الرباط تعدل دفة الاستثمار بضخ تمويلات للمشاريع

أعاد المغرب ضبط دفة الاقتصاد بضخ تمويلات للمشاريع الاستثمارية بهدف تحفيز نشاطها ودعم مساهمتها في التنمية المحلية لتسهيل خروج الاقتصاد من مربع أزمات كورونا، وذلك عبر حزمة تدابير مالية ولوجيستية تستهدف تحسين مناخ الأعمال وتعزيز الشراكة بين القطاع العام والخاص.

اتجهت الحكومة المغربية إلى تحسين قطاع الأعمال من خلال توفير دعم مالي جديد لتحفيز نشاط المشاريع الاستثمارية قصد تحسين قيمتها المضافة في تنمية الاقتصاد المحلي ومضاعفة المداخيل الضريبية للشركات، ما من شأنه إنعاش المالية العامة.

وتأتي هذه المبادرة التي أطلقها العاهل المغربي الملك محمد السادس في محاولة لجلب مصادر تمويل وتفادي الركود الذي سببه فايروس كورونا. وأعلن الملك محمد السادس في خطاب العرش، عن ضخ ما لا يقل عن 12 مليار دولار في الاقتصاد المحلي، لمواكبة نشاط الشركات، وخصوصا الصغيرة والمتوسطة. والتي تعرضت لعراقيل جراء الوباء.

وتنفيذا لهذه الخطط دعا رئيس الحكومة سعدالدين العثماني، إلى تسخير كل الإمكانات من تمويلات وتحفيز، وتدابير، من أجل توطيد وحسن استثمار المجهود المالي الاستثنائي.

كما دعا رئيس الحكومة، إلى تفعيل آليات الشراكة بين القطاعين العام والخاص، لتمويل المشاريع الاستثمارية الكبرى في مختلف المجالات الإنتاجية، ولاسيما الصناعة الموجهة إلى التصدير، والفلاحة، والتجهيز والبناء والسكن، والسياحة، ومشاريع الاستثمار في القطاعات الاستراتيجية الواعدة للتنمية البشرية كالتعليم، والصحة، والماء، والرقمنة، والاقتصاد الأخضر.

كما تستهدف الخطة مواكبة مشاريع التحويل الصناعي لتعويض المنتجات المستوردة، مع تعزيز الأفضلية الوطنية وإعطاء الأولوية للمشاريع ذات الأثر الكبير على التشغيل.

وأكد رئيس الحكومة، سعدالدين العثماني، على ضرورة التركيز على الأولويات التي حددها الملك محمد السادس، واعتبارها خارطة طريق لتجاوز الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن وباء كورونا وتداعياته، وبناء مقومات اقتصاد مدمج، قوي وتنافسي.

وفي هذا الصدد أكد إدريس الفينة، أكاديمي ومحلل اقتصادي خبير في التنمية المجالية، أنّ “الدولة في المغرب تتدخّل بشكل قوي في الاستثمارات، وهو ما يُدعَم بالمداخيل الضريبية، التي يُحصل كثير منها من ضرائب الشركات”.

12 مليار دولار سيتم ضخها في الاقتصاد، لتحفيز نشاط الشركات الصغيرة والمتوسطة

ولفت إلى أنّ “في دعوة الملك إلى إصلاح القطاع العامّ، الذي يلعب دورا كبيرا في التنمية وتسهيل الاستثمارات في المغرب، نيّة في إعطاء هذه المؤسسات دورا أكبر، من خلال الإصلاح الاستراتيجي لها”.

وفي سياق متصل أفاد منشور لرئيس الحكومة، متعلق بإعداد مشروع قانون المالية للسنة المالية 2021، الموجه إلى مختلف القطاعات الوزارية، بأن هذا المشروع يهدف إلى تحقيق نمو للاقتصاد المحلي في حدود زائد 5.4 في المئة مقابل ناقص 5 في المئة سنة 2020.

وأكد المنشور أن هذا التوقع يستند إلى ثلاث أولويات، وهي تنزيل خطة إنعاش الاقتصاد الوطني، والشروع في تعميم التغطية الاجتماعية، والتأسيس لمثالية الدولة، كما يأخذ بعين الاعتبار الظرفية المحلية والدولية في ارتباطها بتطورات الأزمة المتعلقة بجائحة كورونا وتداعياتها.

وسجل المنشور أن إعداد مشروع قانون المالية للسنة المالية 2021 يأتي في ظل سياق وطني ودولي استثنائي فرضه انتشار فايروس كورونا، وما خلفه من آثار صحية وخيمة، وانعكاسات اقتصادية واجتماعية سلبية على مستوى العالم بأسره.

وذكر سعدالدين العثماني في ندوة داخلية انتظمت الشهر الجاري، بتقنية التناظر عن بعد، وشارك فيها جميع أعضاء الحكومة، بالتوجيهات الملكية المتمثلة على وجه الخصوص في إطلاق خطة طموحة للإنعاش الاقتصادي تمكن القطاعات الإنتاجية من استعادة عافيتها.

كما شدد على ضرورة الرفع من قدرة القطاعات الاقتصادية وتوفير فرص عمل، والحفاظ على مصادر الدخل، وكذلك دعم الاستثمارات الوطنية وتـنسيق وعقلنة الصناديق التمويلية، فضلا عن النهوض بالتنمية، وتحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية.

سعدالدين العثماني: يجب اعتماد خارطة طريق لتجاوز الصعوبات الاقتصادية

وتتمثل التوجيهات، في الإسراع بإطلاق إصلاح عميق للمؤسسات والشركات العمومية، وتسريع الإصلاحات التي تقتضيها المرحلة، واستثمار الفرص التي تتيحها، وكذلك انخراط الحكومة والفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين في إطار تعاقد وطني بناء، يكون في مستوى تحديات المرحلة وتطلعات المواطنين.

وقدم الوزراء المسؤولون على القطاعات الحكومية المعنية بخطة الإنعاش الاقتصادي، تسعة عروض تتعلق بالقطاعات الإنتاجية والخدماتية، أو الاجتماعية، وتضمنت هذه العروض عددا من المقترحات العملية ذات الأثر الاقتصادي والاجتماعي والتي تهدف إلى تحسين ظروف عيش المواطنات والمواطنين، ودعم الفئات الهشة منهم.

وأكد رئيس الحكومة أن الوزراء عرضوا عددا من المقترحات والإجراءات العملية، مستحضرين مدى قابليتها للإنجاز، وحجم آثارها الاقتصادية والاجتماعية، والآجال المناسبة لتنفيذها، وإمكانية توفير وتعبئة التمويلات اللازمة لإخراجها، وكذلك الشروط الضرورية لمواكبة تنزيلها وضمان نجاحها.

وتشكل تلك المقترحات أرضية لمشروع الخطة المندمجة للإنعاش الاقتصادي، التي سيتم التشاور بشأن عناصرها مع مختلف الشركاء المعنيين، كما أكد أعضاء الحكومة على ضرورة اتخاذ تدابير قوية وعاجلة، ذات البعد الأفقي.

وتهدف هذه الخطوات إلى تشجيع الاستثمارات التي من شأنها توفير فرص الشغل وتقوية الاقتصاد الوطني، من مثل اعتماد الأفضلية الوطنية وتبسيط المساطر وتيسير إجراءات الشراكة بين القطاعين العام والخاص، مع تعزيز وتنمية رقمنة الإدارة بما يدعم شفافيتها وفاعليتها وسرعة تحقيق مطالب المرافقين.

ودعت المندوبية السامية للتخطيط ومنظومة الأمم المتحدة والبنك الدولي، في مذكرة استراتيجية ثلاثية،إلى الاستثمار في استمرارية تقديم الخدمات العمومية في قطاعات الصحة والتربية والإدارة مؤكدين أن الخدمات العمومية الأساسية تمثل شبكة الأمان الاجتماعي الوحيدة لبعض السكان الأكثر عوزا، بالنظر إلى كون بعض المؤشرات تظهر بالفعل تأثيرالأزمة على الولوج إلى الخدمات الأساسية.

ولم تكن المملكة، يضيف المنشور المتعلق بالقانون المالي للعام 2021، بمنأى عن هذه الانعكاسات السلبية لأزمة كورونا، فزيادة على الأثر الناتج عن الجفاف الذي عرفته هذه السنة الزراعية، من المنتظر أن يسجل الاقتصاد المغربي انكماشا لأول مرة منذ أواخر التسعينات نتيجة تأثر مجموعة من القطاعات، وخاصة منها المصدرة.

ولمواجهة هذه الأزمة، اتخذ المغرب، بفضل تبصر وحكمة الملك محمد السادس، قرارات استباقية وسريعة مكنت من التحكم في الوضع الصحي، ومن دعم صمود المقاولة الوطنية. وتحقق في هذا الإطار، تجهيز المستشفيات المدنية والعسكرية بالمعدات والتجهيزات الطبية الضرورية، وتقديم مساعدات مالية استثنائية لحوالي 70 في المئة من الأسر المغربية بغلاف مالي بلغ حوالي 2.2 مليار دولار.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: