قادة “بوليساريو” يذبحون صحراويي المخيمات

تماشيا مع منطقها في التعامل مع الأزمات داخل المخيمات، عادت قيادة “بوليساريو” لعادتها القديمة في مواجهة أي احتجاج بالتنكيل والسحل والاعتقال. فبعد أن أخرجت العربات المدرعة في أبريل من السنة الماضية لمواجهة المحتجين ضد تقييد حرية تنقل سكان المخيمات من قبل السلطات الجزائرية، وما تبع ذلك من موجات الاعتقال والترويع، أطلق مصطفى سيد البشير، وزير داخلية “بوليساريو”، اليوم، أيضا، وبالأسلوب القهري نفسه، عنان وحدات القمع المتخرجة من مدارس مكافحة الشغب بالجزائر لمواجهة المتظاهرين من قبيلة الأنصار أولاد تيدرارين، الذين نهجوا أسلوبا حضاريا للمطالبة بمحاسبة من هربوا قتلة ابنهم من سجن “الذهيبية” نحو شمال مالي في مهمة استخباراتية لصالح الجبهة والجزائر.
قيادة “بوليساريو” حاولت الابتعاد بقمعها عن أعين الأجانب، الذين يوجدون بالمخيم للمشاركة في الماراثون السنوي، إلا أن الأمر خرج عن السيطرة عندما قام المحتجون بتوزيع مناشير بالإنجليزية والإسبانية على الأجانب، وترديد شعارات تتهم الجبهة بالقمع وتهريب القتلة. عندها أعطى مصطفى سيد البشير، وهو أحد قيادات “بوليساريو” الأكثر نفوذا وفسادا، خصوصا منذ وصول إبراهيم غالي للسلطة، إذ اشتهر بعلاقاته الواسعة بمافيا تجارة المخدرات والسلاح وتبييض الأموال بالبنوك الجزائرية، (أعطى) الأوامر لقواته بالتحرك نحو المحتجين لإبعادهم عن أعين الأجانب والصحافة، ما تسبب في اصطدام مباشر دُهس خلاله أحد المحتجين، وجعلها تقتحم مكان الاحتفالات، حيث تراشق الطرفان بالحجارة والقنينات، ما أدى إلى وقوع إصابات بالغة بين الطرفين، وهروب بعض القيادات من القاعة، وإنهاء الاحتفالات ونقل كل الأجانب من مخيم السمارة باتجاه مخيمي بوجدور والنخيلة.
تسارع الأحداث بهذه السرعة اللافتة أسس لمرحلة جديدة من التصعيد، لعل أبرز علاماتها وفاة جندي من “بوليساريو” يدعى عزوز محمد مولود، بالمستشفى العسكري الجزائري بتندوف، متأثرا بجراح أصيب بها في المواجهات مع الأنصار أولاد تيدرارين، الذين زادهم غبنا قمع احتجاجاتهم السلمية من قبل مهربي قتلة ابن عمومتهم أنفسهم، وعلى رأسهم مصطفى سيد البشير، الذي حول المخيمات إلى سجن كبير يبدع فيه قمع سكان المخيم، الذين باتوا في وضعية تستحق التدخل الدولي في ظل تراكم كل أنواع التضييق والقمع، من عرقلة حركة السير والتنقل، إلى الاستعباد والمعاملات الحاطة من الكرامة، واستخدام القوة المفرطة ضد المحتجين سلميا على ممارسات قيادة فاسدة فاقدة لكل شرعية.
كل هذا يحدث وسط صمت جزائري عن الوضعية الكارثية في المخيم، بل وبتواطؤ مباشر من قيادات القطاع العملياتي بتندوف، التي تحاصر المخيم من مستويات قريبة، وتوفر الحماية لأفراد الجبهة الذين يعرفون جيدا، أكثر من غيرهم، أنه لولا الحراسات الجزائرية لهم لحولهم سكان المخيم إلى غبار يستنشقه تبون هناك في حدائق المرادية.
المفارقة أنه بينما يتقدم المغرب بخطوات ثابته نحو إنماء وتطور المدن الصحراوية، وجعلها قطبا إقليميا ودوليا، يلعب فيه الصحراويون دورا رياديا في العملية السياسية والتنموية، تبدع جبهة الدمار في ذكرى تأسيس دولتها في جعل الصحراويين وقودا لمعاركها الخاسرة. الفرق كبير جدا، بل إن المقارنة لا تصح بين من لا يبخل جهدا في جعل الصحراوين في واجهة الأحداث، وفاعلين ضمن سياقات بناء الأرض وتطوير الإنسان، وبين من يقمع الصحراويين ويذبحهم ليقدمهم قرابين وفاء لأسياده.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: