المغرب يفرض ارتداء الكمامة خارج المنازل

وباء كورونا الذي لم يستثن دولة ولا غنيّا ولا فقيرا، دفع المواطنين ومنظمات المجتمع المدني وأصحاب المؤسسات الخاصة إلى التعاون من أجل مواجهة هذه الجائحة التي تهدد الجميع. معمل لصناعة أجهزة المخابز يتفرغ لصناعة الأقنعة الطبية ويوزعها مجانا لمساندة جهود الأطباء والجيش الأبيض في مهامهم الخطيرة.

في ظل دعوات رسمية وشعبية إلى ضرورة التضامن لمواجهة أزمة فايروس كورونا، أعلن مصنع مغربي لصناعة أجهزة ومستلزمات المخابز، تحويل نشاطه إلى صناعة الأقنعة الزجاجية الواقية التي تستخدم في المستشفيات، وتوزيعها مجانا.

وأعلنت الحكومة المغربية مساء الاثنين، أنّ كلّ الأشخاص المرخّص لهم بالتنقّل خارج البيوت في إطار الإجراءات السارية لمكافحة وباء كوفيد-19 أصبحوا ملزمين، اعتبارا من صباح الثلاثاء، بوضع كمامات للوقاية من فايروس كورونا المستجدّ، متعهّدة العمل على توفير هذه الكمّامات بسعر مخفّض ومعاقبة المخالفين.

وقالت الحكومة في بيان، إنّ السلطات “عبّأت مجموعة من المصنّعين الوطنيين من أجل إنتاج كمامات واقية للسوق الوطني”، محدّدة سعر بيعها للعموم بأقلّ من درهم واحد (أقل من 10 سنت) وهو سعر مدعّم من الصندوق الخاص الذي أنشئ لمواجهة تداعيات الأزمة.

وقرّرت العمل بإجبارية وضع الكمامات الواقية بالمملكة ابتداء من الثلاثاء، بالنسبة لجميع الأشخاص المسموح لهم بالتنقل خارج مقرات السكن في الحالات الاستثنائية المقررة سلفاً.

المصنع يمارس نشاطه منذ قرابة 15 عاما في إحدى ضواحي العاصمة الرباط (وسط)، ووجد القائمون عليه أن إمكاناته تؤهله لصناعة تلك الأقنعة.

ويهدف القائمون على المصنع إلى المساهمة في التصدي لجائحة كورونا، التي أصابت 1141 شخصا في البلاد، توفي منهم 83، فيما تماثلت 88 حالة للشفاء إلى حدود صباح الثلاثاء بحسب وزارة الصحة.

وإجمالا، أصاب الفايروس أكثر من مليون و347 ألف شخص في العالم، توفي منهم قرابة 75 ألفا، وتعافى أكثر من 286 ألفا.

ويوصي خبراء مغاربة بارتداء الكمامة لعموم المواطنين، خاصة خلال هذه الفترة النشطة لانتشار الوباء لدى الأشخاص حاملي الفايروس دون أن تظهر عليهم أعراض ولم يخضعوا لتحليل مخبري.

فكرة إنتاج المصنع للأقنعة تولدت بعد بحث القائمين عليه عن طريقة للمساهمة في التصدي لكورونا بما يتناسب مع الإمكانات

وشدد خبراء من الجمعية المغربية للتخدير والإنعاش وعلاج الآلام والجمعية المغربية لطب المستعجلات، على ضرورة ارتداء المواطنين لقناع مضاد للرذاذ مصنوع من قماش مطوي عدة مرات في حالة عدم وجود قناع طبي خلال الخروج الضروري أثناء فترة الحجر الصحي وخلال مرحلة التعقيم.

وسجل الخبراء، في بلاغ لهم، أنهم مدركون للنقص الذي تعرفه الكمامات الطبية، مؤكدين على أهمية تعزيز التدابير الاحترازية من خلال ارتداء كمامة من القماش المطوي عدة مرات في المنزل، لاسيما في وجود أشخاص يعانون من ضعف المناعة، وفي الأماكن المغلقة أو الضيقة في المنزل.

وقالت السلطات المغربية إن إجبارية ارتداء الكمامات جاءت بعد اكتشاف عائلات مصابة بالوباء اعتبرت أيضا بؤرا لانتشار الفايروس.

وأبرز الخبراء أن ارتداء كمامة أو قماش يوازيها من قبل جميع المواطنين في الفضاءات العمومية، خلال هذه المرحلة النشطة من انتشار وباء كورونا لدى الأشخاص حاملي الفايروس دون أن تظهر عليهم أعراض ولم يخضعوا لتحليل مخبري، يشكل حلقة أساسية ضمن سلسلة التدابير الاحترازية من أجل انخفاض منحى الوباء وعدم استنزاف النظام الصحي وتحسين مكافحة هذا الوباء الخطير.

مسؤول التواصل في الشركة المصنعة للأقنعة الواقية أمين بنور، يقول إن “فكرة إنتاج المصنع للأقنعة تولدت بعد بحث القائمين عليه عن طريقة يمكن من خلالها المساهمة في التصدي لكورونا، بما يتناسب مع الإمكانات”.

ويضيف بنور أن “القسم الهندسي في الشركة وجد أن الإمكانات المتوافرة يمكن أن تؤهلنا لصناعة الأقنعة الزجاجية الواقية التي تستعمل في المستشفيات”.

ويؤكد أن “الهدف من صناعة هذه الأقنعة هو توزيعها بالمجان على الأطباء ورجال الأمن وعمال النظافة، خاصة مع النقص الكبير الذي يعرفه هذا النوع من المستلزمات الطبية، سواء في المغرب أو العالم”. ويعتبر بنور أن “الخطوة تمثل مشاركة متواضعة من الشركة في الجهود الوطنية لمكافحة الوباء”.

على الفور، بدأ القسم الهندسي إعداد نماذج أولية من الأقنعة الطبية، وتوزيعها بالمجان على أطباء داخل المستشفيات العمومية، وقد جربوا تلك الأقنعة، وأقروا بفاعليتها، وفق مسؤول التواصل بالشركة.

ويتابع بنور “بعدها بدأنا إنتاج عدد من الأقنعة، بحسب القدرة المتوافرة لدينا، وتوزيعها على المستشفيات العمومية بالمجان في الرباط والدار البيضاء وسلا (وسط)”. ويوضح أن “الأقنعة الطبية وجدت استحسانا كبيرا من الأطباء، خاصة مع ما توفره من حماية لهم لدى ممارستهم أعمالهم”.

قرّرت العمل بإجبارية وضع الكمامات الواقية بالمملكة ابتداء من الثلاثاء، بالنسبة لجميع الأشخاص المسموح لهم بالتنقل خارج مقرات السكن في الحالات الاستثنائية المقررة سلفاً

الفكرة التي بدأت تطوعية عرفت انتشارا واهتماما واسعين، بفضل ما لاقته من استحسان لدى المتابعين. ويقول بنور “بعد انتشار خبر الفكرة التطوعية، بدأت تردنا اتصالات عديدة أبدى أصحابها استعدادهم لدعمنا، خاصة مع قلة الإمكانات”.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ بدأت مستشفيات وعيادات خاصة تطلب تزويدها بهذا القناع. ويستطرد بنور “الاستحسان الذي لاقته الفكرة يعود إلى كونها تنصب على منتج محلي مغربي خالص، مع ما يتمتع به من جودة وإمكانية لتعقيمه وإعادة استخدامه أكثر من مرة”.

ويزيد أنه “منذ بداية العمل، ومع الطلبات العديدة التي نتلقاها، أصبحنا ننتج يوميا ما معدله 80 قناعا واقيا، لتوزيعها مجانا على المؤسسات العمومية أو بيعها للمؤسسات الخاصة”.

ويمضي قائلا “نتمنى أن نكون بهذه المبادرة قد ساهمنا، ولو قليلا، في الجهود الوطنية للتصدي للوباء”.

يذكر أن منظمة الصحة العالمية توصي، خلال هذا الوضع الوبائي والنقص العالمي في الكمامات الطبية والجراحية، باستخدام كمامات تغطي الجهاز التنفسي والفم من قبل المهنيين والسكان عامة.

وسجل المغرب أول إصابة بالفايروس في 3 مارس، وأعلن في 19 من الشهر ذاته حالة الطوارئ الصحية، وتقييد الحركة في المملكة حتى 20 أبريل الجاري، ضمن تدابير أخرى للسيطرة على الفايروس.

وخصصت السلطات مساعدات مالية لدعم الأسر المتضررة من إجراءات مكافحة الفايروس، تبلغ 800 درهم (حوالي 86 دولارا) للأسر الصغيرة، وألف درهم (نحو 107 دولارات) للأسر المكونة من 3 إلى 4 أشخاص، و1200 درهم (قرابة 129 دولارا) للأسر المكونة من 4 أشخاص فأكثر.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: