المغرب يكثف مساعيه الدبلوماسية لإنهاء حالة الانقسام في ليبيا

بات الوضع السائر إلى المزيد من التوتر والتصعيد العسكري في ليبيا يفرض أكثر من أي وقت التوصل إلى حل لهذه الأزمة التي تتجاوز تداعياتها ليبيا لتشمل كل منطقة شمال أفريقيا، ما جعل المغرب يكثف مساعيه الدبلوماسية بمحاولة إعادة الفرقاء الليبيين إلى طاولة المفاوضات السياسية تفضي إلى نسخة جديدة من اتفاق الصخيرات تناسب تطورات الملف الميدانية والسياسية.

يقود المغرب عملية دبلوماسية وسياسية جد دقيقة بين الفرقاء السياسيين الليبيين بعدما استقبلت الرباط الأحد والاثنين رئيس البرلمان عقيلة صالح ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري لتقريب وجهات النظر بينهما في سياق مساعي التوصل لاتفاق ليبي ليبي وتجاوز النقاط الخلافية من خلال مناقشة بنود بعض المبادرات المطروحة، وفق ما قالت مصادر سياسية لـ”لأخبارنا الجالية”.

وتباحث رئيس مجلس النواب المغربي الحبيب المالكي، الإثنين، مع رئيس البرلمان الليبي حول تطورات الأزمة الليبية. وأعلن المالكي دعم المغرب لمبادرة البرلمان الليبي المنتخب.

وقال إن زيارة رئيس البرلمان الليبي تندرج في إطار المشاورات المنتظمة بين المؤسستين، مؤكدا أن المملكة تتابع كل التطورات في الساحة الليبية خاصة منذ التوقيع على الاتفاق السياسي بين الفرقاء في مدينة الصخيرات المغربية.

وحذر عقيلة صالح من التدخل العسكري الأجنبي في ليبيا، معربا عن أسفه من أن “المرتزقة والجنود الأتراك دخلوا ليبيا أمام أنظار المجتمع الدولي”.

وأبرز عقيلة صالح أن زيارته إلى الرباط جاءت في إطار المساعي التي يبذلها لحشد الدعم لمبادرته الرامية للتوصل إلى حل للأزمة الليبية، بحكم المكانة القوية التي يتميز بها المغرب على الصعيدين الدولي والعربي.

ودعا صالح الرباط إلى دعمه في إيجاد حل للأزمة والوصول إلى اتفاق يفضي إلى تشكيل سلطة تنفيذية جديدة تتولى شؤون البلاد في المرحلة المؤقتة، قبل المرور إلى مرحلة إنجاز الدستور وإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

عقيلة صالح: مبادراتنا لا تتعارض مع اتفاق الصخيرات ومؤتمر برلين

وأكد المالكي “نحاول ما أمكن أن نقرب بين وجهات النظر بين كل الأطراف” معتبرا أن المبادرات الأخيرة الهادفة لحل الأزمة الليبية لا تتناقض مع اتفاقية الصخيرات.

ويتفق عقيلة صالح مع موقف المالكي حيث أكد أن آخر المبادرات، وهي مبادرة مجلس النواب الليبي وإعلان القاهرة، تهدف إلى إيجاد حل للأزمة الليبية لا يتعارض مع اتفاق الصخيرات ومؤتمر برلين.

وأضاف أن هذه المبادرات تؤكد أن سبب عدم تنفيذ الاتفاق السياسي يكمن في عدم قدرة الذين كلفوا بالسلطة في ليبيا عن القيام بمهامهم وعدم التزامهم بتطبيق ما تم الاتفاق عليه في الصخيرات، وأهمها الترتيبات الأمنية واتخاذ القرارات بالإجماع والحصول على ثقة البرلمان الليبي. وهي تعهدات لم يتم الإيفاء بها.

وقال المالكي إن “هناك مبادرة على مستوى المؤسسة المنتخبة الليبية، نحن بصدد دراستها، ونأمل صادقين أن تشكل مخرجا للأزمة التي لها تداعيات على المستوى الأمني والاستقرار بكل المنطقة”، مشددا على أن استقرار ليبيا جزء من استقرار كل المنطقة.

وأكدت مصادر دبلوماسية لـ”أخبارنا الجالية ” أن المغرب يدعم خيار الحل السياسي الداخلي الذي يجب أن يكون بين الليبيين أنفسهم، ويرفض كل أشكال التدخل الخارجي في هذا البلد.

وشددت هذه المصادر على أن الأطراف الليبية تدرك جيدا ما يجب تعديله في اتفاق الصخيرات السياسي.

وكان المغرب قد احتضن في العام 2015، مفاوضات في مدينة الصخيرات تحت إشراف مباشر من منظمة الأمم المتحدة، انتهت بتوقيع الاتفاق سياسي بين الفرقاء الليبيين في 17 ديسمبر من نفس العام.

وحدد هذا الاتفاق صلاحيات كل من البرلمان والمجلس الأعلى للدولة والحكومة التي انبثقت عنه وهي حكومة الوفاق برئاسة فائز السراج.

ويتشبث المغرب بهذا الاتفاق كأرضية لحل النزاع الليبي، في الوقت الذي تسعى فيه الرباط للعب دور جديد في الوساطة بين طرفي النزاع.

وكان المالكي قد استقبل الأحد خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا الذي يعمل من العاصمة طرابلس والموالي لحكومة الوفاق.

وفي وقت سابق، كان المشري قد رحب في اتصال هاتفي مع وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة باستضافة الرباط لحوار ليبي ليبي لحل الأزمة التي تعصف بالبلاد.

وتقول مصادر “أخبارنا الجالية ” إن زيارة عقيلة صالح وخالد المشري للرباط تأتي في سياق تمهيدي لمناقشة اتفاق قد يكون بديلا عن اتفاق الصخيرات في نسخته الأولى، ليحظى الاتفاق الجديد بالتأييد الليبي والدولي.

ورغم نفي المجلس الأعلى للدولة الليبي وجود ترتيبات للقاء بين رئيسه ورئيس البرلمان الليبي خلال زيارتهما الحالية للرباط، لم تستبعد مصادرنا حضور ممثلين عن القيادتين لاجتماعات جانبية غير رسمية تأتي في إطار كسر الجليد الذي استمر لسنوات بين الطرفين.

وقال مراقبون إن الوساطة المغربية غرضها الوصول إلى اتفاق سياسي مبني على معطيات ومتغيرات أمنية وعسكرية على الأرض، مع انفتاح الرباط على كل الأطراف الليبية والاستماع إليها وتقريب وجهات نظرها لتجنيب المنطقة حروبا تهدد استقرارها.

ويتشبث المغرب باتفاق الصخيرات منتقدا التدخلات الأجنبية على الأراضي الليبية. وكان بوريطة قد شدد، في رسالة لمجلس الأمن الدولي، على أهمية القضية الليبية للمغرب حيث قال فيها “بالنسبة إلينا، ليبيا ليست مجرد قضية دبلوماسية بل استقرارنا، وأمننا يرتبط بالوضع في ليبيا”.

وكان بوريطة قد أقر، في يونيو الماضي، أن اتفاق الصخيرات يتضمن بنودا تجاوزها الزمن وتحتاج إلى تحديث. وتساءل “إذا تم تجاوز هذا الاتفاق السياسي الليبي، فكيف سنتعامل مع الأطراف الليبية التي تستمد أصلا شرعيتها منه؟”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: