انتظرت الجالية المغربية من الحكومة المغربية انجازات ملموسة في مختلف القطاعات، لكنها برهنت أنها فقط حكومة خطابة وشعارات، و دات مردودية ضعيفة، و خصوصا بعدما أقبرت وزارة الجالية و أغرقت الوزير ناصر بوريطة في ملفات الصحراء المغربية و افتتاح القنصليات و تجاهل مطالب مغاربة العالم حيث فشل فشلا ذريعا لم يسبقه اليه اي وزير سابق.
ثم الانتظار الثاني، وهو التواصل والاستماع، وهنا يتهم المغاربة الحكومة، بأنها لم تعطي أهمية لمغاربة العالم و همومهم ولا تستمع إليهم، بل حتى إن الحوار الاجتماعي نفسه لم يكن ناجحا، ومطالب الطاقات المغربية والفاعلين المدنيين لم تكن تلقى الآذان الصاغية، والحكومة الحالية مطلوب منها مجهود وتواصل واستماع أكبر.
أما الانتظار الثالث، ، فيتمثل في إنهاء أو التخفيف من سلطوية الدولة، بحيث نجد مناخا سلطويا يتصاعد وربما استغلت هذه السلطوية في هذه الطرفية التي يمكن تدبيرها فيما يتعلق بالحريات بشكل أفضل. و أحسن مثال على ذلك، فيما يتعلق فرض تحليلة PCR وجواز التلقيح على مغاربة العالم لدخول بلدهم ، فيمكن أن يبقى فرض هذا الجواز في حدود معينة مثل التجمعات الكبرى، المسارح الملاعب مثلا. وعاد إلى التساؤل: “هل تستطيع الحكومة أن تخفف منه أم أن الأمر يتجاوزها؟”
فمن بين المشاكل التي نلاحظها في آليات الإدماج الخاصة بمغاربة الجالية في تنمية البلاد، عدم الاستقرار المؤسسي وعجز الحوْكمة في مجال سياسة الهجرة. يتسم القطاع الوزاري المسؤول عن الهجرة بطبيعة هشة ومتقلبة، خاصة وأنه شهد تغييرات متتالية في تشكيلته منذ أن أصبحت هذه القضية خارج اختصاصات وزارة العمل. وكان هذا القطاع ملحقاً بالشؤون الخارجية لينتقل تحت وصاية رئيس الوزراء قبل أن يعود من جديد للشؤون الخارجية .
و من جهة أخرى لا زال مغاربة العالم يعيشون وضعية ارتباك وذهول مستنكرين الصمت الحكومي حيال وضع غير مسبوق بصدد التبادل الإلكتروني لبياناتهم الخاصة. الحدث الذي سيجهز على ما تبقى من الود المزيّف بينهم وبين الحكومة التي أحالت مرسوم قانون على لجنة الخارجية بين الدورات البرلمانية في 22 فبراير 2018، وناقشته يوم 23 فبراير 2018، والمصادقة عليه في الدورة الموالية يوم 28 ماي 2018. مرسوم قانون ملغوم يقضي بسن أحكام انتقالية في شأن التبادل الآلي للمعلومات لأغراض جبائية. ولأن المراسيم بقوانين ليست كمشاريع القوانين، فإنها تختلف في مسطرتها التفعيلية. لذا، فنحن ننتظر ما ستقرّره الحكومة في المرسوم التطبيقي من أجل أجرأة الاتفاقية التي تم توقيع المغرب عليها مع مجموعة OCDE يوم 25 يونيو 2019.
وهنا نتساءل هل تمّت دراسة هذه الخطوة بما يكفي قبل الإقدام عليها؟ وهل تمّ التشاور مع مجلس الجالية المغربية بالخارج على سبيل المثال، أو مع فعاليات مدنية وسياسية مرتبطة بالهجرة؟
من بين الأدوار الأساسية للحكومة والوزارة الوصية هو التواصل الجدّي والمستمر مع أفراد الجالية. تواصل مدعوم بالشروحات اللازمة. وهذا يدخل في باب حقهم كمواطنين مغاربة في امتلاك المعلومة. فأين هو الوزيرالمكلف بمغاربة العالم ناصر بوريطة ؟ أين هو المسؤول الحكومي في هذه الأيام العصيبة لشرح مقتضيات الاتفاقية ولطمأنة المواطنين الذين يتحمل حقيبتهم الوزارية بعدم تسريب معطياتهم الشخصية للدول الأجنبية؟ أليس من حقّ هؤلاء أن يتمتعوا بحماية حياتهم الخاصة، كما هو منصوص عليه في دستور بلدهم (الفصل 24)؟ هذا حدث مشهود، سيدي الوزير، في تاريخ الهجرة المغربية التي تمتد لأزيد من نصف قرن. أين نحن من الفصل الـ16 من دستور المملكة الذي يقضي بالحفاظ على مصالح وحقوق مغاربة العالم في بلدان الإقامة، وعلى تمتين وشائج الارتباط بوطنهم الأم.
الحكومة هي المسؤولة الأولى عن حيثيات هذه الاتفاقية التي يبدو أنها لا تحتوي على شروط للتبادل الآلي للمعلومات، تنحصر فقط حول الأشخاص المعنويين والذاتيين غير المقيمين من الجانب المغربي ومن جانب الدول الموقعة، بل تتعدّاهم لتشمل كل فئات الجالية. وفي ذلك مزيد من الهدر لحقوق مغاربة العالم المادية، بعدما تمّ حرمانهم من حقّهم في المشاركة السياسية.
إن المغرب يبقى بحاجة ماسة إلى سفراء من نوع خاص يحملون الرسالة الحضارية العريقة للمغرب وهو الأمر المنوط بمغاربة الخارج . والأكيد أن ما حققه العديد من المغاربة المقيمين بالخارج من نجاح مهني وكفاءة علمية وتفوق في مجال الفنون والثقافة وكذلك في العمل السياسي في بلدان الاستقبال من شأنه أن يجعل منهم جماعات للضغط تساعد على الدفاع عن مصالح المغرب الوطنية في الخارج على مستوى العمل الدبلوماسي الموازي ، كما أنهم أصبحوا يشكلون كتلة لإنتاج قيم الديمقراطية والتقدم والتنمية، مما سيجعل من تمثيليتهم داخل البرلمان فرصة مواتية لإدماج هذه القوة الجديدة في دينامية المغرب الجديد الذي يبحث لإشراك مواطنيه في مقاربة تشاركية وفقا لمبادئ الدستور الجديد لسنة 2011.