استقبال وفد بوليساريو لا يؤثر على موقف موسكو من الصحراء المغربية

الماموني

بعد امتناعها عن التصويت على قرار مجلس الأمن المتعلق بملف الصحراء المغربية، في أكتوبر الماضي، استقبل الممثل الخاص الروسي للشرق الأوسط وأفريقيا، نائب وزير خارجية روسيا، ميخائيل بوغدانوف، الجمعة، وفداً من جبهة بوليساريو لتقديم تقييمه لتطور الوضع في الصحراء، حيث أشار إلى “المشاكل الرئيسية التي تعيق تقدم العملية السياسية”.

وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان الجمعة إن الجانب الروسي تبادل خلال الاجتماع مع وفد بوليساريو وجهات النظر حول الوضع في الصحراء، وإن “الجانب الروسي جدد موقفه المبدئي المؤيد لتهيئة الظروف الملائمة، للبحث عن حل سياسي مقبول” على أساس قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة.

لقاء في سياق لا يعدو أن يكون نوعا من المجاملة للنظام الجزائري الذي يتدخل من أجل أن تتم مثل هذه الاستقبالات

لكن هناك من يشكك في الموقف الروسي خصوصا بعدما امتنعت موسكو عن التصويت على القرار 2654 الخاص بالصحراء المغربية، نهاية أكتوبر الماضي، والذي بموجبه تم تمديد مدة عمل البعثة الأممية بالصحراء لسنة إضافية.

واعتبر آنذاك نائب السفير الروسي في الأمم المتحدة ديمتري بوليانسكي أن القرار الذي تم تبنيه “لا يعكس الوضع” في الصحراء، مبررا قرار الامتناع عن التصويت على مشروع القرار حول الصحراء بأنه لم يتم الأخذ بعين الاعتبار فيه الملاحظات التي قدمتها بلاده حوله.

وأكد نبيل الأندلوسي رئيس المركز المغاربي للأبحاث والدراسات الإستراتيجية أن استقبال الممثل الخاص للرئيس الروسي للشرق الأوسط وأفريقيا لممثلين عن جبهة بوليساريو ليس الأول من نوعه، حيث سبقته في السنوات الماضية استقبالات مماثلة في سياق لا يعدو أن يكون نوعا من المجاملة للنظام الجزائري الذي يتدخل من أجل أن تتم مثل هذه الاستقبالات.

وأوضح الأندلوسي في تصريح لـه أن سفارة الجزائر في موسكو هي التي تشرف على جميع المسائل اللوجستية والترتيبات المتعلقة بهذه الزيارات لممثلي الجبهة الانفصالية.

وعلى الرغم من الانقسام في الاصطفافات بين الأميركيين والروس، فإن ملف الصحراء المغربية يجمع بينهما داخل وخارج مجلس الأمن، حيث أصبحت موسكو تقترب من الموقف السياسي للأميركيين لحل نزاع الصحراء.

أما بشأن موقف بلاده من تمديد صلاحيات بعثة مينورسو فقد أشار السفير الروسي في الجزائر إلى أنه “ليست المرة الأولى التي يمتنع فيها الوفد الروسي عن التصويت، والذي لا يعني، على الإطلاق، أننا نعترض على أنشطة مهمة مينورسو، فنحن ندعم أنشطة الأمم المتحدة”.

ومع أن المسؤول الروسي المطلع على هذا الملف أكد على أن مؤلفي القرارات المتعلقة بـ”مينورسو”، وهم الدول الغربية والأميركان، يصرون على إدراج أحكام خطيرة في النصوص الختامية تفتح الطريق لفرض حلول نهائية في صالحهم؛ بما في ذلك ما يتعلق بالقضايا الدولية الأخرى، فإن هذا لم يمنعه من التأكيد على أن تمديد صلاحيات بعثة “مينورسو” مهم جدا؛ لكن روسيا لا تتفق، في بعض الأحيان، مع الصياغة الواردة في القرارات.

هناك من يشكك في الموقف الروسي خصوصا بعدما امتنعت موسكو عن التصويت على القرار 2654 الخاص بالصحراء المغربية، نهاية أكتوبر الماضي، والذي بموجبه تم تمديد مدة عمل البعثة الأممية بالصحراء

يذكر أنه سبق لوزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن تحدث خلال اجتماعه في 7 أكتوبر الماضي في موسكو مع ستيفان دي ميستورا عن “أهمية التوصل إلى حل عادل ودائم ومقبول للطرفين لمشكلة الصحراء، على أساس قرارات مجلس الأمن ذات الصلة”.

وكما كان الأمر في البيان الصحفي الصادر عن الدبلوماسية الروسية، لم يدع السفير فاليريان شوفايف إلى تنظيم استفتاء لتقرير المصير في الصحراء ولا إلى استقلال الإقليم.

ولاحظ الأندلوسي أن الفارق حاليا هو تحول لغة بيانات الخارجية الروسية من الحديث عن “أطراف النزاع” إلى “طرفي النزاع المعترف بهما دوليا” وهو ما يؤكد أن النظام الجزائري استطاع التأثير ولو نسبيا على الجانب الروسي فيما يتعلق بهذه الجزئية ذات الأهمية، وما امتناع روسيا عن التصويت على قرار مجلس الأمن المتعلق بالصحراء المغربية إلا تأكيد لهذا الميل للأطروحة الجزائرية، وهو ما يستلزم من الخارجية المغربية، في هذه الظرفية، العمل على تحييد روسيا في هذا الصراع المفتعل.

ويظهر في التصريحات التي أدلى بها فاليريان شوفايف، والذي اشتغل من قبل ذلك سفيرا لروسيا في الرباط، للصحافة المحلية، نوع من الحذر والموازنة الدبلوماسية، في تعاطيه مع القضية الشائكة عندما أكد أننا “ندعم العملية التي بدأتها الأمم المتحدة، ونرى إمكانية حل هذه القضية القديمة تحت رعاية الأمم المتحدة، ويجب أن يكون على أساس القاعدة القانونية المنصوص عليها في قرارات مجلس الأمن”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: