أنبوب الغاز المغرب – نيجيريا الخيار الواقعي الأقرب إلى أوروبا

الماموني

أكد العاهل المغربي الملك محمد السادس على أهمية أنبوب الغاز الذي سيربط بلاده بنيجيريا، مشددا على أن فوائده لا تقتصر على المغرب بل هو مشروع إستراتيجي تستفيد منه دول غرب أفريقيا وأوروبا، في إشارة واضحة إلى أن هذا الأنبوب سيكون الخيار الأكثر واقعية والأقرب إلى أوروبا.

ويقول محللون سياسيون إن المغرب يراهن على نجاح هذا الأنبوب في أن يكون أحد البدائل الجادة والأكثر أمانا بالنسبة إلى أوروبا، مشيرين خاصة إلى أن أوروبا لا تثق في الجزائر كمزود دائم وثابت لاعتبارات من بينها أن الأخيرة مارست الابتزاز في ملف توريد الغاز مع المغرب وإسبانيا، وهي سابقة لا يوجد ما يؤكد أنها لن تتكرر في المستقبل إذا وثق الأوروبيون في الجزائر وراهنوا على غازها كأحد البدائل الثابتة عن الغاز الروسي.

 

نوفل بوعمري: يعد هذا المشروع إنجازا كبيرا وثورة حقيقية في الأجندة المغربية
نوفل بوعمري: يعد هذا المشروع إنجازا كبيرا وثورة حقيقية في الأجندة المغربية

 

ومن الواضح أن الجزائر بقصر نظرها حركت الشكوك من حولها في أن تكون مصدرا ثابتا وآمنا في حين أن العالم ينتظر حلولا. والخطر بالنسبة إلى أوروبا هو أن الجزائر يمكن أن تخلط ملف الغاز بالمواقف والشروط السياسية مثلما فعلت مع إسبانيا حين سعت لوقف التعامل التجاري والاقتصادي معها لإجبارها على تغيير موقفها من قضية الصحراء.

ويرى المحللون أن أوروبا ستعمل على إيجاد بديل آخر أكثر ثقة وأمانا من الجزائر، وستجد في أنبوب الغاز المغرب – نيجيريا فرصة حقيقية يمكن الرهان عليها، معتبرين أن حديث الجزائر عن أنبوب يربطها بنيجيريا ليس سوى ردة فعل على الاتفاق الذي سيجعل المغرب معبرا رئيسيا للغاز النيجيري.

وما دفع الجزائريين إلى طرح أنبوب أكثر تعقيدا وأقل أمانا يربطهم بنيجيريا هو أن المغرب يسعى بمبادرته إلى إدماج أقاليمه الجنوبية في هذا المشروع الإستراتيجي ليحقق مكسبا مضاعفا، أولا بتأمين اعتراف أفريقي وأوروبا بوحدة أراضيه، وثانيا تطوير هذه الأقاليم تنمويا لتأكيد فاعلية مقاربته للحل القائم على الحكم الذاتي الموسع في الصحراء.

وأشاد العاهل المغربي مساء الأحد بمشروع أنبوب الغاز بين المغرب ونيجيريا الذي من المقرر أن يغذي غرب أفريقيا وأوروبا، معتبرا أن “مسار ترسيخ مغربية الصحراء” قد دخل “مرحلة حاسمة”.

وقال الملك محمد السادس في خطاب الذكرى السابعة والأربعين للمسيرة الخضراء “إنه مشروع من أجل السلام والاندماج الاقتصادي الأفريقي والتنمية المشتركة، مشروع من أجل الحاضر والأجيال القادمة”. وأضاف “نريده مشروعا إستراتيجيا لفائدة منطقة غرب أفريقيا كلها التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 440 مليون نسمة”.

وتابع العاهل المغربي “بالنظر إلى البُعد القارّي لأنبوب الغاز نيجيريا – المغرب، فإنّنا نعتبره أيضًا مشروعًا مهيكلًا يربط بين أفريقيا وأوروبا”.

◘ المغرب يراهن على نجاح هذا الأنبوب في أن يكون أحد البدائل الجادة والأكثر أمانا بالنسبة إلى أوروبا

ووُقّعت في الرباط في منتصف سبتمبر مذكرة تفاهم حول مشروع أنبوب الغاز الذي يربط نيجيريا بالمغرب مع المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا. وتشارك موريتانيا والسنغال أيضا في هذا المشروع.

ويقول مراقبون إن أنبوب المغرب – نيجيريا سيحظى بالاعتراف الدولي لعدة اعتبارات، منها أن عدد الدول المستفيدة منه كبير، خاصة بالنسبة إلى دول غرب أفريقيا (15 دولة)، بشكل يجعله إحدى دعائم نهوضها التنموي؛ ذلك أن طريقه آمن على عكس الطريق الذي تقترحه الجزائر والذي سيعبر الصحراء مع ما يتضمنه ذلك من مخاطر أمنية كبرى تجعل من الصعب على أوروبا الرهان عليه. كما أنه لا يعبر سوى دولة واحدة هي النيجر لتكون الفائدة منه شبه معدومة بالنسبة إلى أفريقيا.

واعتبر محمد بودن، رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية في المغرب، أن مشروعا بهذا الحجم ينبغي أن يمثل شريانا حيويا، حيث أُخذت بعين الاعتبار معطيات الأمن والاستقرار وفرص التكامل والتنمية المستدامة في نطاق واسع بغرب أفريقيا.

وأضاف بودن، في تصريح لـه أن “التطورات الدولية الأخيرة ساهمت في توجيه التركيز الإستراتيجي على مصادر الطاقة، وترسيخ الأهمية الإستراتيجية والاقتصادية لمشروع خط أنبوب الغاز نيجيريا – المغرب الذي جاء كثمرة لإرادة مشتركة بين بلدين رائدين في القارة الأفريقية”.

 

محمد بودن: مشروع خط أنبوب الغاز نيجيريا – المغرب جاء كثمرة لإرادة مشتركة بين بلدين رائدين في القارة الأفريقية
محمد بودن: مشروع خط أنبوب الغاز نيجيريا – المغرب جاء كثمرة لإرادة مشتركة بين بلدين رائدين في القارة الأفريقية

 

ومشروع خط أنبوب الغاز نيجيريا – المغرب الذي لم يُحدّد جدول زمني لإنجازه بعد، يندرج في سياق جيوسياسي يطغى عليه طلب دولي قوي على الغاز والنفط وارتفاع في الأسعار إثر غزو روسيا لأوكرانيا. وتسعى عدة دول، خصوصا في أوروبا، إلى تقليل اعتمادها على روسيا.

واعتبر المحلل السياسي المغربي نوفل بوعمري أن خطاب الملك محمد السادس أعلن بشكل رسمي ومباشر عن بدْء تنفيذ مشروع أنبوب الغاز الذي سيربط المغرب بنيجيريا، وبذلك يكون قد دحض كل التكهنات التي كانت تشير إلى عدم إنجاز هذا المشروع.

وأضاف بوعمري، في تصريح لـه، أن “العاهل المغربي قد ردّ بشكل واضح على هذه التكهنات وأكد على ميلاد هذا المشروع الذي سيربط عمق أفريقيا بشمالها. ويعد هذا المشروع إنجازا كبيرا وثورة حقيقية في الأجندة المغربية”.

وكان الملك محمد السادس والرئيس النيجيري محمد بخاري قد وقّعا على اتفاق مبدئي بين البلدين بخصوص مشروع أنبوب الغاز، وذلك خلال الزيارة التي قام بها العاهل المغربي إلى نيجيريا في ديسمبر عام 2016، قبل أن يتم تنظيم حفل للتوقيع الرسمي على الاتفاقية بين حكومتي البلدين خلال يونيو 2018 في الرباط.

وأعلن وزير الدولة النيجيري للموارد البترولية تيميبر سيلفا منذ أسابيع أن روسيا أبدت اهتمامها بالاستثمار في مشروع خط أنبوب الغاز نيجيريا – المغرب، مضيفا “كان الروس معي في المكتب الأسبوع الماضي. إنهم يرغبون بشدة في الاستثمار في هذا المشروع وهناك الكثير من الأشخاص الآخرين الذين يرغبون أيضا في الاستثمار في المشروع”.

وتابع “هناك اهتمام دولي كبير بالمشروع وثمة مستثمرون مهتمون به أيضا، لكننا لم نختر المستثمرين بعد”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: