غلق المعابر الحدودية لا يكبح الاقتصاد الموازي في المغرب

تصاعد الجدل مجددا في المغرب حول غلق معبري سبتة ومليلية حيث كشفت تقارير حديثة أن الخطوة لم تكبح التهريب ولم تمكّن من إعادة ترتيب الاقتصاد الموازي، في وقت يتواصل فيه التوتر مع إسبانيا التي تعتبر المعبرين جزءا من أراضيها.

وضع غلق معبري سبتة ومليلية الحدوديين بين المغرب وإسبانيا، الرباط تحت مجهر المراقبة، في وقت كشفت فيه تقارير أن “التهريب المعيشي” يواصل انتعاشه ما من شأنه أن يضاعف متاعب الاقتصاد المحلي ويجهض خطط الحكومة في محاصرة التجارة الموازية.

وقال تقرير مغربي رسمي إن إغلاق معبري سبتة ومليلية اللذين يخضعان إلى إدارة إسبانيا وتطالب الرباط باسترجاعهما، لا يعالج أسباب انتشار تجارة “التهريب المعيشي” شمال البلاد.

وجاء ذلك في التقرير السنوي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، والذي تسلمه العاهل المغربي الملك محمد السادس ونشر في الجريدة الرسمية مساء الأحد.

وأوضح التقرير أن “إغلاق معبري سبتة ومليلية من طرف المغرب، وكذلك منع العمليات التجارية عبر ميناء مليلية، منذ يوليو 2018، تدابير من شأنها أن تكون ناجعة على المدى القصير”.

واستدرك “غير أن الإغلاق لا ينصب على معالجة الأسباب العميقة التي سمحت بانتشار تجارة التهريب”.

ويمتهن المئات من المغاربة تهريب السلع من المدينتين إلى باقي المدن داخل المغرب، حيث يعملون على حمل أكياس ضخمة مُحملة بالبضائع الإسبانية فوق ظهورهم لإدخالها إلى الأراضي المغربية وبيعها.

وأردف “أحد الأسباب الرئيسية لانتشار التهريب المعيشي، هو القصور الحاصل على مستوى التنمية الاقتصادية والاجتماعية، الذي راكمته المناطق المحيطة بالمدينتين منذ عقود”.

كما قدم التقرير توصيات لمرحلة ما بعد منع تجارة التهريب، بعد 60 سنة من استمرار الجمارك البرية مفتوحة، دون أن يتوقف ما يعرف محليا بـ”التهريب المعيشي”.

وأوصى التقرير بـ”منح تحفيزات ضريبية وتمويلية، وتبسيط الإجراءات الإدارية أمام الشركات الوطنية، تشجيعا لها على التوسع في المناطق المحاذية لسبتة ومليلية”.

وفي مارس الماضي أغلقت السلطات المغربية معبري سبتة ومليلية نهائيا أمام تجارة “التهريب المعيشي”.

وكان المغرب يبرر إغلاق منفذ الجمارك البري مع مدينتي سبتة ومليلية شمال البلاد والخاضعتين للسيطرة الإسبانية، بمحاولة منع التهريب وإعادة ترتيب اقتصاد الظل.

وكان تقرير للبرلمان المغربي صدر في فبراير الماضي، قال إن “المغربيات الممتهنات للتهريب المعيشي بمعبر سبتة، يعشن وضعا مأساويا وينمن ليومين وأكثر في العراء”، مشيرا إلى وجود “حوالي 3500 امرأة يمتهن التهريب المعيشي و200 طفل قاصر بمعبر سبتة”.

وترفض المملكة المغربية الاعتراف بشرعية الحكم الإسباني على مدينتي سبتة ومليلية، وتعتبرهما جزءا لا يتجزأ من التراب المغربي، وتطالب الرباط مدريد بالدخول في مفاوضات مباشرة معها على أمل استرجاع المدينتين.

دعوة إلى منح تحفيزات ضريبية وتمويلية وتشجيع الشركات على التوسع في المناطق المحاذية لسبتة ومليلية

ومنذ إغلاق المغرب لمعبري المدينتين في ديسمبر الماضي، بعد قرار سابق في يوليو 2019 بمنع أي عملية استيراد أو تصدير لم يتوقف الجدل داخل الأوساط الاقتصادية المغربية.

وبالتزامن مع تلك الإجراءات حينها، ناقش البرلمان وحتى مطلع هذا العام، تقريرا يرصد معاناة العاملات في تهريب السلع، قبل أن تصدر لجنة برلمانية توصياتها بخصوص التقرير.

وتعرض التقرير آنذاك إلى خلفيات اتخاذ السلطات المغربية لقرارها بعد 60 سنة من استمرار الجمارك البرية مفتوحة، دون أن يتوقف “التهريب المعيشي”، عند ردود الفعل والقراءات المختلفة للإجراءات المغربية.

كما يتوقف التقرير عند ردود الفعل الإسبانية، وقد تحدث عن خسائر محتملة يتكبدها الاقتصاد المحلي في المدينتين.

وأشار إلى أن التهريب يكلف خزينة الدولة المغربية خسائر سنوية تتراوح بين 500 و700 مليون دولار.

وقال التقرير، الذي اختتمت مناقشته في يناير الماضي، “توجد حوالي 3500 امرأة تمتهن التهريب المعيشي بمعبر سبتة، ويوجد أيضا 200 طفل قاصر”.

ولفت إلى أن المغربيات الممتهنات للتهريب المعيشي يعشن وضعا مأساويا وينمن ليومين وأكثر في العراء. وقال إنهن “يستعملن الحفاظات خوفا من ضياع فرصة العبور إلى سبتة لجلب السلع المهربة”.

ويرى عبدالله الهامل، عضو لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب المغربي، أن “التهريب الذي ينتشر بالمعبرين له انعكاسات على الاقتصاد الوطني”.

وأضاف الهامل، وهو أستاذ بجامعة وجدة في حديث مع الأناضول، “بالمقابل نجد سكانا في منطقة مجاورة يستفيدون من التهريب المعيشي، ولا يستطيعون أن يوفروا دخلا ماديا آخر إلا من خلاله”.

وأكد أنه بالنظر إلى الحالة الاجتماعية لسكان الشمال يصعب القول إن إغلاق المعبرين البريين أمام التهريب المعيشي، في مصلحة المواطنين، إلا إذا توفرت شروط معينة.

وترفض الرباط الاعتراف بشرعية الحكم الإسباني على مدينتي سبتة ومليلية، وتعتبرهما جزءا لا يتجزأ من التراب المغربي، وتطالب الرباط مدريد بالدخول في مفاوضات مباشرة معها على أمل استرجاع المدينتين.

وتحدثت تقارير إسبانية عن أن قيمة المعاملات التجارية للتهريب المعيشي تبلغ بمدينة مليلية لوحدها أكثر من ملياري يورو.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: