أزمة حزب التجمع الوطني للأحرار المغربي تبلغ ذروتها

بلغت أزمة حزب التجمع الوطني للأحرار ذروتها مع استمرار نزيف الاستقالات وفي ظل معركة ضارية على الزعامة. ويحذر متابعون من أن الصراع داخل الحزب من شأنه أن يؤثر على شعبيته وعلى حظوظه مع اقتراب السباق التشريعي.

 بلغ صراع الأجنحة داخل حزب التجمع الوطني للأحرار (مشارك في الائتلاف الحكومي) ذروته، مع تتالي نزيف الاستقالات في الآونة الأخيرة.

ويعيش حزب التجمع الوطني للأحرار على وقع صراع داخلي كبير في ظل بروز خلافات بين أجنحة وتيارات داخل قياداته كانت نتيجتها استقالات بالجملة طالت مؤخرا القيادي البارز عبدالقادر تاتو.

ووصفت مصادر مطلعة استقالة عبدالقادر تاتو بمثابة ضربة قاسية يتلقاها الحزب في مقاطعة يعقوب المنصور بالرباط، وتوقعت المصادر أن تحمل الخطوة تداعيات سلبية على شعبية الحزب وتؤثر على نتائجه في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.

وأرجع عبدالقادر تاتو، المنسق الإقليمي السابق لحزب التجمع الوطني للأحرار في رسالته التي وجهها إلى رئيس الحزب عزيز أخنوش، استقالته إلى أسباب شخصية دون ذكر تفاصيل إضافية، غير أن متابعين رجحوا سبب الاستقالة إلى صراع مرير بينه وبين أعضاء من الحزب على الزعامة انتهت بإعفائه وتعيين منسق جديد.

وبعدما قدمت مجموعة من المنتسبين لحزب التجمع الوطني للأحرار بإقليم الرحامنة ومدينة الرباط استقالتهم الجماعية من هياكل الحزب، نتيجة التجاوزات والإخلالات في تسيير الجانب المالي، قدم العشرات من المنتمين استقالتهم الجماعية من هياكل الحزب بـ”شتوكة آيت باها” جنوب المغرب، في أوائل شهر أغسطس الجاري على خلفية “الإقصاء الممنهج في حق مجموعة من مناضلي الحزب وإعطاء الأولوية للدخلاء على الميدان السياسي الذين لا علاقة لهم بالحزب”، على حد تعبيرهم.

عبدالرحيم بوعيدة: هناك حاجة ملحة لعقد مؤتمر استثنائي لاختيار قيادة جديدة

وقبل ذلك بأيام أعلن القيادي في الحزب بمدينة فاس علي منور، استقالته أيضا إلى جانب فصيل الطلبة التجمعيين بجامعة سيدي محمد بن عبدالله بالمدينة ذاتها الذي كان قد أعلن استقالته أيضا من الحزب في وقت سابق.

وأقرت نعيمة فرح، قيادية وبرلمانية سابقة عن التجمع الوطني للأحرار، أن “الحزب ليس على ما يرام” في ظل وجود “تجاوزات وأخطاء جسيمة وإقصاء كفاءات ومناضلين صلبه، والأدهى غياب التواصل والآذان الصاغية من القيادة المركزية”.

ورغم تقليل بعض القيادات من تبعات ما يقع إلا أن الخلافات الكثيرة داخل الحزب عجلت كذلك باستقالة عدد من المسؤولين على الإعلام داخل التنظيم السياسي خلال الأسابيع القليلة الماضية، تحت مبرر عدم وجود إستراتيجية عمل على المدى المتوسط والبعيد تغطي بشكل محترف وعملي كافة أنشطة الحزب وتبسيط رؤيته للمواطن.

وقال متابعون للشأن الحزبي، إن ما يعيشه حزب التجمع الوطني للأحرار يُنذر بأزمة تنظيمية حادة، ستؤثر سلبا على أداء الحزب الذي يراهن، باعتباره رابع قوة بالبرلمان المغربي، على قيادة الحكومة المقبلة.

وعلم من مصادر داخل الحزب، أن القيادة المركزية بالرباط تسابق الوقت لوضع حد لهذا الاستنزاف الداخلي. وأشارت هذه المصادر إلى أنه تم “عقد عدد من اللقاءات بين القيادة المركزية وبعض القيادات الجهوية لمناقشة المشاكل التي تساهم في تفاقم الوضع خصوصا مع اقتراب الاستحقاقات المقبلة”.

وأكدت نفس المصادر وجود تصدع قوي على مستوى أجهزة هياكل الحزب محليا وإقليميا نتيجة الاستقالات التي وصفها متابعون للشأن السياسي أنها ستنعكس سلبا على أداء الحزب مع اقتراب الانتخابات.

الى أين يتجه حزب الحمامة؟

وفي هذا السياق أكد القيادي عبدالرحيم بوعيدة، الرئيس السابق لجهة كلميم واد نون بالجنوب، على أن “الحزب وصل لحالة من الاستياء العام والتي يسير بسببها إلى الموت بخطى ثابتة وبتصميم من قيادته”، مضيفا أن “الحزب يحتاج لمشرط الجراحة ليجتث جذور من أوصلوه لهذا المصير دون حتى علم زعيمه”.

ويقول مراقبون إن الاستقالات تعكس الصراع الدائر بين تيار الشركات ولوبي المصارف داخل الحزب، ما ينذر بتفجير الوضع داخل التجمع الوطني للأحرار، مشيرين إلى أن التنظيم المشارك في الحكومة أصبح يعيش على وقع صراع كبير بعد بروز أجنحة وتيارات داخل قياداته المركزية تؤثر على أداء الفروع بكافة المدن.

وتزامنا مع الاستقالات، ظهرت بوادر تشكل حركة تصحيحية داخل الحزب تهدد القيادة الحالية بالسقوط، ومن القيمين على الحركة القيادي عبدالرحيم بوعيدة، الرئيس السابق لجهة كلميم واد نون، الذي طالب بتغيير القيادة الحالية وعلى رأسها أمين عام الحزب عزيز أخنوش.

وتعليقا على هذه المستجدات تساءل بوعيدة “أليست الحاجة ملحة لعقد مؤتمر استثنائي لاختيار قيادة جديدة بمنطق الديمقراطية، لا بسياسة الأمر الواقع الذي أنتج قيادة بإجماع غريب”.

استقالة عبدالقادر تاتو من حزب التجمع الوطني للاحرار

وأكد بوعيدة أن “الحزب يحتاج لحركة تصحيحية تخرج من صالونات التنظير ومواقع التواصل الاجتماعي إلى العلن لتعلن القطيعة أو الحوار، الاستمرار أو الانسحاب الجماعي”، مشيرا إلى أن “البقاء في حزب يحارب نفسه ويقتل نفسه، أشبه بانتحار ما لم يتدارك حكماء ومؤسسو الحزب ومناضلوه الحقيقيون الموقف”.

ومن المتوقع أن تنضم البرلمانية وفاء البقالي إلى الحركة التصحيحية خصوصا بعدما هاجم مصطفى بايتاس مدير المقر المركزي، زميله في الحزب وزير الاقتصاد والمالية، وانتشرت شظايا هذا الهجوم لتصل إلى البرلمانية وفاء البقالي، التي هوجمت بشكل شرس من طرف أحد موظفي المقر المركزي للحزب، بعدما أشادت بكفاءة وزير المالية والاقتصاد.

ومن المرتقب أن يعيش المغرب انتخابات برلمانية صيف 2021، التي تأتي في ظل تغيير عدد من الأحزاب لقياداتها، فضلا عن استمرار الصراع والاتهامات المتبادلة بين الأحزاب المشكلة للحكومة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: