مغربيات يهربن من أبناء البلد بالزواج من أجانب

البازي بوشعيب

في زمن العولمة وثورة منصات التواصل الاجتماعي لم يعد الحديث عن زواج المغربيات من الأجانب أو ما بات يعرف بالزواج المختلط من التابوهات أو من المواضيع التي يتحاشى المجتمع المغربي المحافظ الخوض فيها، بل أجبر في النهاية على القبول بالأمر الواقع ولو على مضض.

 قبل سنوات مضت انتشرت على نطاق واسع قصص وحكايات عدد من المغاربة الذين لجأوا إلى حيلة الزواج بأجنبيات بهدف الحصول على وثائق تسمح لهم بالإقامة في البلد الذي هاجروا إليه من أجل العيش في رفاهية ورخاء، دون الأخذ في الحسبان المرجعية الدينية للزوجة أو عمرها، وبعيدا عن ضوضاء الرفض أو التنديد والاستنكار من عائلة الرجل.

لكن اليوم انعكست الآية فبات الحديث عن زواج المغربيات بالأجانب أبرز حدث، حتى أن قاعات المحاكم صارت تعج بآلاف القضايا لتثبيت هذا الزواج المختلط وما تخفيه هذه القضايا وراءها من قصص درامية وأليمة في آن واحد.

وأكدت الدراسات  أن نصف المغاربة لا يرضون بزواج المغربية من أجنبي إلا إذا اقترن بشروط ذات صبغة دينية كالإسلام والانتماء الجغرافي العربي، في حين أن ثلث الذين شملتهم الدراسة يرفضون الفكرة رفضا باتا.

80 في المئة من الزواج المختلط غرضه سعي الأجانب للاستفادة من منافع وامتيازات شخصية

فالزواج كان سابقا يتم بالطرق التقليدية والمعروفة، حيث أن الآباء والأمهات هم الذين يذهبون إلى العائلات لخطبة زوجات أبنائهم، أما اليوم فتغيرت الأحوال وأصبحت الخطبة تتم عن طريق الفيسبوك ووسائط التواصل الاجتماعي بسبب التغيرات السريعة والرهيبة التي تحدث في كل المجتمعات.

و حسب مقولة عالم الاجتماع الفرنسي شامبر دو لو التي أشار فيها إلى الصعوبة التي يجدها الشخص في التأقلم ضمن محيط أو مجتمع أو فضاء لم ينتجه أو لم يكن جزءا في إنتاجه، ولم يكن حتى من إنتاج آبائه أو أجداده.

كما يبرز قول ابن خلدون مؤسس علم الاجتماع الحديث في كتابه “المقدمة” -وهو يتكلم عن المجتمعات العربية والإسلامية- “واعلم أن الملل والنحل والعوائد لا تدوم على وتيرة واحدة بل تختلف باختلاف الأزمنة والأمصار”.

والمعروف أن الزواج يبنى على خيارات وقناعات تختلف من إنسان لآخر، وقد ساهم توافد الأجانب على الجزائر كممثلين لشركات استثمارية أو كلاجئين في تشجيع الزواج المختلط دون أن تكون للطرفين بالضرورة روابط مشتركة وما يشكله ذلك من تداعيات خطيرة على تربية الأبناء وتنشئتهم الاجتماعية.

توافد الأجانب على المغزب كممثلين لشركات استثمارية أو سياح ساهم في تشجيع الزواج المختلط دون أن تكون للطرفين بالضرورة روابط مشتركة

تروي سهام قصة زواجها من أجنبي فتقول إنها تعرفت عليه عندما كان يقصد المطعم الذي كانت تملكه كزبون، وبعد فترة تطورت العلاقة إلى إعجاب ولقاءات توجت بزواج استمر خمس سنوات وكانت ثمرته بنت وحمْلها بولد.

لكن إصابة الابنة بسرطان الكبد دفعت الأب للعودة إلى بلاده من أجل توفير أموال مصاريف التكفل الصحي، بيد أنه لم ينجح في إرسال سوى 100 يورو كل ثلاثة أو أربعة أشهر، وهو مبلغ زهيد جدا في نظر سهام، لينتهي الأمر بعدم عودة الرجل إلى المغرب حتى لحضور جنازة ابنته ومعرفة وجه ابنه الذي خرج للحياة.

فهمت سهام أن زوجها لا يريدها هي ولا ابنهما ولا العيش في المغزب، فما كان عليها سوى مباشرة إجراءات الطلاق الذي تحصلت عليه بعد عام ونصف العام. ورغم هذه القصة الأليمة أعادت سهام الكرّة مع أجنبي آخر في تجربة ثانية تقول إنها لا تعرف إن كانت ستكلل بالنجاح أم بالفشل مثلما انتهت إليه التجربة الأولى.

وحسب نفس الدراسة فإن 80 في المئة من الزواج المختلط غرضه سعي الأجانب للاستفادة من منافع وامتيازات شخصية، كالحصول على الإقامة أو النصب عبر تحويل الأموال من خلال استغلال أزواجهن الذين يحصلون على قروض بنكية ضمن مشاريع خدمية أطلقتها الحكومة، وهو ما يوقعهن في مشاكل إدارية مع البنوك التي تطالبهن بتسديد هذه القروض التي هرب بها الأجنبي إلى بلده أو إلى وجهة أخرى غير معروفة.

وتشدد على ضرورة إلمام المغربية التي تريد الزواج بالأجنبي بكل المشاكل التي تسفر عن مثل هذه الزيجات، لأنها ستكون في نهاية المطاف في مواجهة والديها وعائلتها والمجتمع بسبب خيارها.

ويمنع القانون زواج المغربية المسلمة بغير المسلم، ولا يجيز أن يقوم الطرفان أو أحدهما بالتحايل على القانون والإجراءات التي تنظم الزواج المختلط لتحقيق أغراض أخرى غير الغرض الرئيسي من الزواج.

ومن جانبها اعترفت المحامية فاطمة الزهراء  بأن المغربي  قليل الرومانسية مقارنة ببقية الرجال العرب مثلا، وهو ما يجعل المرأة المغربية تبحث عن هذه الحلقة المفقودة لدى الأجنبي، داعية الراغبة في الإقدام على الزواج المختلط إلى التفكير بعمق في عواقبه، خاصة في ما يتعلق بحضانة الأطفال.

وأكد خبراء العلاقات الزوجية أن هذا المشوار بالتأكيد ليس سهلا على أي امرأة خوضه بالنظر إلى العوائق والمطبات التي تميزه، ولفتوا إلى أن الزواج ليس صناعة التميز أو ارتداءً للفستان الأبيض بل هو مشروع حياة يستوجب التخطيط له بتدبير وتبصر، بعيدا عما تروجه المسلسلات والأفلام الأجنبية وفضاءات الإعلام الجديد على أنه تبادل للمشاعر والرحلات تسقط معه كل الأعراف والتقاليد البالية.

ولا يتوانى كثيرون في تحميل الأمهات مسؤولية التنشئة الأسرية الخاطئة بمساهمتهن في تربية بناتهن بطريقة خاطئة تدفعهن إلى التفكير في الثورة على منظومة الأخلاق والقيم التي تحكم المجتمع في سبيل تحقيق ربما نزوات وأضغاث أحلام ليس إلا، حتى بوجود زيجات مختلطة ناجحة تستحق الإشادة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: