هل واجه شنقريحة مخططا لإبعاده عن قيادة الجيش الجزائري

اردان ماجدة

عاد قائد أركان الجيش الجزائري الفريق أول سعيد شنقريحة ليجذب الأضواء الإعلامية، بعد فترة من التواري عن الأنظار تضاربت بشأنها الروايات؛ فمن جهة هناك أقاويل تقر بأن نهاية الرجل على رأس أكبر مؤسسة في البلاد صارت وشيكة لأسباب مختلفة، ومن جهة ثانية ثمة أحاديث تحوم حول فرضية الاختفاء الظرفي لأسباب صحية.

وسجل الرجل الأول في المؤسسة العسكرية في الآونة الأخيرة العديد من الأنشطة العسكرية، وعاد معها ليجذب الأضواء المنافسة حتى للرئيس عبدالمجيد تبون نفسه، وكان آخرها حفل تقليد الرتب ومنح الأوسمة في مبنى وزارة الدفاع، وهي رسالة تنطوي على رد مبطن على الروايات التي تضاربت في الأسابيع الأخيرة حول تواريه عن الأنظار.

وكشفت تقارير متخصصة أن المصالح الأمنية للجيش الجزائري قد أوقفت ستة ضباط من مراتب عليا، على خلفية التخطيط للانقلاب على الرجل القوي في المؤسسة العسكرية، الذي خلف الفريق أحمد قايد صالح منذ نهاية عام 2019.

◘ منذ لقائه بسفيرة الولايات المتحدة في سبتمبر الماضي توارى سعيد شنقريحة عن الأنظار، ما أثار الكثير من التساؤلات

وذكرت أن من بينهم النقيب طارق عميرات، الذي كان يشغل منصب القائم بالشؤون العسكرية والأمنية في سفارة الجزائر بباريس، وهو معروف بقربه من رجل الظل القوي في النظام السابق، سعيد بوتفليقة، شقيق ومستشار الرئيس الراحل عبدالعزيز بوتفليقة، إلى جانب العقيد عمر ولد زميرلي، وهو شقيق القائد السابق لدائرة أمن الجيش الجنرال سيد علي ولد زميرلي.

واستندت التقارير في حديثها عن محاولة إبعاد شنقريحة عن هرم السلطة إلى الحركة اللافتة التي تمت خلال الأسابيع الماضية على رأس الدوائر الأمنية التابعة لجهاز الاستخبارات؛ حيث تمت إقالة مدير أمن الجيش سيد علي ولد زميرلي، واستخلافه بالجنرال عبدالعزيز نويوات شويطر، كما تم وضع الجنرال المتقاعد جمال كحال مجدوب في دائرة الأمن الداخلي، خلفا للجنرال عبدالغني راشدي الذي من المتوقع أنه أحيل إلى التحقيق على خلفية ملفات غير معلنة، في حين استُقْدم الجنرال جبار مهنا لشغل منصب مدير الأمن الخارجي.

ومنذ اللقاء الذي جمع بين سفيرة الولايات المتحدة إليزابيت بورن والفريق أول سعيد شنقريحة في شهر سبتمبر الماضي، توارى الرجل عن الأنظار. وهو ما تم تبريره بضغط الإدارة الأميركية على قيادة الجيش للابتعاد عن الواجهة السياسية ولعدم الانحياز إلى روسيا في النزاع القائم بينها وبين الغرب في الأزمة الأوكرانية.

ويندرج تضارب الروايات في إطار التوازنات الجديدة التي تريد التكيف مع المستجدات الدولية، والنأي بالمؤسسة العسكرية وبالبلاد عن صراع القوى الكبرى، وحتى لأسباب شخصية تعود إلى ما يتردد حول رفض ابنه الرائد شفيق شنقريحة العودة إلى الوطن، بعد سنوات قضاها في فرنسا للدراسة والعمل في السفارة.

وإلى حد الآن لا تزال التهم الموجهة إلى الضباط الموقوفين غير معروفة، ولم يتم الإعلان عن ذلك صراحة، لكن تقارير متخصصة تتحدث عن “التآمر على مؤسسة وقيادة الجيش وإفشاء أسرار الدولة”، وهو ما يوحي بنوايا انقلاب على الرجل، في إطار صراع الأجنحة داخل المؤسسة.

◘ المصالح الأمنية للجيش الجزائري أوقفت ستة ضباط من مراتب عليا، على خلفية التخطيط للانقلاب على الرجل القوي في المؤسسة العسكرية

وذكر بيان مقتضب لوزارة الدفاع الجزائرية أن رئيس أركان الجيش الفريق أول سعيد شنقريحة “أشرف بمقر وزارة الدفاع الوطني على حفل تقليد الرتب وإسناد الأوسمة لعدد من إطارات القطاع بمناسبة الاحتفالات المخلدة للذكرى الـ68 للثورة التحريرية”.

ولم تتبين طبيعة الرتب والأوسمة التي قلدها الرجل لمنتسبي المؤسسة، لكنْ لا يُستبعد أن يكون الأمر مندرجا في سياق ترتيب الأوراق داخل المؤسسة، بشكل يفرض المزيد من الانضباط والولاء والتخلص من العناصر المشكوك في ولائها.

واللافت في صراع الأجنحة داخل المؤسسة، خاصة منذ عام 2018، هو هيمنة المصالح الضيقة ومواطن النفوذ والولاءات؛ ففي ظرف سنوات قليلة برزت قيادة وانهارت أخرى، وتم الزج بالعشرات من الجنرالات والعقداء في السجون لأسباب غامضة، رغم أنه يتم في كل مرة رفع تهم الفساد والتربح غير المشروع.

غير أن الصراع القائم في أوكرانيا بين روسيا والغرب ألقى بظلاله على خيارات وتوجهات المؤسسة العسكرية، وطفا على السطح بحسب تقارير متخصصة قادة عسكريون موالون لموسكو، وعلى رأسهم سعيد شنقريحة الذي فرض من موقعه فتح آفاق تعاون عسكري كبير مع الروس بات يزعج الولايات المتحدة وأوروبا، وآخرون موالون للغرب يفضلون التعاون معه ويتحفظون على الخيارات القائمة، ولا يستبعد أن يكون هذا الموقف سببا في التحضير لإبعاد شنقريحة عن هرم المؤسسة العسكرية.

وستكون توجهات التعاون بين الجزائر وموسكو في المدى القريب مؤشرا حقيقيا على مآل الصراع؛ فحجم الصفقات المنتظرة لتجديد المنظومة العسكرية للبلاد سيترجم إما إلى انتصار جناح روسيا وإبرام صفقات ضخمة كما تردد ذلك بعض التقارير، أو إلى الخروج من دائرة نفوذ موسكو والتوجه إلى صناعات عسكرية من مدارس أخرى.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: