كورونا – هل هي حرب بيولوجية راح ضحيتها الآلاف من الضحايا ؟

ضرب المعمورة هذا العام وباء فايروسي جديد اسمه مرض كورونا الفايروس الجديد كوفيد 19، وهو مرض ناشئ عن فايروس متحور جينيّا ومختلف عن الفايروس الأم كورونا والذي يهاجم الجهاز التنفسي ويسبب الإنفلونزا والالتهابات في المسالك التنفسية.

التغيير الجيني الحاصل لهذا الفايروس الجديد قد يكون ناشئا عن مسار بيولوجي من خلال انتقال الفايروس الأم كورونا من الإنسان إلى بعض الحيوانات كالثعابين أو الخفافيش أو غيرها، فتبدلت صيغته الجينية هناك وانبعث منها فايروس كورونا جديد سميّ بـ”كوفيد 19”، حيث انتقل من الحيوان إلى الإنسان مرة أخرى وأصبح أكثر شراسة وأشد عنفا وأثرا على صحة الإنسان، أو ربما هذا التحوّر في الصيغة الجينية لهذا الفايروس قد حصل داخل مختبرات تصنيع السلاح البيولوجي وتسرب منها سهوا أو في تقدير آخر عمدا وهو احتمال ضعيف لكنه وارد ويحتاج للدليل و خطورته تكمل في الأعراض التانوبة التي لا تظهر إلا بعد 6 إلى 10 أيام مما يسهل العدوى بين الاشخاص و تتسارع وثيرة المصابين لهذا الوباء .

مهما كانت ميكانيكية وصيرورة هذا الفايروس الجديد وطبيعة خلقه، فالحقيقة هو أن انتشاره كان سريعا بين المجتمعات والأمم ولن تسلم بقعة من بقاع الأرض منه! انطلاقا من هذه الحقيقة فعلى الجميع الوصول إلى المعرفة الحقيقية عن واقع هذا الوباء وخصائصه كي يتم التعامل معه بما يطابق الحقيقة وليس بما يجانبها. فهذا المرض لا يتحمل التهويل ولا يتقبل التهوين.

نسمع بين الفينة والأخرى معلومات تكاد تكون متضاربة حول هذا الوباء الجديد وعن طبيعته وكيفية التعامل معه، حيث أن جزءا من هذه المعلومات تداولتها ألسنة بعض أجهزة الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وجزءا آخرا منها يرد على لسان بعض المسؤولين في بلدانهم والتي تكاد تكون مضللة أو مبالغا فيها. ننشر بهذا المقال بعض هذه الأقاويل ونحاول تصحيحها كي يكون القارئ، أينما كان، على بيّنة منها.

هناك بعض التقارير المتداولة قد تنشر الرعب في نفوس الناس حينما تضخم أثر المرض وقابلية فتكه بالبشر حيث تبث أوهاما وخيالات إلى حدّ أن المرض سيقضي على معظم سكان الأرض! في حين بينت إحصائيات علمية في مراكز بحوث عالمية معروفة بأن نسب الوفاة بهذا الوباء هي كالآتي: لا وفاة عند الإصابة بالمرض لمن تتراوح أعمارهم بين 0 – 9 سنوات. الوفاة عند الإصابة تحصل بنسبة 0.2 بالمئة لمن تتراوح أعمارهم بين 10 – 39 سنة. و0.4 بالمئة لمن تتراوح أعمارهم بين 40 – 49 سنة. و1.3 بالمئة لمن تتراوح أعمارهم بين 50 – 59 سنة، و3.6 بالمئة لمن تتراوح أعمارهم بين 60 – 69 سنة. و8 بالمئة لمن تتراوح أعمارهم بين 70 – 79 سنة. و14.8 بالمئة لمن تتراوح أعمارهم من 80 سنة فأكثر.

أي أن معدل الوفاة بعد الإصابة لا يتجاوز 4 بالمئة من المصابين بشكل عام، حيث أن الوفاة تزداد نسبها عند المسنين وعند من لديهم أمراض مزمنة كأمراض القلب أو الجهاز التنفسي أو السرطان أو نقص المناعة وربما الحوامل أيضا.

على النقيض الآخر نسمع من يتحدث بالعكس من ذلك، حيث يبالغ في التهوين والتخفيف من هول الوباء وحقيقته، حيث يصرح بعض المسؤولين بأن هذا الوباء ليس أكثر شدة من وباء الإنفلونزا الفصلية الكلاسيكية. هذه التصريحات مبالغ فيها أيضا ولا تنسجم مع الحقيقة حيث صرّح رئيس منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس بأن الفايروس الجديد هو حالة استثنائية وله صفات استثنائية ربما تجعله أكثر شراسة وأشد بأسا.

كما بيّن أيضا وجوب التركيز على نقاط ثلاث وهي عزل المرضى، ومتابعة من احتك بهم، ومنع التجمعات بكل صورها. هذه الحقيقة وهذه اللزوميات لا يمكن أن نغض البصر عنها بأي شكل من الأشكال، وهو ما يدعو إلى إجراءات صارمة وحثيثة عوضا عن التساهل أمام هذا الوباء.

شراسة المرض الجديد بالمقارنة مع الإنفلونزا الموسميّة بينتها أيضا البحوث الصادرة عن المركز الصيني للبحوث في الأمراض الوبائية التي بينت بأن أكثر من 10 بالمئة من المصابين بمرض كورونا الجديد يحتاجون المكوث في المستشفيات بسبب المضاعفات، بينما يحتاج فقط 1 في المئة من المصابين بالإنفلونزا ملازمة المستشفى بسبب المضاعفات.

نسمع أيضا بأن دواء ما في مكان ما قد اكتشف ولقاحا ما سيدخل الأسواق حالا لمعالجة ومنع هذا الوباء المنتشر. مثل هذه الأمور لا يمكن أن تصدق في الوقت الحاضر أمام الحقائق التالية: الفايروس ليس كالبكتيريا المرضية فهو لا يعالج بالمضادات الحيوية المتوفرة ومعالجة الفايروسات أمر صعب جدا. الأمل الأقرب للواقع هو اكتشاف لقاح يمنع المرض ولا يشفيه، هذا اللقاح لا يمكن تسويقه واستخدامه بعد اكتشافه في ليلة وضحاها، لأن الأمر يتطلب تجربته على الحيوانات أولا ثم على المتطوعين من الناس وبعدها تصنيعه تجاريا وتسويقه.

هذه العملية تتطلب فترة من الزمن تتراوح بين ستة شهور إلى أكثر من سنة منذ بدء العمل فيه. الإجراءات الوقائية الحازمة من الوباء في الوقت الحاضر هي المعيار الرئيسي والمهم في مكافحة هذا الوباء لحين تسويق اللقاح المناسب.

هناك أيضا تناقضات في الأقوال وفي الأفعال في طرق مكافحة ومنع انتشار الوباء صدرت عن مؤسسات دولية وعن مسؤولين في الصحة تحمل الخطأ في ثناياها ومنها: عدم إيقاف الرحلات السياحية وغير الضرورية لبلدان تعتبر بؤرة للمرض، وهذا الفعل سبب تسهيل انتشار المرض بين البلدان.

الأعذار الاقتصادية والسياسية يجب أن تسقط أمام معالجة هذا الوباء لأن الثمن سيكون باهظا على المدى المنظور وليس البعيد فقط، فقصر النظر بالتعامل في أمور الصحة أمر مشين ومضر جدا. بنفس الأسلوب تعامل بعض المسؤولين مع حقائق ومستلزمات واجبة الحصول لمكافحة هذا الوباء! نقص الكمامات الوقائية وعدم توفرها في الصيدليات في الكثير من البلدان جعل المسؤولين فيها يصرحون بتصريحات غير علمية وغير واقعية حينما بدؤوا يشككون بأهمية هذه الكمامات وفعاليتها حيث ذهبوا بعيدا حين قالوا إن الكمامات ليست ضرورية وليست لها فائدة في منع انتشار هذا الوباء!

هناك نقص حاد في مستلزمات إدارة ومكافحة هذا الوباء في الكثير من البلدان بل حتى في الدول الأوروبية المتقدمة نرى إخفاقا واضحا في التعامل العلمي الصحيح مع هذا الوباء. حيث لا تتوفر مستشفيات عزل كافية، ولا مختبرات ولا مواد أولية ضرورية للتشخيص تسد الحاجة والطلب، ولا كادرا متدربا كافيا للتصدي لهكذا وباء، ولا تتبع ومراقبة صحيحة للمصابين ومن يحتك بهم، ولا إجراءات احترازية كافية لتجنب الوباء، إنما السياسة المتبعة لتغطية النقص والخلل هو التهوين والتقليل من هول الوباء واستخدام أسلوب التهدئة!

غابت الشفافية الضرورية في التعامل الصحيح مع حيثيات هذا الوباء منذ البداية، حيث أخفت بعض الدول وجود هذا الوباء فيها في بداية الأمر أو قللت من العدد الصحيح للإصابات لديها أو تباطأت في إجراءات حماية نفسها من اختراق الوباء لها من جهة، وتباطأت أيضا في إجراءات منع انتشار الوباء حينما غزاها الوباء من جهة أخرى، وكأنها تناست المثل القائل “قيراط وقاية خير من قنطار علاج”!

ربما كانت الدوافع اقتصادية لذلك لكن هذا لا يبرر المضاعفات والثمن الغالي المدفوع لاحقا. ومن الأمثلة التي تضرب على التهاون في منع انتشار هذا الوباء هو التباطؤ في إصدار قرارات منع التجمعات البشرية سواء أكان هذا من خلال تجمعات المدارس والجامعات أم النوادي والحفلات أم أماكن العبادة والأضرحة الدينية أم غيرها، حيث إن الأوامر تصدر بالإغلاق بعد تفشي الوباء وانتشاره!

في نفس السياق تم التعامل مع إجراءات الوقاية الأخرى التي تكون إمّا غير كافية لملء الحاجة والطلب وإما غير متوفرة أصلا! هذه المؤاخذات لا تعني بلدا مقصودا بعينه إنما حالة شبه عامة تشمل حتى البلدان الغربية المتطورة.

من إشارات وتبريرات بعض المسؤولين التهاونية التي وردت والتي تحمل مسحات غير إنسانية هو ترديد القول إن هذا الوباء خطير فقط بالنسبة لكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة والخطيرة، وهم يقصدون في خطاباتهم طمأنة الشباب بأنهم غير مشمولين بخطورة الوباء ونتائجه الوخيمة فلا داعي للقلق، كي يبرروا فشلهم في توفير ما يلزم لدفع المخاطر والمضاعفات.

كما أن بث معلومات الهدف منها التضليل ومفادها بأن هذا الوباء تعتمد الإصابة به على مقاومة الجسم وأن هذه المقاومة تعتمد أولا وأخيرا على حالة الاستقرار النفسي، هي كلمة حق يراد بها باطل! نعم الاستقرار النفسي يحفظ صحة الإنسان ويزيد مقاومته للأمراض بشكل عام، لكن هذا لا يبرر التخلي عن الإجراءات الحقيقية اللازمة لمكافحة الوباء ورصده وصده. ثم كيف تستقر نفسيات البشر وهم يسمعون كل يوم سرعة انتشار هذا الوباء في العالم وسرعة الإصابة به قبل أن يلمسوا الإجراءات الصحيحة الصارمة التي تتخذها الدولة ضد هذا الوباء كي يطمئنوا وتستقر أحوالهم النفسية؟

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: