تنافس جزائري مغربي على استضافة الحوار الليبي

تبذل السلطات الجزائرية جهودا حثيثة لاستضافة المحادثات الليبية بين الأطراف المتنازعة، في خطوة لـ”افتكاك” دور الوساطة من المغرب الذي لعب دورا مهما باحتضانه للحوار عبر اتفاق الصخيرات في العام 2015.

كثف المغرب والجزائر مؤخرا من جهودهما لاستضافة المحادثات الليبية ما يعكس تنافسا غير معلن بين البلدين بشأن السيطرة على الملف الليبي، ففي حين نجحت الرباط في استضافة رئيس مجلس النواب عقيلة صالح ورئيس مجلس الدولة خالد المشري ما أثار تكهنات بقرب انطلاق محادثات الصخيرات 2، لا تزال الجزائر تحاول إقناع الأطراف الليبية.

وعرضت الجزائر مجددا، على أطراف النزاع الليبي، احتضان حوار بين الفرقاء للتوصل إلى حل سلمي للأزمة، في أعقاب إعلان وقف إطلاق النار من قبل المجلس الرئاسي ومجلس النواب.

وأعربت الخارجية الجزائرية عن ترحيبها بالإعلانين الصادرين عن رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، القاضيين بوقف إطلاق النار في كل الأراضي الليبية، وتفعيل العملية السياسية.

وأضافت في بيان لها، “تسجّل الجزائر بارتياح هذه المبادرة التوافقية التي تعكس إرادة الإخوة الليبيين في تسوية الأزمة وتكريس سيادة الشعب الليبي الشقيق”.

وذكّرت الخارجية بإعلان “الجزائر خلال مؤتمر برلين استعدادها لاحتضان حوار شامل بين الأشقاء الليبيين، ينطلق بوقف إطلاق النار بهدف الوصول إلى حل سلمي يحفظ مصالح ليبيا والشعب الليبي الشقيق”، مشيرة إلى مساعيها منذ بداية النزاع إلى التحرك على كافة المستويات، الإقليمية والدولية، لإيقاف النزيف والحد من مخاطر الأزمة على أمن واستقرار المنطقة.

ودعت إلى التنسيق مع دول الجوار وبرعاية الأمم المتحدة، بهدف إطلاق حوار شامل ودون إقصاء بين مختلف الفرقاء.

والجمعة، رحبت الجزائر خلال اتصال هاتفي بين وزير الخارجية صبري بوقادوم، ونظيره الليبي بحكومة الوفاق محمد الطاهر سيالة، باتفاق وقف إطلاق النار، بحسب تغريدة للناطق باسم الخارجية محمد القبلاوي.

ويأتي ذلك في وقت يدفع فيه المغرب نحو “الصخيرات 2” جديد، يكون الاتفاق الأول مرجعيته وأساسه.

مبادرة الجزائر قد تعمق التوتر القائم في العلاقات الجزائرية – المغربية منذ عقود بسبب النزاع على الصحراء المغربية

وتثير المبادرة الجزائرية جدلا واسعا لتفكيك دور الوساطة في الأزمة الليبية التي تكفل بها المغرب بعد احتضانه لمحادثات اتفاق الصخيرات في العام 2015 .

ويسعى المغرب إلى الإستمرار في  دوره كوسيط في الأزمة الليبية، وهو الدور الذي لعبه في التوصل إلى اتفاق الصخيرات الذي ينظر إليه على أنه اتفاق قادر على حل الأزمة الليبية لو تمّ تطبيق كامل بنوده، وخاصة ما يتعلق بالجانب الأمني وإنهاء معضلة الميليشيات.

واستقبلت المملكة المغربية أواخر يوليو الماضي، بشكل رسمي رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح، ورئيس ما يسمى المجلس الأعلى للدولة خالد المشري.

وعبر وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة عن استعداد بلاده لتقديم “فضاء بناء وإيجابي للوصول إلى حل”، في إشارة إلى إمكانية احتضان جولة جديدة من المفاوضات بين الليبيين.

وطالب بوريطة الليبيين بإيجاد نقاط توافق انطلاقا من أفكارهم ومبادراتهم ومرجعياتهم، مؤكدا أن الحل يجب أن يأتي من داخل ليبيا”.

وتُعتبر المملكة المغربية وسيطا مُحايدا لا يميل إلى أي طرف من أطراف الأزمة الليبية، الشيء الذي يجعله مُرشحا مثاليا للوساطة، أو لاحتضان محادثات جديدة.

وصرح رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، خالد المشري، الأربعاء الماضي، “الأزمة الليبية لا يمكن أن تحل إلا عبر الطرق الدبلوماسية” مستبعدا بذلك الحل العسكري للأزمة التي تشهد جمودا كبيرا وسط تحشيد من حكومة الوفاق.

وأضاف المشري “هناك جهود تبذل من طرف المغرب تحت رعاية الملك محمد السادس، من أجل الدفع بالجهود الدبلوماسية لحل الأزمة الليبية”.

وتابع “المغرب هو الذي احتضن الاتفاق السياسي الأول بين الليبيين (في إشارة إلى اتفاق الصخيرات عام 2015)”.

ومن شأن هذا التنافس أن يعمق التوتر القائم في العلاقات الجزائرية – المغربية منذ عقود بسبب النزاع حول الصحراء المغربية، والحدود بين البلدين الجارين مغلقة منذ 1994.

وسبق أن نقلت وكالة الأنباء المغربية الرسمية عن وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، قوله “بلد جار يغذي الانفصال”.

أوضحت الوكالة أنه كان يقصد الجزائر التي تدعم الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (بوليساريو) والمطالبة باستقلال الصحراء المغربية.

واتفق المجلس الرئاسي ومجلس النواب الليبي في بيانين متزامنين، على الوقف الفوري لإطلاق النار.

وأفاد بيان رئاسي بأن “تحقيق وقف فعلي لإطلاق النار يقتضي أن تصبح منطقتا سرت والجفرة منزوعتي السلاح، وتقوم الأجهزة الشرطية من الجانبين بالاتفاق على الترتيبات الأمنية داخلها”.

ومن جانبه أعلن مجلس النواب أن “وقف إطلاق النار يجعل من مدينة سرت مقرّا موقتا للمجلس الرئاسي الجديد.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: