معركة مغربية شاملة لتفكيك العقبات أمام سوق العمل

دخلت الحكومة المغربية معركة شاملة لتفكيك العقبات أمام سوق العمل بهدف تعزيز مستويات النمو، التي تعتمد في جزء كبير منها على دعم القطاع الخاص من خلال المشروعات الناشئة مع الإسراع في التخلص من أعباء الإنفاق على رواتب القطاع العام.

أطلقت الحكومة المغربية برنامجا شاملا يمتد لثلاث سنوات لتمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة بهدف تعزيز دور القطاع الخاص في النمو الاقتصادي وسوق العمل.

ويستهدف البرنامج تمويل أكثر من 14 ألف مشروع من أجل إلحاق قرابة 27 ألف شخص بسوق العمل، الذي تكافح الحكومة لتوسيع نطاقه لامتصاص أكبر عدد من العاطلين.

وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس قد ترأس الشهر الماضي حفل تقديم البرنامج المندمج لدعم وتمويل المشاريع (انطلاقة).

واعتبر خبراء الخطوة دليلا على حرص أعلى هرم في السلطة على دعم مناخ الأعمال بالبلاد، كما أنها تأتي ضمن جهود تعزيز مستويات النمو الاقتصادي.

وتم توقيع الاتفاقيات المتعلقة به حينها منها اتفاقيتان تتعلقان بمساهمة صندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في البرنامج.

وتتوخى الاتفاقيتان إثراء البرنامج المندمج استجابة لخطاب الملك محمد السادس، والذي شدد فيه على أهمية مواكبة القطاع المصرفي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد بشكل أكثر نجاعة.

وتمت بلورة البرنامج بشكل مشترك من قبل وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة وبنك المغرب والمجموعة المهنية لبنوك المغرب في إطار الشراكة بين الجهات الحكومية والمؤسسات المالية.

وستتيح الاتفاقيات للبنوك تقديم جيل جديد من منتوجات الضمان والتمويل لفائدة المشاريع الصغيرة جدا والشباب أصحاب المشاريع وسكان الأرياف، فضلا عن القطاع غير المنظم والشركات المصدرة.

ويشمل برنامج انطلاقة 3 منتجات موزعة على “ضمان انطلاق”، ويستهدف دعم شريحة كبيرة من رواد الأعمال، والمنتج الثاني، “ضمان انطلاق المستثمر القروي”، ويشكل آلية ضمان لطمأنة البنوك التي تمول المشاريع في القرى.

أما المنتوج الثالث فهو “انطلاق المقاولات الصغيرة جدا والصغيرة” ويهدف إلى مواكبة الشركات الصغيرة جدا والصغيرة حديثة النشأة المستفيدة من قرض استثمار قيمته 300 ألف درهم (31.2 ألف دولار).

14 ألف مشروع سيموله برنامج “انطلاقة” الذي يمتد لثلاث سنوات لتوفير 27 ألف وظيفة

وسيقدم صندوق الحسن الثاني للتنمية مساهمة بمبلغ ملياري درهم (208 ملايين دولار)، تنضاف إلى 624 مليون دولار، التي تم تزويد صندوق دعم تمويل مثل هذه المبادرات بها.

وأكد وزير الاقتصاد محمد بنشعبون أن البنوك ستمنح قروضا بنسبة فائدة 1.75 في المئة لأصحاب المشاريع، ما يشكل مجهودا بالغ الأهمية وتشجيعا غير مسبوق في تاريخ المغرب، لمواكبة العالم القروي.

وشدد على أنه ستتم عملية متابعة كل المشاريع التي ستستفيد من الدعم، وقد نظمت وزارة الاقتصاد ندوة خاصة حول آليات تتبع ومواكبة هذا البرنامج مع كل المتدخلين المعنيين به، ومنهم وزارة الداخلية والمراكز الجهوية للاستثمار والاتحاد العام لمقاولات المغرب.

وبحسب مندوبية التخطيط، تتكون بنية القطاع الخاص المغربي من 93 في المئة شركات صغيرة جدا وصغيرة ومتوسطة، بينما تمثل الشركات الكبرى 7 في المئة.

وبالنسبة إلى تبسيط الإجراءات، أبرز المدير العام لصندوق الضمان المركزي، هشام السرغيني، أن المؤسسة تشتغل بتنسيق مع القطاع المصرفي عبر نظام تفويضي بهدف تقليص مدة معالجة الملفات على نحو يضمن تلقائية منح الضمان بمجرد موافقة البنك على تمويل المشروع.

وأكد محافظ بنك المغرب المركزي عبداللطيف الجواهري أن كل البنوك جاهزة لإنجاح هذا البرنامج، مشيرا إلى أنه على المستوى الجهوي يحظى هذا البرنامج بدعم وزارة الداخلية والمراكز الجهوية للاستثمار.

وتريد الرباط من وراء تنفيذ البرنامج تقليص الفجوة بين سكان المدن والقرى وتحسين مستوى العيش في الأرياف مع العمل على خلق طبقة متوسطة قروية.

من جانبه، قال رئيس مجلس إدارة البريد بنك، نجم الدين رضوان، إن “المصارف ستقوم بمهام تأطير لدى حاملي الأفكار المبتكرة من أجل تسهيل اندماجهم المالي وإنجاح مشاريعهم، مع التركيز بشكل خاص على الاستثمار حتى تتمكن كل جهة من جهات المملكة من توفير فرص الشغل لشبابها”.

وتسعى السلطات من خلال برنامج إصلاحي شامل إلى تنويع أنشطة الأعمال من أجل كبح، قدر المستطاع، مستوى البطالة الذي تراجع بنهاية العام الماضي ليصل إلى نحو 9.2 في المئة بعد أن كان عند 9.5 في المئة، في بلد تعداد سكانه يتجاوز الأربعين مليون نسمة.

وذكرت مندوبية التخطيط في مذكرة نشرتها على موقعها الإلكتروني الأربعاء الماضي، أن عدد العاطلين عن العمل في صفوف السكان النشطين بلغ نحو مليون شخص بنهاية العام الماضي.

وأشارت المندوبية إلى أن قطاع الخدمات استوعب العام الماضي نحو خمسة ملايين شخص، أي ما يعادل 44.9 في المئة من السكان النشطين، يليه قطاع الزراعة بنحو 32.5 في المئة.

وأوضحت المندوبية، في مذكرتها حول “المميزات الأساسية للسكان النشطين المشتغلين خلال 2019” أن الذين التحقوا بقطاع الخدمات منهم نحو 34.1 في المئة يعملون في التجارة، و12.7 في المئة بمجال الخدمات المقدمة لفائدة المجتمع، و11.6 في المئة دخلوا قطاعات النقل والتخزين والاتصالات.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: