في عصر كورونا ….هل سيضحي السياسيون بالمواطنين لإنقاذ الإقتصاد العالمي ؟

لاحظنا مأخرا تراجع بعض الدول أو تلميحها و إستعدادات بإنهاء الحجر الصحي و السماح للرجوع إلى حياة عادية إقتصاديا و إجتماعيا و سياسيًا ، ليس لأن هذه الدول قد تغلبت على فايروس كورونا بإيجاد وقاح يحمي المواطنين من الخطر و الرعب الذين أصبحوا يعيشونه في كل دقيقة ، أو بحمايتهم بوسائل وقائية تجعلهم يواجهون كوفيد 19 دون الخوف من العدوى ، و لكن لأنها أصبحت عاجزة أمام وباء تعجز العين المجردة رأيته و أصبحت تفكر أكثر في حماية إقتصادها و إنهيار عملتها بالمجازفة بمواطنيها ، إعطاء معلومات مغلوطة و غير دقيقة عن إنتشار الفايروس و ضحاياه ستصبح وسيلة الأيام المقبلة عبر وسائل الإعلام الدولية ، لتشجيع المواطنين على الخروج و التعامل لإنقاد إقتصاد عانى و سيعاني لمدة سنين بسبب الجائحة.
فقد حذرت  وكالة بلومبرغ مؤخرا من تأثير كورونا على توقف السلاسل التكنولوجية العالمية، فما الذي يمكن أن يحدث بعد ذلك؟

تقول بلومبرغ أن قطاعي الصناعة والتجارة العالميين يعتمدان بشكل أساسي على مبدأ “في الوقت المحدد” Just in time، بمعنى أن نقل الأجزاء والسلع المختلفة، من اليابان،  على سبيل المثال، إلى الولايات المتحدة الأمريكية لابد وأن يتم في الوقت المحدد بعينه، ما يسمح بتقليل تكاليف التخزين وغيرها من الخدمات اللوجستية. وفي حال حدوث أي عطل بسيط في هذه السلسلة التكنولوجية الواحدة فإن هذه السلسلة تتوقف تماما، ما يعني أن مئات المصانع في هذه السلسلة بجميع أنحاء العالم سوف تتوقف، وذلك في إطار سلسلة واحدة فقط.

أخيرا، أدركت وسائل الإعلام الغربية هشاشة الاقتصاد العالمي القائم على العولمة، وهشاشة البشرية أمام أي انقطاع للعلاقات التكنولوجية، إلا أن الإعلام الغربي، في الوقت نفسه، لا يزال يسمي ذلك “الهشاشة أمام الأزمة الصينية”، وكأن باقي العالم لا ينتظره المصير ذاته.

ما تصمت بشأنه وسائل الإعلام الغربية هو التهديد الرئيسي للاقتصاد العالمي، الانهيار المحتمل للهرم الائتماني متعدد التريليونات، بسبب الذعر في البورصات، والأضرار الناجمة عن الانخفاض الحاد في الإنتاج. وحينها تتسبب تريليونات الدولارات واليورو والين واليوان، التي طبعتها البنوك المركزية في السنوات الأخيرة، دون اعتبار للزيادة المتناسبة في عرض البضائع، في تضخم مفرط، كما في زيمبابوي أو فنزويلا، حيث تتضاعف الأسعار شهريا. وأحد هذين العاملين كاف لحدوث ذلك.

الذعر ولجوء المستثمرين لبيع الأسهم لشراء أي أصول مادية: مواد خام، ذهب، أراض، عقارات.

حدوث خلل في توريد بعض السلع، وبدء ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية، وما يتبعه ذلك من تسارع في معدلات التضخم.

إننا نرى أمام أعيننا الآن تحقق هذين العاملين، فالبورصات تتراجع بسرعة، والشركاء التجاريون الصينيون لا يحصلون على البضائع بسبب إغلاق المصانع الصينية، في الوقت الذي تراجعت فيه مبيعات السيارات في الصين بنسبة 83% لشهر فبراير. وليس ذلك تباطؤا في الاقتصاد أو كسادا فحسب، بل هو كارثة اقتصادية. وتلك ليست سوى أول الغيث، فنحن لا زلنا أمام وباء ينتشر في العالم بأسره. وحتى لو اعتاد العالم على الموت مع مرور الوقت، ولو توقفت إجراءات الحجر الصحي، وإغلاق المصانع، وحتى لو تم اختراع لقاح مع الأيام، فإن مرحلة الذعر العالمي ستستغرق عدة أشهر، ويمكن أن تصبح الضربة الاقتصادية قاضية.

لقد أصبح ما حذر منه العديد من الاقتصاديين، من عجز عن سداد الديون العالمية وتضخم عالمي، أقرب للحدوث من أي وقت مضى. قد تتمكن البنوك المركزية الكبرى حول العالم من تحقيق معجزة بتأجيل انهيار هرم الديون لبضع سنوات أخرى، لكن المشهد حتى الآن يبدو وكأنها غير قادرة على السيطرة على الوضع.

ما هو التضخم العالمي المفرط؟

إنه انهيار لجميع المدخرات، حيث تنخفض قيمة جميع النقود الورقية والودائع في البنوك إذا كانت بعملة تعاني من التضخم المفرط.

إنه توقف للتجارة الدولية. تخيل أنك تملك مصنعا للسيارات، وأنك تحصل على 100 جزء من أجزاء هذه السيارة من 10 دول. ففي حال حدوث انهيار مالي عالمي، وبدء مرحلة التضخم المفرط، تبدأ الأسعار في مختلف البلدان في الارتفاع بسرعة كبيرة، كما أنها ترتفع في البلدان المختلفة بإيقاع مختلف. على سبيل المثال، قد تتضاعف في الصين كل 3 أشهر، وفي البرازيل كل شهر، وفي أوكرانيا كل أسبوع. وهذا هو المشهد اليوم، بينما لا توجد أي معلومات أو توقعات عن المشهد خلال أسبوع. وحينما تتحرك أسعار الصرف بشكل عشوائي ضد بعضها البعض يوميا، تصبح الصفقات الدولية غير ممكنة، وتصبح عمليات التسليم طويلة الأجل في هذه الظروف مستحيلة.

بمعنى أنك كشركة مصنعة، تفقد قدرتك على التحكم في تكلفة منتجاتك، بالإضافة إلى أن العرض سوف يتوقف ببساطة، لأنه من المستحيل إعادة كتابة العقود كل يوم، علاوة على ذلك سيواجه جميع الموردين لديك نفس مشكلاتك، وسيتوقف معظمهم عن العمل.

ما أعلنته بلومبرغ كنتيجة محتملة لفيروس كورونا، و الآن يتعلق الأمر بالعالم بإسره، يمثل واقعيا حتمية الانهيار المالي القادم. فإذا بدأ التضخم العالمي المفرط، سوف تتوقف التجارة العالمية لفترة من الوقت، وستتوقف معظم السلاسل التكنولوجية حول العالم، وسيتوقف الكثير منها إلى الأبد، وسوف تكون تلك كارثة محققة في عالمنا المترابط والمتعولم بشكل لا يصدق.

لقد مررنا بهذه التجربة في روسيا عقب انهيار الاتحاد السوفيتي، وخاصة في أوج الأزمة منتصف التسعينيات من القرن الماضي، حينما انخفض الإنتاج القومي المحلي بأكثر من 40%. حينها توقفت عن العمل السلاسل التكنولوجية المعقدة، وسقط أول من سقط مئات وآلاف من الموردين، لكن التجارة لم تتوقف على الإطلاق، لإمكانية إبرام العقود والدفع بالدولار الأمريكي. والآن، ماذا يمكن أن يحدث حينما ينهار الدولار نفسه، ومعه اليورو والعملات العالمية الرئيسية إلى جانب الهرم الائتماني؟

هناك إجابة عن ذلك. أدلى البنك المركزي الهولندي ببيان مثير الخريف الماضي، مفاده أن “احتياطيات الذهب يمكن أن تصبح أساسا لاستعادة قيمة العملة عندما ينهار النظام المالي”. يعني ذلك أنه حينما تنخفض قيمة العملة الورقية، تكون العملة الوحيدة الممكن تداولها هي الذهب، أو العملات المرتبطة به. عادة لا يتحدث المصرفيون عن هذا الأمر، لكن احتياطيات الذهب في البلاد هي التي تحدد ما إذا كانت العملة ستنهار مع الانهيار المالي أم ستتمكن من الصمود.

في الواقع، يشبه المشهد الحالي نهاية العالم الاقتصادية. وهذا بالضبط ما يقف وراء طباعة البنوك المركزية الغربية لتريليونات الدولارات واليوروهات وغيرها من العملات الرئيسية بكميات مجنونة. فهم  يدمّرون مستقبل عملاتهم، ما يجعل الانهيار الاقتصادي حتميا وأكثر عمقا، لكنهم حتى اللحظة يأجلون تلك النهاية. حتى الآن لازال ذلك ممكنا، لكن فيروس كورونا يضع قدرة البنوك المركزية على الاستمرار في تأجيل الانهيار على المحك.

كل هذا سيجعل جل السياسيين و هم رجال الأعمال يتخدون إجراءات و قرارات تخدم فقط مصالحهم لا مصالح الأمة ، قرارات ستعرض الإنسانية للخطر بقتل المزيد و المزيد من الضحايا الذين عجزت الحكومات الغربية على متابعة آداء معاشاتهم و تعتبرهم عالة على المجتمع بعدما ضحوا بشبابهم في بناء أوطانهم ، ليس فقط كبار السن فكل مواطن يجب أن يضحي من أجل إقتصاد بلده ، سنسمع باندثار الوباء و التغلب عليه في أيامنا المقبلة ، و سنزاول عملنا بكل جد و تفاني غير دارين بالمخطط الرأسمالي الذي خطط له  ضد البشرية مما يجعلنا نفقد الكثيرين ممن كان من الممكن إنقاذهم، خاصة أن كورونا الجديد قد ظهر بوضوح في عدة دول ، و لن يتوقف عند هذا الحد، وبالتالي فالمؤامرات لن تتوقف أيضا، لكن  في بعض الأحيان تكون أخطر من كورونا نفسه.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: