صندوق إنعاش يعيد الأمل بمبدأ التضامن الأوروبي

من المنتظر أن يقر الاتحاد الأوروبي استراتيجية تهدف إلى مواجهة التداعيات الاقتصادية لوباء كورونا وذلك في وقت تستعد فيه المفوضية الأوروبية للشروع في تخفيف القيود المفروضة على التنقل وغيرها تمهيدا لعودة الحياة إلى نسقها الطبيعي.

 يستعد وزراء مالية الاتحاد الأوروبي لتجاوز خلافاتهم وانقساماتهم لإقرار خطة تهدف لمساعدة الدول المتضررة من وباء كورونا الذي اجتاح العالم وبات يهدد بتقويض وحدة التكتل الأوروبي بسبب غياب التعاون.

ومن المتوقع أن يتمكن وزراء مالية الاتحاد الأوروبي من إقرار الخطوات المقبلة لمواجهة التداعيات الاقتصادية لفايروس كورونا المستجد بعد أن تسبب الأخير في المزيد من الشقوق التي تهدد وجود التكتل لاسيما بعد تصريحات من كبار قادته على غرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي.

ويرتكز أول رد اقتصادي أوروبي على ثلاثة محاور وهي قروض من صندوق خطة إنقاذ منطقة اليورو وصندوق ضمان للشركات ودعم البطالة الجزئية.

ولكن إلى حدود خط هذه الكلمات يبقى الاتحاد منقسما على نفسه حول فكرة إنشاء “صندوق إنعاش” أو “صندوق تضامن” قادر على تسديد مشترك لديون الدول الأعضاء، بحسب الاقتراح الذي تقدمت به فرنسا التي أصبحت من بين أكثر الدول تضررا من وباء كوفيد-19 وتداعياته على اقتصادها.

وفي ظل استمرار الحجر الصحي الشامل في دول التكتل الأوروبي، وهو أمر سيتسبب في متاعب اقتصادية كثيرة، يرى وزير المالية الفرنسي برونو لومير أنه من الضروري “ذكر” هذا “الخيار” في مقترحات الوزراء، وإن تطلب الأمر “شهرين أو ثلاثة أشهر لتحديد تفاصيل العمل به”. وقال المسؤول الفرنسي الاثنين “علينا امتلاك أداة أكثر قوة للتعامل مع العواقب على المدى الطويل”.

وتتضمن فكرته إنشاء صندوق مؤقت تبلغ قيمته عدة مئات المليارات من اليوروهات (3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الأوروبي) لتمويل الخدمات العامة الأساسية (الصحة) والقطاعات المهددة (النقل والسياحة…) والتقنيات الحديثة، بقروض على فترات تتراوح بين 15 و20 عاما.

برونو لومير: علينا امتلاك أداة أكثر قوة للتعامل مع عواقب كورونا

وطالبت فرنسا، مع إيطاليا وإسبانيا، وهما الدولتان الأكثر تضررا من الوباء، ودول أخرى في منطقة اليورو بإنشاء “أداة” تسمح للدول الـ19 التي تبنت العملة الموحدة باللجوء إلى الاقتراض المشترك، على شكل سندات “كورونا بوند”.

كما دعا مفوضان أوروبيان هما الفرنسي تييري بريتون والإيطالي باولو جينتيلوني الاثنين لاعتماد هذا الحل، من أجل تمويل احتياجات ما بعد الأزمة.

ولكن ألمانيا وهولندا رفضتا بشدة هذه السندات خلال قمة أوروبية عبر الفيديو عقدت في 26 مارس.

ورفضت الأمر كذلك دول أخرى في شمال أوروبا، إلى جانب هاتين الدولتين، التي تعد ديونها أكثر أمانا، مشاركة مخاطر مع البلدان المثقلة بالديون مثل إيطاليا أو إسبانيا، معتبرين أنها متساهلة في إدارتها.

ويقول مصدر دبلوماسي إن المقترح الفرنسي قد يتم طرحه بشكل أو بآخر في الاستنتاجات لتجنب الرفض.

وأوضح الدبلوماسي “في النهاية، أي أحد يمكنه القول إن سندات كورونا بوند موجودة. أو لا. وسيستمر النقاش”.

وستدعم مقترحات الوزراء خطة الإنعاش الضخمة للبنك المركزي الأوروبي.

وسيتم تقديمها إلى رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي، الذين طلبوا منهم تقديمها في 26 مارس.

وتنص الخطة على استخدام جزء من الـ410 مليارات يورو من صندوق آلية الاستقرار الأوروبية، الذي تم إنشاؤه في العام 2012 خلال أزمة الديون في منطقة اليورو لمساعدة الدول التي تفقد القدرة على الاقتراض من الأسواق العالمية.

ويمنح الصندوق القروض إلى دولة تواجه صعوبة تصل إلى 2 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي، لقاء مقابل محدد أكثر من المعتاد.

وأكد المفوض الأوروبي للاقتصاد باولو جينتيلوني في تصريحات صحفية مساء الاثنين “لا يمكننا أن نقول حاليا لدولة تضررت من مثل هذه الأزمة الرهيبة، عليك الآن الخضوع لبرنامج مراقبة (…) إن ذلك بطبيعة الحال وسياسيا مستحيل تماما”.

ومن المتوقع أن يقوم بنك الاستثمار الأوروبي بإنشاء صندوق ضمان أوروبي، لكن يجب التباحث حول حجمه.

ويقترح، من جهته، منحه 25 مليار يورو، من خلال كفالة تقدمها الدول الأعضاء، من أجل تخصيص نحو 200 مليار يورو إضافية للشركات.

استراتيجية لتخفيف القيود المفروضة للحد من تفشي الوباء

كما من المنتظر أن يصادق الوزراء على خطة المفوضية الأوروبية، الهادفة إلى إنشاء أداة لضمان منح نحو 100 مليار يورو للخطط الوطنية للبطالة الجزئية، التي تفاقمت جراء الوباء.

وتأتي هذه الإجراءات المزمع إقرارها في وقت تستعد فيه المفوضية الأوروبية لتجهيز استراتيجية تمهد لتخفيف القيود المفروضة للحد من تفشي الوباء خاصة بعد إعلان بعض الدول عن بدء خطوات تدريجية نحو عودة الحياة إلى طبيعتها.

وذكر المتحدث إريك مامر أن رئيسة المفوضية الأوروبية أورزولا فون دير لاين سوف تقترح الأربعاء إجراءات تهدف إلى ضمان تحرك الدول الأعضاء “بطريقة منسقة” عندما يحين الوقت لتخفيف إجراءات الإغلاق.

وقال المتحدث الثلاثاء “نعتقد أنه من المهم إطلاق هذه المقترحات الآن لأن هناك دول أعضاء بدأت بالفعل في إعلان الخطوات الأولى في هذا الاتجاه لاتخاذها في الأسابيع المقبلة”.

ورحب بقيام النمسا والدنمارك بإطلاع الدول الأعضاء الأخرى على خطط الخروج الخاصة بهما، مضيفا أن المفوضية تعمل على ضمان تنفيذ مثل هذه الاستراتيجيات “بطريقة منسقة ومتوافقة وعالمية عبر الاتحاد الأوروبي”.

وفي الدنمارك، من المقرر إعادة فتح دور الحضانة ورياض الأطفال اعتبارا من 15 أبريل، إلى جانب مدارس التلاميذ صغار السن.

كما أعلنت النمسا الاثنين أن المتاجر الصغيرة بالإضافة إلى متاجر البناء ومستلزمات البساتين يمكنها إعادة فتح أبوابها الأسبوع المقبل إذا كانت تلتزم بمعايير النظافة الصارمة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: