و قوة شكيمته عبر العصور و اليوم أحفاد الأطلس العظيم المنتمون لأمة عظيمة لا تعرف إلا الإنتصارات ببصمتها الكبيرة في التاريخ الإنساني و إسهامها الكبير في الحضارة البشرية يدخلون هذه المباراة الفاصلة مسلحين بقيمهم المغربية الأصيلة و إيمانهم الكامل بالنصر و اللعب النظيف و روح قتالية عالية و حلم مشروع يدعمهم الملايين من جماهير الشعب المغربي و العالمي .
وليد الركراكي و باقي اللاعبين الممارسين في الدوري الفرنسي كحكيمي وبوفال وأبو خلال وأوناحي وأشرف داري ، سيربطون الماضي بالحاضر و سيكملون المسيرة الذهبية للعربي بنمبارك الجوهرة السوداء و الظاهرة الهجومية حسن أقصبي و الهداف محمد الناوي في الدوري الفرنسي و الأثر الكبير و الخرافي الذيتركه هؤلاء الرواد في الكرة الفرنسية إلى اليوم .
العربي بنمبارك بأكثر من 150 مباراة و 120 هدف في الدوري الفرنسي بين سنة 1934 – 1965 تصنفه الجامعة الفرنسية لكرة القدم كرابع أفضل من حمل القميص الفرنسي بعد زين الدين زيدان وكوبالا وميشيل بلاتيني أما حسن أقصبي ( 1955- 1965) بطل فرنسا 1962 فمصنف في المركز 11 لهدافي الدوري الفرنسي على مدار التاريخ بواقع 173 هدفاً و محمد الناوي هداف نادي راسينغ فرنسا التاريخي 1938 .
هؤلاء الابطال المغاربة كانو أيقونات كروية تحلق عاليا في سماء كرة القدم الفرنسية و أثرو بشكل كبير في أساطير كروية عرفتها فرنسا لاحقا كالأسطورة فونطين و برنارد هاريس و هنري سكيبا و آخرون .

أسود الاطلس بجيناتهم المتفردة و روح تمغربيت المجبولة بالنصر التي تسكنهم و الطاقة الإيجابية و العمل الجماعي و رضا الوالدين الذي يميزهم قادرون على خلق الحدث و محاصرة القوة الهجومية للمنتخب الفرنسي و العبور إلى المباراة النهائية ليعانقو الحلم الكبير ..
لدينا أقوى دفاع في العالم و شباكنا نظيف يحرسه السور المغربي ياسين بونو و خط وسط متكاتف و متناسق و تيار هجومي إرتدادي قوي بروح قتالية شرسة و جمهور مسكون بحب الوطن هو بحق أروع الجماهير الكروية العالمية .
ثقتنا عالية في وليد الركراكي و دهائه كمدرب خبر المدرسة الكروية الفرنسية كلاعب و مدرب و له إمكانيات هائلة في تحليل و فهم العقلية الفرنسية داخل الملعب و متأكدون من قدرته على قراءة أفكار ديديي ديشامب و الإطاحة بالمنتخب الفرنسي و تقديم الفوز و الفرحة للشعب المغربي من جديد ..
نحن أمة نفوز أو ننتصر. .
و الله غالب على أمره ..

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: