وزارة حقوق الإنسان المغربية : ما زلنا ننتظر أن تمدنا «أمنستي» بالأدلة المادية التي تثبت تجسسنا على الناشطين

عادت السلطات المغربية للتذكير بأزمتها مع منظمة العفو الدولية (أمنستي) على خلفية تقرير المنظمة باستخدام السلطات المغربية لبرنامج إسرائيلي للتجسس على الناشطين الحقوقيين والصحافيين.
وقال الأمين العام لوزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان، إسماعيل العلوي الإسماعيلي، إن بلاده ما تزال تنتظر أن تمده منظمة العفو الدولية «أمنستي» بالأدلة المادية التي تثبت تورطه في قضية التجسس على مواطنين مغاربة.
وأضاف أن تعامل المنظمة بشكل منحاز عن الوضع الحقوقي في المغرب بدأ سنة 2014 بمناسبة تقريرها حول التعذيب في المغرب وما واكبه من حملة آنذاك، مضيفاً أنها أصدرت تقريراً تعسفياً حول المغرب وتنكرت لجميع الإصلاحات التي قامت بها المملكة في مجال مناهضة التعذيب.
وأوضح الإسماعيلي أن السيناريو نفسه تكرر في تقريرها الصادر في 22 حزيران/يونيو الماضي من خلال اتهامها المغرب بالتجسس على مواطنين مغاربة، حيث ادعت المنظمة أنها بعثت مسودة التقرير للمغرب قبل نشره، وهو الشيء الذي لم يحدث، «فعند قراءة تقرير «أمنستي» في مجمله ليس هناك دليل مادي واحد يثبت ادعاءاتها، وهنا يتعلق الأمر ليس بوصف وضع حقوق الانسان في المغرب، ولكن بوقائع مادية يمكن إثباتها بالتكنولوجيات الحديثة» لذا «طلبنا من المنظمة مد السلطات المغربية يما يثبت ادعاءاتها، ولحد الساعة لم تمكننا أمنستي بما يثبت ذلك».
وأصدرت منظمة العفو الدولية «أمنستي» تقريراً في 22 يونيو الماضي، تتهم فيه المغرب بالتجسس على الصحافي عمر الراضي باستخدام تكنولوجيا طورتها مجموعة «إن.إس.أو» الإسرائيلية، وقالت إن هاتف الراضي تعرض لهجمات ببرنامج طورته المجموعة الإسرائيلية، وأكدت أن «استهدف عمر راضي تم بشكل ممنهج من قبل السلطات المغربية بسبب عمله كصحاتفي ونشاطه. وهو منتقد صريح لسجل الحكومة في مجال حقوق الإنسان».
وأكدت الشركة الإسرائيلية أنها تأخذ على محمل الجد أي مزاعم بسوء الاستخدام، «قمنا بالرد بشكل مباشر على منظمة العفو الدولية بعدما سمعنا بمزاعمها، وسنراجع على الفور المعلومات المقدمة ونفتح تحقيقاً إذا تطلب الأمر».
وردت الحكومة المغربية سريعاً، رافضة «جملة وتفصيلاً ادعاءات تقرير المنظمة مطالبة بالأدلة المثبتة لمضامينه» حيث إن «التقريرأحجم عن الإدلاء بالأدلة المادية التي تثبت العلاقة المزعومة للمغرب باختراق هواتف بعض الأشخاص».
وقال الأمين العام لوزارة حقوق الإنسان المغربية أن أمنستي اتخذت في السنين الأخيرة نهجاً سلبياً في التعامل مع الوضع الحقوقي في المغرب، وأن تقارير المنظمة لا تتسم لا بالحياد ولا بالموضوعية ولا بالتأكد من مصادر المعلومة، مشدداً أن المغرب اختار منذ سنين طويلة اختياره الاستراتيجي في مجال حقوق الإنسان. وتماشياً مع هذا الاختيار، نهج المغرب سياسة الانفتاح والتعامل بكل إيجابية مع المنظمات الدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان، «وفي هذا الإطار تأتي علاقتنا مع أمنستي».
وقال المسؤول المغربي إن بلاده سجلت استغرابها من تصريحات المنظمة بكونها راسلت المغرب في شخص رئيس الحكومة، في حين أن المغرب لم يتلقى بأي تقرير. وقال إن لقاء جمع المسؤولين المغاربة بممثل المنظمة في المغرب، في 26 حزيران/ يونيو الماضي، تمحور حول نقطتين أساسيتين، وكان الهدف من اللقاء هو حصول المغرب على توضيحات أكثر بخصوص تقرير المنظمة، وكذلك أدلتها المثبتة لادعاءاتها.
وأوضح الإسماعيلي أن ممثل المنظمة في المغرب (محمد السكتاوي) أكد أنهم أرسلوا التقرير لرئاسة الحكومة عبر «الفاكس» لكنهم لم يتصلوا برئاسة الحكومة للتأكد من تسلمها بالتقرير ولا يملكون إشعاراً بخصوص ذلك. وأن مسؤولي أمنستي عللوا سبب عدم يعثهم بالتقرير لوزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان بعدم توفرهم على العناوين الإلكترونية للوزارة أو هواتفهم.
وأضاف: «في تموز/ يوليو، توصلنا برسالة من أمنستي من تونس، والتي لا تتضمن أي شيء جديد مقارنة مع التقرير الأول أو أي أدلة جديدة، وأرسلت معها وثائق، لكنها تقول إنها لم تتمكن من إرسال الرسالة عبر تقنية الفاكس، وأنها أرسلتها عبر إيميل لمسؤول، وهو الأمر الذي لم يقله مسؤولها في المغرب، في اجتماع 26 يونيو».
وقال الأمين العام لوزارة حقوق الإنسان المغربي إن الوثائق التي أرسلتها أمنستي للمغرب لا تتعلق بتقرير، ولكن يتعلق الأمر برسالة من صفحة ونصف، وهذا يدخل في جوهر مؤاخذتنا على أمنستي والرسالة الإلكترونية التي تدعي أنها أرسلتها لخمسة مسؤولين مغاربة صادرة عن مسؤول عن أمن نظم المعلومات لدى أمنستي، والذي راسل رئيس قسم وطلب منه تبليغ الرسالة لرئيس الحكومة، فـ«هل هذا منهج لإعداد تقرير للتعاطي مع الوضع الحقوقي؟».
وأكد أن نهج السلطات المغربية هو الانفتاح، شرط أن تتحلى المنظمات بالموضوعية والحياد في تقاريرها، مشيراً إلى المغرب يطالب بالأدلة والحجج فقط والبرهان، كما أن أمنستي تحظى بوضع خاص في المغرب وتشتغل بكل أريحية في المغرب وتتوفر على مقر لها منذ 23 سنة، والسلطات العمومية في المغرب تعاملت معها بكل روح إيجابية، سواء تعلق الأمر بطلبات الزيارة بتنظيم الأنشطة داخل التراب المغربي أم لا، لكن في السنين الأخيرة لاحظنا تغير تعامل أمنستي مع الوضع الحقوقي في المغرب.
منظمة العفو الدولية «أمنستي» أفادت أنها أخطرت السلطات المغربية، في 9 حزيران/يونيو؛ أي قبل أسبوعين من النشر، وذلك من خلال رسالة رسمية مرسلة عبر البريد الإلكتروني، إلى خمسة مسؤولين في وزارة حقوق الإنسان، باعتزامها نشر التقرير.
وفي خضم هذا التراشق والحروب الكلامية بين السلطات المغربية ومنظمة العفو الدولية، تجري الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، بعد يومين من تقرير أمنسيتي، تحقيقاً مع عمر الراضي، للاستماع إليه في «الاشتباه في تورطه في الحصول على تمويلات من الخارج لها علاقات بجهات استخبارية» وقالت الحكومة المغربية إن الراضي محل تحقيق قضائي في شبهة المس بسلامة الدولة، وارتباطه بضابط اتصال لدولة أجنبية، تتحفظ المملكة المغربية عن الكشف عن هويته الحقيقية، انسجاماً مع أعراف وتقاليد المجتمع الدولي. وهو الضابط الذي كان موضوع تسريبات في يوليو 2013 بهويته الكاملة، بعدما اشتغل تحت غطاء دبلوماسي منذ 1979 في المناطق الساخنة عبر العالم».
وقال موقع Le360 إن الضابط المذكور «المخبر الذي يتعامل معه عمر الراضي» هو ضابط في جهاز إم أي 6 (MI6) وهو جهاز الاستخبارات الخارجية البريطاني، ويتعلق الأمر في الواقع بضابط تم الكشف عن هويته سنة 2013 من قبل إدوارد سنودن.
وقال الصحافي المغربي على عمار، من خلال مقالة على موقع «لو ديسك» إن الضابط البريطاني كليف دارنويل (هذا هو اسم عميل إم أي6) الذي يشغل حالياً منصب مدير منطقة مينا (الشرق الأوسط وشمال إفريقيا) بشركة «G3 Gouvernance Group» كان يعلن دائماً بشكل علني عن هويته كجاسوس. وكتب سيرته الذاتية المنشورة في الموقع الإلكتروني لشركة G3 وكذا في صفحته على لينكد إن LinkedIn.
وقال عمر الراضي، خلال ندوة عقدها يوم 15 يوليو الحالي، إن هوية الضابط المذكور ليست قضية سرية، لأنه متقاعد منذ عام 2011، ويعمل منذ ذاك مستشاراً اقتصادياً لشركة 3 جي، وأن المحققين استفسروه عن عدد من المبالغ المالية، التي توصل بها عام 2018 و2019 التي مؤكداً أنها تتعلق باستشارات اقتصادية due diligence يقوم بها صحافيون من مختلف دول العالم، ويتم فيها استقاء مجموعة من المعلومات من مصادر عمومية، وحوارات مع مسؤولين.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: