رجال الحموشي يعانون في صمت ، فهل من مستجيب؟

A Moroccan policeman guards a checkpoint on a street in the capital Rabat in their new uniform that was issued on January 11, 2017. / AFP PHOTO / FADEL SENNA

تقديرا بالغا لما تبدله أسرة الأمن الوطني بكل أقسامها من تضحيات في التصدي لكل المحاولات المقيثة للاعتداءات ألاثمة أيا كان مصدرها وشكلها . و اهتماما بما هي جديرة به من عناية فائقة في النهوض بأوضاعها المهنية على مستوى المصالح المركزية و اللاممركزة و كافة أجهزتها من مختلف الرتب و المستويات من طرف ملك البلاد صاحب الجلالة نصره الله و أيده . تقديرا و إشادة منه بما حققته و ما تتحلى بهعلى الدوام من التزام و تفان و إخلاص و نكران الذات في أداء واجبها الوطني و المهني أثناء الليل و أطراف النهار . و في السراء و الضراء .

وبين شعارالله.. الوطن.. الملكوشعارات مطالبة للمسؤولين الحاليين عن تسيير جهاز الأمن تحسين الحالة المعيشية وتعويضات العائلة وغيرها من المطالب الاجتماعية.كان لزاما معالجتنا لهذا الموضوع وسرد معاناة رجال ونساء الأمن اليومية .

أسئلة عريضة تطرح نفسها قسرا، خاصة بعد  إقدام الكثير من رجال الشرطة لوضع حد لحياتهم وتوقيع شهادة الرحيل القسري من الحياة بمدن مغربية، لذلك أخبارنا الجالية  فتحت  العلبة السوداء للأمن بطرح هذه التساؤلات: هل إقدام الأمني على وضع حد لحياته راجع بالأساس إلى الضغط النفسي والجسدي؟ أم أن الأوضاع التي باءت للتقهقر في صفوف رجال الأمن هي السبب في ذلك؟ ما هو واقعهم و وضعيتهم المهنية؟ لماذا تتجرد بعض الساكنة وتنظر للأمني كرجل رعب بدل رجل يسهر على استتباب أمنهم؟ ماهي الظروف الخارجية المساهمة في تكثيف الضغط عليهم؟ أسباب ووقائع دفعتنا لفتح هذاالملف المتشعب بالقيام بالنبش في واقع رجال الأمن بالمغرب .

نساء ورجال صامدون، صابرون محتسبون، عملهم لا يسمح لهم بالتكاسل، ولا يمسهم تعب ولا نصب، محافظون على الأمن لبث الطمأنينة في قلوب المواطنين، هم رجال الشرطة باختلاف رتبهم وتخصصاتهم، معنا أينما كنا، في كل مكان يوجدون،  في بوابة الجامعات  ،في السدود الامنية بالمدينة ، بالقرب من محطة القطار، أمام بوابة الأبناك، أمام المؤسسات التعليمية، فيمعظم مدارات المدينة، في مقدمة جل الأنشطة الإشعاعية السوسيوثقافية والرياضية بالمدينة، في محيط المسيرات والوقفات الإحتجاجية،داخل الأسواق اليومية والأسبوعية، على ناصية الشوارع والطرقات، دوريات تجوب الشوارع ليل نهار، فرق تجفف مستنقعات التخديروالإجرام والممنوع، أغلبهم اختار المهنة عن حب واقتناع، لولعه بدخول غمار مهنة أقل ما يمكن أن يقال عنهامهنة المخاطر والخطر، لأنهذا الأخير وارد في كل لحظة وحين ، فهم في الصفوف الأمامية منه وأقرب إليه، لا يبالون به ويجازفون، يشتغلون بمعدل 13 ساعة يوميا تحت شعار الله الوطنالملك. بالمقابل يعيشون هواجس ومعاناة دفينة يعكرها صمتهم وعدم إيجاد الحضن الدافئ للبوح.

لعل الجميع يتذكر فاجعة مشرع بلقصيري، التي هزت أركان المديرية العامة للأمن الوطني وكافة المجتمع بمختلف مشاربه وأجناسه وأعماره،جريمة غير مسبوقة قل نظيرها، مقدم شرطة  بمركز الأمن يقتل ثلاثة من زملائه بمسدسه الوظيفي، حينما دخل في حالة هستيرية سببهاضغوطات نفسية.

ربما نساء ورجال الأمن بكل المدن أكثر مكونات المجتمع في حاجة للمصاحبة النفسية والصحية من طرف متخصصين وأطباء نظرا لتعدد المهام التي يقومون بها والضغط الممارس عليهم بين تلبية أوامر الرؤساء وإرضاء المواطنين الذين تتزايد طلباتهم يوما بعد يوم في مدن توسعت بشكل مخيف دون أن يوازيها مضاعفة العنصر البشري الأمني لتغطية كل مواقعها، ليضطر الأمني إلىالعمل ليل نهار بأدوار مضاعفة وتخصصات مختلفة و بدون عطل حيث الشرطي ( المرضي) يحصل على 20 يوما عطلة أما الأغلبية فلا يسمح لها إلا ب 10 أيام  كعطلة سنوية من حقه. 

أعداد صغيرة من الفرق الامنية بالقنيطرة مقارنة بعدد رجال الامن في مدن  مجاورة داخل نفس الجهة لكن روح المواطنة التي يتحلون بها دفعتهم لتحصيل نتائج إيجابية يشهد بها على الصعيد الوطني، وتكرس لمبدأ طلب باقي المدن من ربوع المملكة .

لكن هذه النجاعة وهذا المجهود المضني من الساعات الإضافية أو عدد الملفات العالقة التي تم حلها والإطاحة بأضنائها يجب أن توازيه مكافئات في الترقية أو تعويضات لتحفيزهم، وليس العكس بالضغط عليهم أكثر فأكثر من خلال نقل أفواج أمنية من المدينة  صوب باقي المدن لتغطية أنشطة إشعاعية وترك أمن القنيطرة يلعب أدوار مضاعفة لتغطية كل بقع المدينة التي توسعت عمرانيا. فلولا التضحية وحسن التنسيق والتدبير الأخوي للبيت الأمني  لوصلت المدينة إلى مالا تحمد عقباها أمنيا.

المشاكل المهنية لا تعد ولا تحصى إضافة إلى الاجتماعية والصحية، رجال شرطة ينفذون عملهم بذرة حب لكنهم معرضون لتهديدات بالطرد أوإسقاط مهامهم إن هم أخطأوا.. فكيف يأخد قرار تأديبي قاسي في حق شرطي أو يطرد أو يعاقب في مهنته وهو المعيل الوحيد لأسرته.

ربما لو وفرنا كل الظروف المواتية للعمل الصحيح كان بإمكاننا فرض سلطة القانون، لكن أن نحمل الأمني مالا طاقة له بها ونعاقبه إذا أخطأ فهذا ضرب من الجنون. فأخبارنا الجالية  تشهد على تكبد الفرق الأمنية قساوة الظروف المناخية القاسية وضرورة تغطيته لجل المواقع السوداء لقلة العنصر البشري. الأمني هو إنسان قبل أن يكون شرطيا وهو مواطن بالدرجة الأولى فأين هي الكرامة الإنسانية للشرطي مع الإدارة العامة للأمن الوطني؟

الجريمة، حوادث السير ، تجارة الممنوععناصر من بين أخرى يخشاها المواطن ، فالأمن هو سلاح للقضاء أو الحد منها، وهذا لن يتأتى إلابرد الاعتبار لرجل الأمن بالمغرب ، وذلك بضمان حقوقهم الاجتماعية والمهنية حتى يتسنى له القيام بعمله على أكمل وجه، فالأمن هو ضرورة بشرية وحياتية، وهو الضامن لاستمرارية الدولة وإنتاج رجالاتها ونسائها المدافعين عن ترابها، لذلك من الواجب تحسين أوضاعهم والدفاععن حقوقهم لنكون شعبا في خدمة هذا الوطن الحبيب، تحت شعار الله الوطن الملك

فهل ستكون الذكرى ال 65  لتأسيس الأمن الوطني مناسبة للإعلان عن تدابير من شأنها تحسين أجور العاملين بالجهاز وضمان السكن والتطبيب والتمدرس لأبنائهم و تحديد ساعات العمل و التعويض عن الساعات الاضافية و تحقيق العدل في الحق في العطلة السنوية ، أم سيتم الاكتفاء بتوزيع شهادات تقديرية لا تغني ولا تسمن من جوع وتنويهات بأفراد هذا الجهاز الذين يعانون في صمت دون أن يصل أنينهم إلى آذان المسؤولين. وكل ذكرى ونساء ورجالالأمن الوطني بألف خير.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: