مناورات الجيش الموريتاني تعزز التقارب الأمني والعسكري مع المغرب

ماموني

 تستعد موريتانيا لإطلاق مناورات عسكرية الأسبوع المقبل على الحدود مع المغرب في خطوة يرى مراقبون أنها لافتة في توقيتها وتبعث بالعديد من الرسائل إلى جبهة البوليساريو الانفصالية والمغرب على حد سواء.

وأكدت تقارير محلية موريتانية أن هذه المناورات التي توصف “بالمهمة” ستشارك فيها تشكيلات عسكرية تمثل العديد من المناطق التابعة للجيش على غرار فرقة من المنطقة العسكرية الأولى في مدينة نواذيبو.

ويؤكد الخبير المغربي في القانون الدولي ونزاع الصحراء صبري الحو أن “المناورات العسكرية ليست موجهة ضد مصالح المغرب، بل تأتي من أجل إظهار أن القوات الموريتانية تراقب حدودها وتمنع أي محاولات للتسلل هناك”، موضحا أن “هذه المناورات رسالة ميدانية إلى البوليساريو أكثر منها إلى المغرب لأن ليس لديه أطماع توسعية في موريتانيا، بل هو يضغط من أجل تأمين موريتانيا لحدودها”.

صبري الحو: موريتانيا تؤكد أنها ليست ملاذا لجبهة البوليساريو

وتابع الحو في تصريح لـه أن “الرسالة الأهم في هذه المناورات هي أن موريتانيا ليست ملاذا للبوليساريو وعليها أن تبحث عن حل للنزاع أو الضغط على المغرب في نقاط أخرى، وهو ما يجعل النزاع الإقليمي ينحسر بين الجزائر والمغرب فقط، فموريتانيا تظهر حيادها”.

وقالت مصادر سياسية إن المناورات العسكرية الموريتانية المتوقع إجراؤها على الحدود مع المغرب ستتم بتوافق على أعلى مستوى بين الرباط ونواكشوط، موضحة أن هذا المتغير يأتي في إطار استيعاب الجانب الموريتاني للمتغيرات الواقعة على مستوى ملف الصحراء والدعم الدولي والإقليمي لسيادة المغرب على صحرائه.

وأوضحت تلك المصادر أن موريتانيا تقطع الطريق على أي مغامرة من طرف البوليساريو، وتؤكد على استمرار التعاون الأمني والعسكري مع الرباط الذي يعزز الشراكة بين البلدين بعيدا عن الصراع الإقليمي عبر ورقة النزاع المفتعل حول الصحراء.

وتأتي هذه المناورات في أعقاب تدخل الجيش المغربي في نوفمبر الماضي لتحرير معبر الكركرات الحدودي مع موريتانيا بعد إقدام عناصر من البوليساريو على إغلاقه.

وأوضح صبري الحو أن “المغرب نجح في إقناع الجارة موريتانيا بأهمية وحيوية اضطلاعها ببسط سيطرتها على حدودها الشمالية مع المغرب وتأمينها، وهو مكسب رغم صعوبة تحقيقه في ظل تعقيدات المعادلات السياسية الداخلية في موريتانيا، إلا أنه يمثل عنصرا مهما يساهم بشكل سريع ومباشر وآلي في صناعة الحل في إطار رؤية مغربية مغاربية وأفريقية للنزاع حول الصحراء الذي يرتبط مباشرة بالحدود بين البلدين”.

ويرى مراقبون أن تأمين معبر الكركرات من قبل المغرب إشارة إلى الجانب الموريتاني بأن الرباط تستطيع المساهمة في تطويق المخاطر التي تهدد أمن واستقرار المنطقة، بالإضافة إلى تأمين طرق التجارة الدولية والبينية بين البلدين، خصوصا مع مرور المئات من الشاحنات المغربية والموريتانية من معبر الكركرات يوميا من الجانبين.

ويتطلع المغرب وموريتانيا إلى تحقيق المزيد من التقارب من خلال التعاون في العديد من المستويات العسكرية والأمنية والاقتصادية وغيرها.

وفي اتصال هاتفي بين العاهل المغربي الملك محمد السادس والرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني نهاية نوفمبر الماضي عبّر قائدا البلدين عن “ارتياحهما الكبير للتطور المتسارع الذي تعرفه مسيرة التعاون الثنائي، وعن رغبتهما الكبيرة في تعزيزها والرقي بها، بما يسمح بتعميق هذا التعاون بين البلدين الجارين وتوسيع آفاقه وتنويع مجالاته”.

وقد عبّر العاهل المغربي عن استعداده لزيارة موريتانيا، في خطوة قد تبدد غيوم عدم التفاهم الذي دام لسنوات خصوصا في عهد الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبدالعزيز.

ويسعى سياسيون من البلدين إلى الدفع نحو انضمام موريتانيا إلى الدول الأفريقية التي تعترف بالسيادة المغربية على الصحراء، وفتح قنصلية لها بإحدى مدن الجنوب المغربي، علاوة على المضي قدما في تعزيز التعاون بين البلدين.

المغرب وموريتانيا يتطلعان إلى تحقيق المزيد من التقارب من خلال التعاون في العديد من المستويات العسكرية والأمنية والاقتصادية وغيرها

وفي إطار التعاون بين القوات المسلحة الملكية المغربية والجيش الموريتاني شهدت العاصمة الموريتانية نواكشوط، في ديسمبر الماضي أعمال الاجتماع الثاني للجنة العسكرية المشتركة الموريتانية – المغربية الذي خُصّص لدراسة سبل ووسائل تحسين العديد من المجالات التي تحظى باهتمام الطرفين في مختلف المجالات العسكرية والأمنية.

ويشمل التعاون بين القوات المسلحة لكلا البلدين تبادل الزيارات الاستطلاعية والمشاركة في مختلف التدريبات والدعم التقني والدورات التكوينية، حيث يتم تكوين المتدربين الموريتانيين في مراكز تابعة للقوات المسلحة الملكية منذ عام 1970، كما تم تعزيز التعاون العسكري المغربي – الموريتاني بتوقيع مذكرة تفاهم بالرباط سنة 2006.

وتم تشكيل مجموعة للصداقة الموريتانية – المغربية في البرلمان الموريتاني في أكتوبر الماضي، في خطوة اعتبرها خبراء في العلاقات الدولية مقدمة لتعزيز ديناميكية العلاقات بين البلدين في ظل النظام الموريتاني الجديد، مؤكدين أن موريتانيا ذاهبة إلى إعادة تقييم الاعتراف بجبهة البوليساريو واستقبال قيادييها وتكلفته على المستوى الأمني والجيوسياسي.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: