ضغوط نفسية واقتصادية وراء تزايد الدعوات لكسر الحجر الصحي في تونس

يتطلّع التونسيون للعودة إلى حياتهم اليومية بعد أن طالت فترة الحجر الصحي الإلزامي على الرغم من التحذير المتزايد من قبل وزارة الصحة لالتزام إجراءات مشددة. وارتفعت أصوات مختلفة لشخصيات سياسية واقتصادية ونشطاء على مواقع التواصل من أجل ترتيب عودة تدريجية إلى مواطن العمل بالنسبة إلى المؤسسات الهامة، وخاصة في القطاع الخاص الذي بات عاجزا عن تحمّل الإجازة المفتوحة التي تطالب بها الوزارة.

ووجد المواطن نفسه أمام خيارين أحلاهما مرّ، الالتزام بالحجر الصحي التام وتحمّل ضغوطه النفسية وتأثيراته الاجتماعية والاقتصادية، أو المجازفة بكسر الحجر واستئناف العمل مع اتخاذ إجراءات لو محدودة للتوقي من وباء كورونا.

الصحبي بن فرج: الوضع ينبئ بأزمة معيشية خانقة لا تقدر البلاد على مخلفاتها

وبدا هذا واضحا بالنسبة إلى الفئات الفقيرة التي تعيش على دخل ضعيف أو تحتاج لأن تعمل بشكل يومي لتحصيل الحد الأدنى من حاجياتها. ولم تنجح المنحة التي وفّرتها الحكومة لهذه الفئات في ضمان الالتزام بالحجر الصحي، خاصة أنها زهيدة، فضلا عن كونها لم تصل بعد للبعض وذهابها في جيوب مئات من الموظفين الذين حصلوا عليها بالمحسوبية.

وحذر السياسي والنائب السابق بالبرلمان الصحبي بن فرج في تصريح لـ”أخبارنا الجالية ” من أنّ “تواصل حالة الشلل العام ينذر بأزمة معيشية خانقة قد لا تقدر البلاد على مخلفاتها، ولا وجود لحلّ إلا الخروج تدريجيا مع أخذ الاحتياطات اللازمة”.

وأضاف بن فرج أن “الحظر الفعّال يكون ببناء خطة علمية واضحة، وإجراء التحاليل المخبرية على نطاق أوسع، فضلا عن فرض ارتداء الكمامات على الجميع دون تمييز”، وليس بترك الناس تواجه مصيرها دون دعم.

وحث بن فرج، وهو طبيب، المجتمع العلمي والطبي في تونس على تحمل مسؤولياته، معتبرا أن “الأزمة طبية بالأساس وحلولها علمية بالضرورة.”

ومثّل قرار الحجر الصحي الشامل الذي جرى تمديده حتى الـ19 من أبريل الجاري، خيارا استباقيا أعلنت عنه السلطات في وقت غابت فيه القرارات والخيارات الضامنة لمواجهة الوباء على المستوى الاجتماعي.

وتكاثفت دعوات استئناف الأنشطة والأعمال مع اتخاذ إجراءات طبية ناجعة تضمن في الآن نفسه استمرار الجانب المعيشي والعودة إلى العمل، مع ضمان الوقاية من انتشار الوباء بجهود طبية إضافية تسهر على البحث والتحليل لإيجاد خيارات بديلة أو ما يعرف بـ”الحجر الصحي الهادف”.

وسارعت وزارة الشؤون الثقافية إلى طلب استئناف تصوير الأعمال الدرامية الرمضانية مع عزل كامل الفريق من ممثلين وتقنيين وعاملين وإخضاعهم إجباريا إلى التحليل المخبري قبل التصوير وبعده. ولاقت المبادرة معارضة واسعة بزعم أن المسلسلات ليست ضرورة قصوى أو مجالا حيويا حتى يستأنف نشاطه دون غيره.

مخاوف من تداعيات اقتصادية على فئات اجتماعية هشة

ولم تقتصر الدعوات الرامية إلى استئناف النشاط على الميدان الثقافي، بل شملت أيضا مطالبة البعض بعودة التلاميذ والطلاب إلى مقاعد الدراسة مع الالتزام بالحجر الصحي، تجنبا لخسارة سنة دراسية.

وبالرغم من التفاؤل بسرعة الخروج من الأزمة، فإن الأسواق والفضاءات الكبرى تشهد حالة من الركود غير المسبوق، رافقها نقص كبير في المواد الغذائية الأساسية بسبب أزمة التموين التي طالت المدن الكبرى وصولا إلى الأحياء الشعبية والمناطق الداخلية.

وزاد في تعقيد الأوضاع تعمد أصحاب المحلات احتكار المواد الغذائية، فضلا عن المخالفات التجارية الأخرى من مضاربة وغش وإخفاء للسلع والرفع في الأسعار.

وخلقت اللهفة على التزوّد بالأساسيات حالة من الخوف في صفوف المواطنين، وسارعت الحكومة إلى توفير منح مالية ومساعدات في محاولة منها لدعم الفئات الضعيفة، ما أدى إلى صفوف طويلة وتزاحم للحصول على تلك المنح، وهو ما مثل خرقا واضحا للحجر الصحّي الشامل، ورفعّ من حجم مخاوف التونسيين من سرعة انتشار العدوى بالفايروس.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: