المغرب يضع محاكمة غالي شرطا لعدم قطع العلاقات مع إسبانيا

ماموني

حذّر المغرب من أنه في حال اختارت إسبانيا إبعاد إبراهيم غالي زعيم البوليساريو عن أراضيها بنفس الغموض والطريقة التي تم إدخاله إليها، فإن هذا الاختيار لن يزيد الأزمة الدبلوماسية بين البلدين إلا تفاقما، وقد يقود إلى قطع العلاقات إذا لم يقم القضاء الإسباني بمحاكمته.

وأوضحت سفيرة المغرب في مدريد كريمة بنيعيش الجمعة أن “واقعة غالي اختبار لاستقلال القضاء الإسباني الذي نثق فيه تماما، لكنه أيضا اختبار آخر لمعرفة ما إذا كانت إسبانيا تختار تعزيز علاقاتها مع المغرب أو تفضّل التعاون مع أعدائه”.

وأردفت “إسبانيا اختارت للأسف التعتيم من أجل العمل من وراء ظهر المغرب، من خلال استقبال هذا المجرم والجلاد وحمايته لدواع إنسانية، وبالتالي الإساءة إلى كرامة الشعب المغربي”.

وفيما يبدو أنه تماه مع السلطة التنفيذية رفض قاضي التحقيق بالمحكمة الوطنية في مدريد سانتياغو بيدراز إصدار أمر باعتقال غالي بناءً على طلب الجمعية الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان.

وأوضح قاضي التحقيق وفق ما أوردته المصادر الصحافية المحلية أنه قد يُطلب اتخاذ هذا الإجراء عندما يأتي غالي للإدلاء بشهادته في الأول من يونيو المقبل، ما يوضح أن هناك رغبة حكومية في استمرار حصانة غالي حتى مغادرة إسبانيا في أيّ وقت دون اعتقاله.

صبري الحو: إسبانيا بتعنتها ستخسر المغرب كحليف استراتيجي

وعلق صبري الحو الخبير في القانون الدولي والهجرة ونزاع الصحراء في تصريح لـه أنه “بالتعنت الممنهج ستخسر إسبانيا المغرب كحليف استراتيجي لها بعدما ظهر له جليا وتأكد له بالدليل أنها تناور ضد وحدته الترابية علنا برفض الإعلان الأميركي بمغربية كل الصحراء وبنهج سياسة المكاييل، وسرّا بإيوائها غالي بهوية مزورة، حتى يفلت من العقاب ومن العدالة الإسبانية التي تلاحقه وهو ما أوقع الدولة الإسبانية في خطأ جسيم”.

وتعبيرا عن جزء كبير من الرأي العام الداخلي بإسبانيا أكد مدير اليومية الإسبانية “لاراثون” فرانسيسكو مارهويندا أن “الاستبعاد الممنهج لدولة حليفة (المغرب) تحتل مكانة أساسية بالنسبة إلى مصالحنا لا يبدو استراتيجية مناسبة للتغلب على الأزمة”، معتبرا أن هذا “النزاع يتطلب الحكمة والحزم”.

وذهب مارهويندا إلى أساس المشكل لدى مسؤولي بلده عندما أبرز أن “سوء إدارة هذا التصرف غير المفهوم والمثير للجدل، المتمثل في استقبال زعيم جبهة البوليساريو أثار أزمة دبلوماسية خطرة” مع المغرب.

ويشدد المغرب على أن إسبانيا تحاول استغلال عبور الآلاف من المهاجرين قبل أيام لسبتة المحتلة كـ”مطية للهروب من النقاش الحقيقي” حول الأزمة المغربية – الإسبانية المتعلقة باستقبال مدريد لغالي المتابع بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية والاغتصاب وانتهاكات لحقوق الإنسان.

وسجلت الجمعية الموريتانية – المغربية للدفاع عن الوحدة المغاربية في بيان لها أن “الحكومة الإسبانية اليوم أمام اختبار قانوني وأخلاقي وإنساني، وهي التي عمدت إلى التستر على مطلوب لدى العدالة الأوروبية”. وأضافت أن إسبانيا مدعوة أيضا إلى “احترام ﻣﺒﺪأ ﺣﺴﻦ اﻟﺠﻮار اﻟﺬي أﻛﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻴﺜﺎق اﻷﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة، وكذا احترام الاتفاقية الموقعة مع المملكة المغربية في ميدان تسليم المجرمين”.

ويرى مراقبون أن إسبانيا تريد تحريف المشكل الحقيقي مع المغرب وتصوير المغرب كمسؤول عن تفشي الهجرة غير النظامية وغض الطرف لأسباب متعددة منها الانتخابي والسياسي والنفسي، عن دوره الاستراتيجي في تطوير سياسة الهجرة القانونية والآمنة وتعزيز السلم والاستقرار في الفضاء الأورومتوسطي وأفريقيا جنوب الصحراء.

Thumbnail

وبمنطق القانون والعرف الدوليين يورد الحو أنه “من حق المغرب إظهار ما يملكه من أوراق عديدة وملفات متنوعة في إطار سياسة الجوار مع إسبانيا دفاعا عن مصالحه العليا، ومنها الهجرة كمدخل لتدبير التنافس إن لم نقل الصراع”.

ومن قلب البرلمان الأوروبي أكد العضو البلغاري إلهان كيوشوك أن على أوروبا تعزيز الشراكة الفريدة والاستراتيجية مع المغرب في مجالات الأمن والهجرة في البحر المتوسط”.

وبين أن المغرب تم وضعه كنموذج في السنوات الأخيرة في مجال الهجرة بفضل جهوده المتواصلة في محاربة الهجرة غير الشرعية وشبكات تهريب المهاجرين. كما كانت المملكة من أوائل دول جنوب البحر الأبيض المتوسط التي تبنت سياسة موحدة وإنسانية لاستقبال المهاجرين وإدماجهم في إطار سياسة الهجرة الجديدة التي أطلقها العاهل المغربي الملك محمد السادس عام 2013″.

وربط المغرب عودة سفيرته في مدريد، التي تم استدعاؤها إلى الرباط للتشاور، بانتهاء الأسباب الحقيقية للأزمة الدبلوماسية القائمة بين البلدين؛ وهي دخول زعيم البوليساريو إلى إسبانيا بطريقة لا تحترم العلاقات بين الجارين.

ورأى عادل بنحمزةالقيادي في حزب الاستقلال أنه لا يمكن التنبؤ بما ستحمله الأيام القادمة مشيرا إلى أن التحولات التي يعرفها المشهد الحزبي والسياسي والانتخابي في إسبانيا سيكون لها بالغ الأثر في الاتجاه الذي ستعرفه الأزمة، كون الشعبوية الصاعدة في إسبانيا باتجاهاتها اليسارية واليمينية تتغذى في جزء كبير منها على الصورة النمطية للمغرب وللمغاربة في المخيال الجماعي الإسباني.

وأوضح بنحمزة أنه “مادام هناك إمكانية صرف الصورة النمطية عن المغرب في صندوق الانتخاب فإن الأمر قد يتجه إلى مزيد من التصعيد وفي كل الأحوال، لافتا إلى أن “السند الأساسي والصادق للمغرب في مواجهاته الخارجية هو تماسك الجبهة الداخلية وصلابتها وعلى ذلك يجب أن تنصب كل الجهود”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: