لم تكن جرائم الاحتيال وليدة العصر، أو العصور المتأخرة، فقد ظهرت قبل الإسلام، ولم تتوقف بعد ظهوره، ففي عهد الخليفة الفاروق عمر بنالخطاب، رضي الله عنه، استودع رجلان أموالا عند امرأة وقالا لها: لا تدفعيها إلى واحد منا حتى نجتمع عندك سويا، ثم انطلقا فغابا مدة، فجاء أحدهما إليها، وقال: أعطيني وديعتي، فإن صاحبي قد مات، فرفضت المرأة حتى كثر تردد الرجل عليها، فأعطته المال.
لكن بعد مدة، جاءها الرجل الآخر وطلب المال، فقالت: أخذه صاحبك وذكر أنك قد مت، فذهب الرجل ورفع القضية والقصة معروفة!، انتهت بتجسيد فكرة الاحتيال باسم الدين، كلكم تتذكرون قضية الخليفة وما جرى فيها، فقد قيل عنها آنذاك بأنها فضيحة العصر واحتيال القرن، راح ضحيتها الكثير، لماذا اختير هذا اللقب، واستعمل للاحتيال؟، لأنه له مدلول ديني ورمز مقدس!.
نعم محبة مغاربة العالم لدينهم وطيبة نفوسهم، فكل من يأتي باسم الدَين يفتحون له قلوبهم ويأتمنونه على أموالهم، ولسان حالهم يقول”من خدعنا بالدين خدعه الله!”.
الخُلَفَاءُ الرَّاشِدُون، وهم الْحُكَّام الَّذِينَ جَاؤوا بَعْدَ وَفَاةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُمْ أَبُوبَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ رَضِيَ الله عَنْهُمْ أجمعين…استخلفه ، جعله مكانه: – استخلف أخاه في الإشراف على تربية أولاده ، قال تعالى (( لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ))، وبهذا المعنى ورد في القرآن الكريم:” يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض”- سورة “ص”، الآية 26. وفي حديث الرسول صلى الله عليه وآله: “اللهم ارحم خلفائي، اللهم ارحم خلفائي، اللهم ارحم خلفائي، قيل له يا رسول الله صلى الله عليه وآله من خلفاؤك؟، قال: “الذين يأتون بعدي يروون حديثي وسنتي)- رواه الترميذي
“فضيحة احتيال العصر”، فإن قضية مسجد الرحمة بأنفيرس أعادت نفسها إلى واجهة الأحداث لما وقع فيها، نتذكرها نتدارسها، لأنها مازالت تظهر مثيلتها وأخواتها من حين لآخر … من خدعنا بالله.. انخدعنا له!. تذكرت هذه العبارة، عندما سألني أحد المهاجرين المغاربة عن مصير 225000 اورو التي جمعها سعيد المداوشي رئيس جمعية الرحمة في شهر مارس 2020 لشراء مقبرة اسلامية ببلجيكا.
المشروع الذي استغل غلق الحدود المغربية بسبب جائحة كورونا جعل المسؤول الاول عن مسجد الرحمة بأنفيرس يطلب من خلال تقنية المباشر عبر مواقع التواصل الإجتماعي المساعدة من المحسنين من مغاربة العالم اموالا لدفن الموتى من المغاربة ليتحول الامرالى شراء أرض تستغل كمقبرة اسلامية ببلجيكا ، الشيء الذي أكده لنا سعيد المداوشي من خلال اتصال هاتفي مسجل مع طاقم أخبارناالجالية .
الا أن و ليومنا هذا تتساءل الجالية المسلمة التي ساهمت في هذا المشروع عن مصير 225000 أورو التي لم تصرف كما كان مخصصا لهاو لم يتم لحد يومنا هذا شراء أي أرض تخصص لمقبرة إسلامية.
فأين أموال المحسنين ؟ و أين صرفت ؟
تتذكرون أيضا الاحتيال بالمقدس، وبالعنوان الذي كان وصفا للنبي صلى الله عليه وسلم: لا اله إلا الله الملك الحق المبين***محمد رسول الله الصادق الوعد الأمين!، فضيحة سوق الوعد الصادق لتبييض الأموال، وجريمة في حق الاقتصاد!،
الوعد الصادق ينتهي بوهمٍ كاذب!، وسقط عدد كبير ممن غرّر بهم، أو ممن أطماعهم طغت عليهم وقادوا أنفسهم إلى التهلكة ووقعوا فريسة سهلة للمحتالين باسم الدين.
من خدعنا بالدين خدعه الله ، وهناك أعمال كثيرة ومشبوهة، تفننت في صناعتها أياد ماكرة فاجرة، أو متاجرة جاهلة، تتخذ من الإسلام ستارًا، تدس السم في الدسم، وتقدم نفسها على أنها ملاذ آمن للجالية، تتلاعب بآيات القرآن وتتاجر بها حتى يتم استدراج الفريسة لتجد نفسها ضحية مؤامرة احتيال، ويتم النصب عليها والحصول علي أموالها!.
وهذه الأعمال انتشرت في مجتمعنا وأصبح استعمال الدين لأعراض شخصية ومختلفة بشكلٍ كبير يعكس مستوی عمق غيبوبة الأمة، حيث تمارس أبرز أشكال النصب والاحتيال باسم الدين من خلال ما يسمی (بالبيع الإسلامي المعاملات الإسلامية، الزواج الإسلامي، حتى وصلنا إلى السيارة الإسلامية، البنوك الإسلامية، الشاطئ الإسلامي العرس الإسلامي، اللباس الإسلامي، وسيأتي يوم ونسمي المسجد الإسلامي..الخ).
من المسؤول عن هذه الفوضى في جمع التبرعات؟.. ومن يضمن أن ما يتم جمعه من تبرعات يذهب لمستحقيه او من اجل الغاية التي تم جمع المال والمعونات لأجلها؟.. خاصة وإن وجود هذه الفئة وبهذه الطريقة العشوائية امر «غير طبيعي»، وغير مقبول ويسهل استغلالها من ذوي الانفس الضعيفة، بحيث تصبح الجالية المغربية ضحية لفئة تستغل مشاعرها الانسانية، وتحصل على المال منها رغم انها غير متأكدة من وصول تبرعاتها لمستحقيها.
فالمساجد ببلجيكا أخذت هذا الدور منذ سنين ، فالمشايخ الذين كانوا في نهاية خطبهم يدعون إلى التبرع لبناء مساجد الله وأماكن العبادة ،بعضهم ذهب إلى التبرع للمصابين والشهداء والمهاجرين، وهم نفسهم الذين شكلوا الجمعيات الخيرية التي تبني المساجد و تعكف علىخيراتها تابعوا على نفس المنوال درب استغلال حاجة الناس ومصائبهم وجمعوا الكثير ودفعوا القليل.
ولا شك ان الاحتيال اخذ ابعادا اوسع وتطورت خطط الحصول على الاموال بطرق غير مشروعة، حيث تعيش مفاصل عديدة في بلجيكا احداثا غريبة ودخيلة على قيمنا وتقاليدنا،
والمتابع للمشهد الفوضوي يلمس ان الانفلات هو السمة الغالبة على جمع التبرعات لبناء او توسعة بعض المساجد ذلك ان عملية جمع التبرعات ليست دائما تحت غطاء التقوى ولا تخلو من التجاوزات والتحايل والخداع في عدة مناسبات، ..